طموحك ان تكون قائدا ليس بالامر السهل ٠٠ فالقيادة لاتأتي ضمن دورة تدريبية او ورشة عمل ينخرط فيها من يسعى ان يكون قائدا ٠٠ فالقيادة وفي كل الاعتبارات موهبة ومهارة تاتي مع الانسان بالفطرة ٠٠ فربة البيت ومعلم المدرسة قد يكونا قادة لكنهما يبقيان قادة ضمن الحيز المكاني الذي يشغلانه في محيط عملهما ٠٠ فلا يوجد خلاف في مباديء القيادة الناجحة ولكن يوجد خلاف في آلية ونطاق تطبيقها ٠٠ فالقائد الناجح يترجم بيان رؤيته وافكاره الى اهداف وخطة عمل تربط عمله اليومي بالنتائج المتحققة ويتابع تقدمه نحو تحقيقها ٠٠ والقيادة ليست بالضرورة ان تكون سياسية بل قد تكون مهنية فمدير مدرسة يحقق نسبة نجاح وتفوق في مدرسته هو قائد في محيط عمله والضابط الذي يمتلك قوة قادرة على فرض الامن ضمن الرقعة الجغرافية التي تخضع له هو قائد في محيط عمله ٠٠ وكذلك السياسي فهو محور مقالنا كون السياسي وخاصة من كان يتبؤ المنصب الاول في الدولة المفروض به ان يكون ملما ولو بالجزء وليس الكل بعلوم المعرفة الانسانية واول هذه العلوم معرفته بكوامن النفس والهوى والميول والاتجاهات للاشخاص المحيطين به ٠٠
صحيح لايوجد انسان متكامل لكن هذا التكامل مطلوب ان يكون ضمن حدود الاستيعاب لجزء من سيرة افراد الحاشية المحيطة به اي ان تكون الحاشية نظيفة في نقل المعلومة صحيح ان اكثر القياديين يفضلون ان تكون الحاشية المحيطة بهم من الاقارب لكن للضرورة احكام والمصلحة العامة هي سيدة الموقف ٠٠ فالحاشية وبسبب ماتحمله من امتيازات مادية واعتبارية تحاول ان تتلحس بحواف عباءة المسؤول فتعمل جاهدة على ارضاءه وفق مايدور في تفكيرها وهو المحافظة على الموقع الوظيفي الذي يعزز مكانتها الاجتماعية والسلطوية فالمسؤول وفي ضوء مهامه الكبيرة خاصة اذا كانت السلطات محصورة بيده يكون مشغولا بكم هائل من الهموم والمشاكل التي تتطلب اجابة سريعة وهذه الهموم تضع المسؤول في دوامة من التفكير تثقل كاهله على مدار ساعات اليوم وتجعله بعيد عن عملية المتابعة للعديد من التطورات المهمة التي تحصل في العالم سواء كانت اقتصادية او علمية او عسكرية او غيرها من الامور مما يضطر الى اتخاذ قرارات مستنبطة من مشورة الزبانة او الحاشية المحيطة به وهي في مجملها اقرب ما تكون ارضاءا لهوى نفس القائد او المسؤول اي تجاري مايحبه المسؤول وتتجنب مالايرتضيه او يزعجه ٠٠
هذا الكلام ليس فلسفة بل هو تاكيد لما ذكره السياسي الروسي بريماكوف عن اسباب سقوط صدام حسين .. في لقاء اجرته معه احدى القنوات الفضائية بعد فترة قصيرة من سقوطه باعتباره الشخص الوحيد الذي التقى بصدام قبل سقوط نظامه بايام وقال بريماكوف ان صدام سقط نتيجة سماعه توجيهات واراء الحاشية المحيطة به والتي غالبا ماكنت تكذب عليه مجارات لنفسيته او خوفا من مكاشفته بالحقيقة ٠٠ وقال بريماكوف ان صدام حسين عندما استفسر من قادته العسكريين عن طائرة الشبح الامريكية قال له احد افراد حاشيته وهو من القادة المقربين له وكان مسؤلا عن الدفاع الجوي ( ان الفلاح العراقي يستطيع اسقاط هذه الطائرة المتطورة ببندقية قديمة ) في حين ان هذا الكلام هو كلام منافي للواقع فاخذ صام كلام هذا الضابط محمل الجد فاخذ يتبجح في كل لقاء بان هذه الطائرة لاتشكل تهديد للجيش العراقي فسقط في الهاوية وكان جواب الضابط على صدام هو الطرق على الوتر الذي يميل اليه وهو شجاعة المواطن العراقي وقدرته على تحدي التكنولوجيا المتطورة الامريكية بسلاح شخصي قديم ٠٠ ولم يكن كلام بريماكوف محابيا لصدام كونه لايرتبط معه بصفة اعتبارية بل هو كلام موزون جاء من تجربة هذا السياسي واطلاعه على المخفي من الامور فحاشية المسؤول قد تكون وبالا عليه وتسهم في اسقاطه كونها تفكر تفكير يضع مصالحها الخاصة فوق كل الاعتبارات ٠٠ لذا يتوجب على المسؤول ان يكون دقيقا في اختيار العاملين في معيته وعدم الاعتماد عليهم في اتخاذ القرارات الستراتيجية التي تهم البلاد والعباد بالاعتماد على ذوي الكفاءات بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية ٠٠ فمتى يفهم قادتنا ان المسؤولية تكليف وليس تشريف متى.