من المفارقات الغريبة والعجيبة والمحيرة في إسبانيا؛ أن يمثّل الثور رمزا وطنينا لكل الأسبان، ويكاد يكون مقدّساً وعنوان لهوية البلاد، وفي الوقت نفسه يُترَك لموت بطيء وقاس في سبيل متعة وانتصار وهمي يدوم لبعض الدقائق.. لينتهي بمشاهد دموية مقززة؟!
هل يمكن أن تكون مشاهدة قتل الثور، وهو كائن أضعف من الإنسان، وتشجيع هذا القتل والتصفيق والرقص والغناء له، تعويضاً عن عمق خسارة الإنسان لنفسه وإحساسه بالضعف وتعويض هذا الإنهزام والضعف بمشاعر الفرح لإنتصارات وهمية زائفة؟
كثيرا منا يتابع المشهد السياسي العراقي، ويرى تبجح أغلب المسؤولين بإنجازاتهم ونجاح خططهم في وزراتهم، وكيف أنهم حققوا نسبا عالية من النجاح والتقدم والازردهار والرفاهية لشعبهم وبلدهم.. ففي بلد مثل العراق يتم تسويق الإنجازات و الإنتصارات على طريقة الماتادور الأسباني، حيث تسوق هذا الأنتصارات الزائفة, وسط تصفيق وتهليل المطبلين الذين يدفعون الثمن من جيبوبهم لفرجة تنتهي بقتلهم وإنتصار زائف من قبل الوزراء والمسؤوليين.
الماتادور العراقي؛ ونحن نتابع أغلب مؤتمراته الصحفية يسوق ومنذ عام تقريبا لإنجازا تعجزي، وإنتصار كبير تحقق في العراق، وهو رفع الصبات الكونكريتية من الشوراع في بغداد والمنطقة الخضراء، متناسيا نقص الخدمات الكبير وإنتشار السلاح في الشارع والبطالة وأنعدام فرص العمل وغياب الإستثمار، وعدم تكافئ الفرص في نيل المناصب، والمحسوبيات في التعينات وسرقة أراضي الدولة، وتجريف بساتين النخيل وحرقها، والفقر الذي ينهك كاهل المواطن، ومع هذا نجد من يصفق له من السياسين والمدونين، ويعدونها أنجازا وإنتصارا عظيما له ولحكومتة.
المشهد السياسي بات أشبه بحفلة مصارعة الثيران لكنها سيئة الأداء والإخراج.. فالجميع في سباق يومي على إبراز إنجازات وهمية، بينما تعاني غالبية الشعب العراقي من ضيق الحال ونقص الخدمات وفوضى السلاح .
الحكومة التي شكلتها أحزاب المولات لازال كل همها التفتيش عن كيفية إفراغ جيوب الناس، بحفلات و أنتصارات وهمية زائفة وسط تصفيق المطبلين، فمتى تنتهي تلك العروض الزائفة؟ وهل سنرى بصيص ضوء قادم، خاصة بعد بزوغ الأمل بإعلان المعارضة السياسية لتيار الحكمة؟
هل يمكن أن نتوقع بعدها إعلان حضر نهائي لحفلات مصارعة الثيران في العراق؟