عادت صديقتي من الامارات بعد سفرة قصيرة..عندما التقينا ، لم تحدثني عن سفرتها بل عن الامارات ذاتها ..صديقتي ليست من النوع الذي يبهره كل شيء فقد سافرت الى اكثر من دولة لكنها عادت مبهورة بما شاهدته وشهدته في الامارات ..لم يجتذب اهتمامها العمران الباذخ او استخدام التكنولوجيا المتطورة في كل شيء او وجود وافدين من جميع انحاء العالم ولم تتلهف لمشاهدة النافورة الراقصة او مراكز التجميل التي تحول من ترغب و(تدفع ) من النساء ( حتى ولو كانت جكمة ) الى هيفاء وهبي او نانسي عجرم اخرى ، بل هالها مارأته من اهتمام الحكام بشعب الامارات التي حصلت مؤخرا على المركز الاول عربيا و17 عالميا في مؤشر السعادة بين الناس من حيث رضى الشعب عن الحكومة ..هنيئا لهم لأن اجمل شيء في الدنيا هو الشعور بالرضى فكيف اذا كان عن انجازات الحكومة ؟..
قبل سنوات ، وصلتني على الايميل مقارنة مصورة بين مافعله الشيخ زايد بالامارات ابتداءا من غرسه اول نخلة بيده وبين مافعله حكام العراق ببلدنا الذي يملك ثروة نفطية تفوق ثروة الامارات ..وقتها لم اشعر بالحسد نحوهم –معاذ الله – ولم استعجل الامور فقد كانت ديمقراطيتنا طفلة صغيرة في مرحلة الحضانة لذا استبشرت خيرا بزوال الدكتاتورية وتمنيت ان يأتينا الخير الوفير مع كل عام يضاف الى عمرالديمقراطية ..لم اتوقع ان يتحول العراق الى كعكة يتنافس العديدون لالتهامها او اختطاف قطعة منها مستخدمين كل الوسائل الممكنة بدءا بمساعدات دول الجوار ومرورا بالعنف والطائفية واخيرا وليس آخرا ..الدكتاتورية التي عادت بقوة لتكتسح ساحة الصراع وتتفوق على اقرانها من محبطات آمال الشعب العراقي ..
حين بدأ الشيخ زايد رحمه الله ببناء الامارات قال ان الثروة البشرية اغلى واثمن من الثروة البترولية ، وحول مقولته الى فعل حقيقي باهتمامه بثروته البشرية –شعبه – مستخدما النفط كوسيلة ..
مؤخرا ، تحدث المالكي متباكيا عن ألمه لعدم امتلاك كل العراقيين سكنا ثم اطلق وعودا بان يجعل لكل عراقي وحدة سكنية وان تكون منحة وهبة من الدولة….لااظن ان هذا الوعد الذي وجد له المالكي توقيتا مناسبا قبل الانتخابات يكفي فقد سئم العراقيون كثرة الوعود وينتظرون الافعال الحقيقية ..نعود الى بلد ( زايد ) –دون حسد عيشة – لنؤكد ان المقولة التي قالها المالكي سبق لزايد ان قالها دون تباكي لثقته بقدرته على تحقيقها ولم تمر سنوات حتى امتلك كل ابناء الامارات مساكنهم الخاصة ويحصل اليوم كل من اتم الثامنة عشرة من عمره على شقة جاهزة او قطعة ارض يبنيها بدعم من الحكومة –حسب رغبته – وقبل فترة قصيرة زاد الشيخ خليفة بن زايد من نسبة المبلغ المخصص لاسكان مواطني الامارات ليرتفع مؤشر السعادة لديهم اكثر فاكثر ..
آخر ماانبهرت به صديقتي العائدة الى دوائرنا العراقية المتخمة بالروتين والبطالة المقنعة والفساد الاداري هو قرار الشيخ محمد بن راشد بخلع ابواب المدراء العامين عموما لأنه لاحظ خلال مروره مصادفة ان هناك مدير عام اغلق عليه باب حجرته بينما ينتظر المواطنون مقابلته خارجا ..
من حق صديقتي ان تنبهر بشعب الامارات وليس من حقنا ان نحسدهم او نقارن انفسنا بهم فامتلاك الثروات الطبيعية ليس العامل الاساسي في غنى الدول وتقدمها بل الاهتمام بالثروة البشرية والطاقات الكامنة في الانسان وتمتع الدولة بحكم يؤمن بالقانون وباسعاد الشعب قبل كل شيء !!