الثورة التكنولوجية التي يشهدها عصرنا هذا دخلت في كل المجالات تاركةً آثاراً واضحة وساهمت في تغيير الواقع الذي نعيشه، ومن جملة تلك التأثيرات كان لواقعنا الاجتماعي الحصة الأكبر من ذلك التأثير عبر ذلك الغزو المرعب في التطور التقني في نقل المعلومة والخبر والذي تشهده اليوم مواقع التواصل الاجتماعي والتي في كثير من الأحيان تشعرك وبكل ثقة بأنك تستطيع الاتصال بالعالم او تتعرف على كل ما يجري حولك بكبسة زر واحده،ومن خلال هذه الميزات يستطيع المرء ان يقيم الأشياء عن بعد ويستطيع ان يصدر احكاماً عليها تكون قريبة الى حدٍ ما الى المنطق،والامر الذي تزج به مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل يومي هو المعلومة او الأخبار والتي تنقل من خلالها حقائق معين تحدث في مجتمعاتنا ومن جملة هذه المواضيع والتي تنتشر بشكل واسع والتي بات تأثيرها المباشر واضحاً الا وهي الأمور التي تتعلق بالدِّين وأبطالها هم رجال وعلماء الدين كما يصفون أنفسهم، حيث يسوقون لأيديولوجياتهم التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد ان كان التسويق اليها مقتصراً عَن طريق دور العبادة والمؤسسات الدينية ليصبح الامر في نقل المعلومة افتراضياً يتأثر من خلال ذلك به كافة أفراد المجتمع ويتفاعلون معه بشكل كَبِير،ليصبح بذلك رجل الدين مسؤلاً مباشراً عن ما يصدره من ملفات مقروءة ومسموعة وغالباً ماتكون مرئيّة لايصال فكرة معينة وبكل الأحوال تكون بعيدة عن الجانب الرقابي الذي هوشبه معدوم هنا ليصبح الفرد معرضاً لموجة من التصريحات والفتاوي التي تتعلق بالامور اليومية، فالمغالطة في نقل المعلومة الخاطئة او تلك التي تحمل اغراضاً مقصودة من تلك المعلومات التي تتعلق بالامور الطائفية والتطرف والتي من شانها ان تشكل جيوشاً الكترونية منظمة لتسويق فكر معين أهدافه وأولوياته هو هدم النسيج الاجتماعي الذي هو مبني أساساً على قيم إنسانية وحضارية والشواهد على ذلك كثيرة نستطيع قراءتها من خلال قراءتنا للواقع الذي نعيشة، فجرائم القتل والتهجير والاقصاء وغيرها هي دخيلة على هذه المجتمعات اذا ما أعدنا النظر في تاريخ هذه المجتمعات وما هي نتائج لهذا الشحن اليومي المتواصل والتحشيد المدبر بإتجاه اثارة النعرات الطائفية التي تستغل الأزمات كتوقيت لبث سمومها لجعل الكثير من الناس ينضمون الى تلك التيارات ويكونوا أدوات لتنفيذ مشاريعها على ارض الواقع،لذا فان دور رجل الدين اصبح هنا سلبياً فبدلاً من ان ينتبه الكثيرين من الذين لهم مسؤلية مباشرة في الحفاض على هذه المؤسسة الدينية التي طالما دعت الى السلم والتعايش السلمي اخذوا يركبون الامواج التي وَلَدَتْ تيارات متطرفة تقتص من أفراد المجتمع وفقاً لاحكام بعيدة كل البعد عن ذلك المنظور الانساني الذي أوجد الله البشرية لأجله.
فقادة ورجال الدين عندما نصبوا أنفسهم كوكلاء للخالق واستبعدوا الجانب الانساني الذي خلقت لاجله الأديان وأخذوا يشرفوا ويرعوا هذه التيارات المتطرفة التي اصبحت تثير الرعب بين النَّاس أدى كل ذلك الى حرمان الكثيرين من حق العيش والتمتع بحياة أوجدها الله لهم ، فبالضروره هم اولئك اكثر الناس مسؤلية ويجب محاسبتهم على كل مايتفوهون به عبر كل وسائل الاتصال وهم يطلقون ويدعمون ذلك الفكر الذي من شانه ان يلوث تلك الصفوة الإنسانية التي نشترك بها جميعاً، وان كانت الحاجة الى دليل لإثبات ذلك عليهم فالنتائج التي أخذ واقعنا اليومي ينزف منها دون توقف خير دليل ولايكاد يمر عليك يوماً او ساعة إلا وانت تشهد حدثاً مروعاً تحزن به على تلك الانسانية التي غادرت نفوس الكثيرين حتى أصبح امرٌ عودتها حلماً يحتاج الى بعث جديد ينفخ من خلاله في روح مفهوم الانسانية .