الفقير والعاطل والعاجز عن العمل والأرملة والمطلقة واليتيم ,هذه الفئات الموجودة في كل المجتمعات في العالم حيث لايخلو مجتمع منها ولكن تتفاوت نسبة وجودهم وأعدادهم ومعاناتهم من مجتمع الى آخر,وكلما زادت أعدادهم ومعاناتهم في مجتمع ما كلما عكس سوء إدارة حكومة هذا البلد وعكس فشلها الذريع في إدارة زمام الدولة ,وبالعكس كلما قلت نسبتهم ومعاناتهم أو انعدمت كلما عكس نجاح إدارة الحكومة عملها وفي برنامجها الذي تسير عليه.
في بلدنا الذي يطفو على بحيرات هائلة من النفط ويمتلك كل أنواع الخيرات والثروات الطبيعية مازالت أعداد هذه الفئات في ارتفاع مخيف وهذا ماتؤكده التقارير والاحصائيات الصادرة من المنظمات الأممية والدولية,ومازالت معاناتهم تتزايد بشكل يومي ومستمر حيث يعانون من افتقارهم لأبسط مقومات العيش البسيط والتي كفلتها كل القوانين الدولية والإنسانية لأي انسان يعيش على هذا الكوكب.
معاناة هذه الفئات في العراق تحتاج الى مجلدات لتصف بدقة حالهم وماينقصهم وهذا ان دلّ على شيء فانما يدلّ على فشل جميع الحكومات التي تعاقبت على العراق والتي لم تضع في أجنداتها هموم هذه الفئات سوى بالشعارات الرنانة التي نسمعها في الحملات الانتخابية للسياسيين وبعض الاهتمام بهم أثناء هذه الحملات ولكن سرعان مايتسرب هذا الاهتمام ويتلاشى لانشغال السياسي بمصالحه الشخصية والحزبية ضارباً عرض الحائط هذه الطبقات المهمشة التي تُعدّ القاعدة الحقيقية لجمهوره.
كتبنا كثيراً عن هذه المعاناة حتى جفّت أقلامنا ولكن كل ماقيل ويقال هواء في شبك, مايحدث الآن في العراق خطير وهذه المعاناة ان لم يتم التعامل معها من قبل الحكومة فستكون لها نتائج خطيرة على استقرار المجتمع فالثورات الحقيقية والكبيرة في كل بقاع العالم كانت ثورات جياع حيث كانت ثورات تغيير حقيقية نابعة من الجوع والحرمان والمعاناة, وبلدنا لاتنقصه الاضطرابات والثورات حيث يعاني من أنواع الاضطرابات وعدم الاستقرار ,ومانحتاجه هو وقفة حقيقية من الحكومة ومن الطبقة السياسية برمتها وإعادة حسابات واتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة تبدأ من اتخاذ خطوات حقيقية للنهوض بالقطاع الخاص الذي سيساهم بشكل كبير في توفير فرص عملة كثيرة للعاطلين والفقراء وسيساهم في تحريك الجمود في الاقتصاد العراقي وسيقلل من معدلات البطالة والفقر في البلد, وعليها أن تتخذ خطوات حقيقية في النهوض بالقطاعات المهمة والمعطلة بقصد في بلدنا وأهمها الصناعة والزراعة والسياحة, وعليها الإسراع بالسيطرة على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية الرئيسية والأدوية والمستلزمات الضرورية التي شهدتها السوق العراقي بعد لجوء الحكومة الى قرار متسرع وخاطيء في رفع سعر الدولار وتخفيض العملة الوطنية دون دراسة عواقبه وتأثيراته على السوق وعلى المواطن البسيط ,وبقت تلعب دور المتفرج على جشع التجار واقدامهم على رفع سقف الأسعار في كل تفاصيل السوق حتى اضحى الفقير في موقف بائس وعاجز عن تلبية ابسط الاحتياجات الضرورية له ولعائلته من مواد غذائية ودواء وملابس,وهنا نتسائل متى ستتحرك الحكومة العراقية ومتى ستعيد هيبتها المفقودة ومتى ستفرض سلطة القانون وتضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بمقدرات السوق ويهدد أمن المواطن الفقير ومتى ستتدخل وتأخذ دورها المطلوب وتترك دور المتفرج الذي يراقب ويندد ويستنكر وهي التي تمتلك كل الأدوات القانونية والدستورية والتنفيذية للتغيير.