أن يغدق السلطان على أتباعه من أجل أن يمجدوه ويهللون له بل ويُألهونه أحياناً ، فهو أمر يحدث منذ آلاف السنين ولاسيما ان كان من الطغاة والديكتاتوريين. ولكن أن يترك أتباع وموالو هذا السلطان شعبهم من أجل فتات العطايا والمنح فهو أمر مستهجن.وخاصة اذا كان الأتباع يعملون في مجال الاعلام التي هي مهنة مقدسة شريفة يحاسب من يعمل بها عن كل حرف ينطق به أو يكتبه أمام الله أولاً وأمام الشعب ثانياً.
مقدم البرامج السيد احمد ملا طلال نجح في اكثر من برنامج حتى اصبح واقرانه كلاعبي كرة القدم تشتريهم الاندية وكل موسم تجدهم في ناد. وآخر مطاف السيد طلال كان نادي الشرقية هذه القناة التي فقدت الكثير من شعبيتها التي كونتها في السنوات الاولى لإنشائها بعد ان اتهمت بالترويج للطائفية من جهة وابتزاز السياسيين والوزارات والمؤسسات ماديا من جهة اخرى.
السيد طلال متهم بولائه الراسخ للسلطان السابق الذي اغدق عليه العطايا ومنها اراضي وعقارات ، فلم يستطع ان يخرج من تحت عباءته وجلباب جماعته من امثال الحنونة وغيرها. ومن يتابع برنامجه يجده يهتف ويمجد ليل نهار لهؤلاء الاتباع وكتلتهم ويهاجم بشراسة وبدون ادنى مقدار من الحيادية والنزاهة الكتل والاشخاص المتضادين والمختلفين مع تلك الكتلة وإن كانوا على حق.
وأهم الامثلة وأقربها هو ما حدث قبل ايام في التصويت على اقالة مفوضية الانتخابات ، فاذا ما عاد السيد طلال الى متابعة فيديوات برامجه المتعلقة بهذا الموضوع فإنني متأكد بأنه سوف يندهش نفسه بما يقوله وما صاحب تقديمه من حركات جسد لا يمكن أن تصدر من شخص حيادي متزن غير مبال بهذا الفريق السياسي او ذاك. لقد سبق عملية التصويت بالتحذير في أحد حلقات برنامجه من اقالة المفوضية وأن انتخابات مجلس النواب التي بقي لها سنة من الآن سوف لن تجري وأن ذلك سيكون كارثة للبلد ، كما شكك بنوايا الجهة التي قامت بالاستجواب ، وبعد التصويت التقى في حلقة أخرى بأحد بؤر الفساد لا بل أُس الفساد والتزوير من مجلس مفوضية الانتخابات وهو من المقربين جداً من السلطان وأعطاه حلقة كاملة للحديث ومحاولة دحض جميع اسئلة الاستجواب وسانده في ذلك رغم افتعاله اسئلة الاستفهام والاستغراب التمثيلية التي غالبا ما يقوم بها ، وفي اليوم التالي التقى بالنائبة الشجاعة التميمي وكانت اسئلته وحديثه معها معاكس تماما لحلقة اليوم السابق ، فشكك بكل ما كشفته من فساد وتزوير قدمته امام البرلمان والشعب العراقي بالوثائق والدلائل التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة جانب ايفادات اعضاء مجلس المفوضين واشمئز من اغلب العراقيين . وقد استمر في نهجه التخريبي والتدميري هذا عندما قام في آخر حلقة بالتحشيد والتحذير من التصويت النهائي على اقالة مفسدي مفوضية الانتخابات الاسبوع المقبل عاداً ما تقوم به الكتلة طالبة الاستجواب بأنه يقع ضمن صفقات مع كتل واحزاب اخرى بعيدا عن حقيقة كشف الفساد وانهم استخدموا السيدة المستجوبة لتبرير اعمالهم وابتزاز الكتل الاخرى نافيا فساد من استجوبتهم ، فأي مغالطات هذه وأي ابتعاد عن الحقائق والامانة الاعلامية هذا، ولكن الشعب العراقي كان واعياً ولم يقصر معه بالردود المهينة على صفحته على الفيس بوك والتشكيك بحياديته وتذكيره بأنه بوق من ابواق السلطان ومن المسبحين بحمده ومألهيه وطلبوا منه أن يتوقف عن ذلك.
وهو بحلقات هذا البرنامج يكون قد خلط الأوراق على الشعب العراقي وساند الفساد والمفسدين وهاجم وشكك بالنزيهين والشجعان ، وهذه هي ليست رسالة الاعلام الحر الشريف ، ولا نعلم ما هو موقف قناة الشرقية من ما يقدمه لاعبها الجديد في هذا الموسم ام أن هناك تناغم مع كتلة السلطان للاستمرار بهذا النهج مقابل منافع وعطايا وكومشنات كما حدث خلال السنوات الثلاث الماضية ؟
لله درك يا عراق ، فأنت تنهار وتحترق وأبنائك يدفعون بك الى الهاوية أكثر فأكثر ويصبون الزيت على النار كلما خفتت جذوتها من أجل منافع وعطايا لا قيمة لها.