23 ديسمبر، 2024 6:41 ص

متى نكون زيناً للإسلام أيها الناس؟

متى نكون زيناً للإسلام أيها الناس؟

ليست طويلة تلك الوصية التي أوصاها الإمام الصادق (عليه السلام) لمجموعة من أصحابه حيث ورد أنه قال لنفر من الشيعة ( معاشر الشيعة كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، احفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول)
وهو بذلك يريد ممن يدعي الانتساب إلى أفكاره ومنهجه أن يكون ملتزماً بالقول الحسن الذي مآله إجبار الآخر على الاستماع في اقل الأحوال إن لم تكن نتيجته تقبله ما يُطرح من أفكار وتبنيها.
وهذا يعني بدوره مدى أهمية الكلمة الطيبة والموقف الحسن في الدعوة الإلهية، فيكون الداعي بذلك كأنه زينة يتزين بها المنهج والطريق والفكر ولا يكون وبالاً وعاراً وشناراً لمن ينتسب إليهم.
وإذ نلاحظ مدى الانحطاط في القول والتصرفات من البعض ممن ينتسبون إلى الخط الإسلامي حتى إننا نستحي من انتسابهم إلى الإسلام أو البشرية مطلقا.
فحتى في الجاهلية كانت هناك منظومة قيم يعتز بها الإنسان والقبيلة ويصعب مفارقتها والتعرض لها والخروج عليها.
بينما نجد الآن وفي ظل سيطرة الإسلام المنحرف إن الأمر تعدى كل المواقف المشينة والكلمات البذيئة والتهديدات ورفض الآخر إلى أن وصل إلى استباحة الدماء والأعراض والأموال.
ويبدو إن إشاعة الفكر المتطرف التكفيري كان له الأثر على المجتمعات الإسلامية بكل طوائفها من حيث الفعل ورد الفعل ضد هذا الفكر، حيث يمتاز هذا الفكر برفض الآخر والتكفير واستباحة الدماء والألفاظ والسلوكيات العنجهية ويتسم بالخشونة والبذاءة، وكانت ردة فعل الكثير مما يجاري هذا الأسلوب المتزمت فضاعت الوسطية بين هؤلاء وهؤلاء وذهبت الكلمة الطيبة والموقف المتسامح والرأي الحسن أدراج الرياح.
وأصبح المسلمون شيناً على الإسلام وليس زيناً له، وهكذا بدأنا نسمع كثيراً من يفرق بين الإسلام والمسلمين، أي أنه يفرق بين النظرية والتطبيق وسلوك المسلمين بمعنى أنه يقول أن المسلمين مسلمين بالانتساب فقط ( بالجنسية )وليس بالتطبيق والسلوك والمواقف.
وإذا ما أردنا أن نعود إلى رشدنا وإنسانيتنا والى العالم ليتقبلنا فعلينا في اقل الأحوال أن نترك الدعوة إلى القتل واستباحة الأموال والأعراض ونكتفي في بيان الرأي السليم الذي نعتقد به من غير أن نُجبر الآخرين على اعتناقه.
وكما يقول احد مفكري المسلمين المعاصرين بخصوص قبول الرأي الآخر بشأن أطروحاته وأفكاره (سنتعامل معه بكل بساطة وبكل سلاسة وبكل رحابة وبكل انفتاح، نقبل رأي المقابل، يريد أن يرفض يريد أن لا يرفض، يريد أن يقبل يريد أن لا يقبل،يريد أن يستخف أو يستهزئ لكن لا تكفّر ولا تحلل القتل وسفك الدماء وسلب ونهب الأموال وانتهاك الأعراض ).
إذن الخطوة الأولى تكون بالسعي الجاد للحفاظ على الأرواح والأعراض والأموال، وأنها الخط الأحمر الذي يجب أن تبتعد عنه كل الآراء والفتاوى والسياسات.