متى تنتهي أزمة الكهرباء؟, سؤال ثاقب مشروع يتوجه من عيني المواطن اينما حللت , واحراج مستمر لا استطيع ان ابعده عن نفسي ولا عن قطاع الكهرباء. لذا ارتأيت ان استعرض رحلتي خلال فترة استيزاري والتي كتبتها بتفصيل في سلسلة من المقالات المتخصصة تحت عنوان “ما حقيقة أزمة الكهرباء؟” نشر بعضها في موقع كتابات والبعض الاخر في شبكة الاقتصاديين العراقيين لتوضح حجم المعاناة التي ابعدتنا عن اكمال مسيرتنا وبرنامجها الطموح الذي لازال غير مكتمل الى تاريخه رغم مرور عقد من السنين على اطلاقه. وأجبنا فيها على كل التساؤلات المطروحة من قبل المعنيين أو من المواطنين، والتي كان لها صدى لافت للنظر وردود أفعال كثيرة. كنا ولازلنا، نتمنى على الجميع من مختصين وغير مختصين من أبناء شعبنا متابعة ما ننشره بهذا الخصوص ليقفوا على حقائق الأمور، وليكتشفوا حجم التسويف والتدليس الذي يمارسه البعض لابقاء لعراق متخبطا في أزماته من أجل مصالح سياسية او مالية. حيث ليس هناك من بضاعة جاهزة ورائجة للمنشغلين بالسياسة أو بشؤون اداء الحكومات المتعاقبة في العراق منذ تغيير النظام ولحد اليوم أكثر من موضوع مشكلة الكهرباء، خصوصا وإن هذا القطاع الحيوي له تماس مباشر بحياة المواطنين. فالبعض من هؤلاء يعرف تماما الحقائق التي تقف وراء أزمة الكهرباء، لكن اللعب على مشاعر المواطنين هي واحدة من ألاعيب السياسة، للدرجة التي أوهموا فيها شعبنا من أن وزارة الكهرباء تعمل خارج السياقات والتعليمات الحكومية دون متابعة أوتدقيق من الجهات الرقابية، ومن دون مراجعة حساباتها الختامية السنوية. وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لبناء مؤسسة كهرباء مستقلة غير خاضعة لشروط المحاصصة الطائفية وتحييدها بعد استلامنا مسؤولية وزارة الكهرباء انعكس تقاطع الكتل السياسية على هذا القطاع ، وأثرت هذه التقاطعات وبشكل واضح على تأخير تمويل مشاريع الكهرباء خاصة بعد توقيع العقود الاستراتيجية في نهاية عام 2008, حيث لم تستطع الحكومة من تنفيذ التزاماتها بسبب انخفاض أسعارالنفط عالميا في بداية عام 2009, وانعكس ذلك على تقليص الموازنة الاستثمارية لذلك العام, وهذا يعني التاخير في تنفيذ الخطة الاستراتيجية التي استعرضت في مجلس النواب في شهر شباط من عام 2007 ،والتأخير في المواعيد التي حددت والوعود التي قطعت، حيث تضمنت اضافة قدرات توليدية جديدة ليكون العراق فيها مكتفيا بتجهيزالمواطن بالطاقة الكهربائية عام 2013 ومجابهة النمو السنوي المستقبلى, لتنتهي مرحلتها الاولى في عام 2015. على ان يتم توفير التخصيصات السنوية المطلوبة بين 4-5 مليار دولار وتوفير انواع الوقود المجهزمن وزارة النفط من خلال خطة وقودية ملزمة للطرفين. لم يحصل قطاع الكهرباء على تخصيصات الخطة الاستثمارية كاملا للاربع سنوات 2006-2009 سوى مبالغ مقدارها 6,9 مليار دولار لمشاريع انتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية بضمنها تأهيل وتدريب العاملين, وليس كما ذكرت الارقام الفلكية التي اعلنها بعض السياسيين. حيث تم استثمار كافة التخصيصات الاستثمارية بالكامل وبأشراف وزارة التخطيط من خلال تبويبها ومتابعة نسب تنفيذها المادى والمالي. وتضمنت الخطة توقيع عقود مشاريع محطات انتاج الطاقة الكهربائية بسعة 15 الف ميكا واط متزامنة مع انشاء 130 محطة تحويل لشبكات نقل وتوزيع الطاقةالكهربائية. وبيّنت الخطة مقدار الطلب المتوقع على الطاقة الكهربائية الذي سيكون بحدود 20 ألف ميكاواط في العام 2015، وقدرة إنتاجية بمقدار 28 ألف ميكاواط، وبتخصيصات إستثمارية بمقدار 27 مليار دولار لإنشاء بنى تحتية جديدة من محطات إنتاج وشبكات نقل وتوزيع. وتوسعت الخطة فيما بعد الى العام 2030 بعد تكليف مؤسسة بارسنز برنكرهوف العالمية في العام 2009 لإعداد التفاصيل والتصاميم الخاصة بقطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع. والتي تم إصدارها في شهر كانون أول 2010 بخمس مجلدات نشرها موقع وزارة الكهرباء.
سقت هذه المقدمة لأبين لأبناء شعبي وللمعنيين من التكنوقراط المهنيين والتكنوقراط السياسين تجربتي عند ادارتي لملف الكهرباء للفترة 2006-2010 في حكومة منتخبة ضمت البعض من رجال التكنوقراط المهنيين والسياسيين , وما سأوضحه في تجربتي مع قطاع الكهرباء وردودي عن ازمة الكهرباء قائم على تقييم علمي وفني، وليس كما تعودوا سماعه من سياسيين يتعاطفون مع معاناة المواطنين كاسقاط فرضٍ بعيدا عن الحقائق , وأتمنى عليكم الإطلاع عليها لتتوضّح لكم هذه الحقائق والصورة الكاملة عن حقيقة ازمة الكهرباء ومن يقف وراءها، وتتعرفوا على حجم المعاناة والتضحيات التي قدمتها وزارة الكهرباء وسط مناخات سياسية غلبت عليها المناكفات والصراعات الحزبية وفي ظل نظام سياسي ينتهج المحاصصة السياسية. وبالرغم من فترة الاربع سنوات 2006-2010 التي كان نصفها مسرحا عسكريا وامنيا وقدمت فيها الوزارة الفاً من منتسبيها القياديين والمختصين قرابيناً من شهداءٍ ومصابين , تم اكمال تأهيل واعادة اوصال الشبكة الكهربائية بشبكة موحدة وطنية من زاخو الى الفاو بضمنها اقليم كردستان ولأول منذ عام 1994 , واعادة تأهيل محطات انتاج الطاقة الكهربائية العاملة بجهود وطنية والتسريع باكمال تنفيذ مشاريع الأنتاج المتلكئة و المباشرة بمشاريع جديدة, تم تحقيق زيادة في انتاج الطاقة بنسبة 47% في عام 2010 عن عام 2006 بالرغم من انخفاض او توقف انتاج المحطات الكهرومائية بسبب انخفاض مناسيب المياه في حوضي دجلة والفرات ,حيث لمس المواطن العراقي التحسن فى تجهيز ساعات الطاقة الكهربائية في الأشهر الاولى من عام 2010 ووصل التجهيز الى معدلات تصل 18 ساعة في اليوم في معظم مناطق العراق. وبسبب انخفاض اسعار النفط العالمية في بداية عام 2009, واستحقاق تسديد الدفعة الاولى لعقود المشاريع الاستراتيجية في عام 2009 لعجز الموازنة, اضطرت الوزارة بالتفتيش عن تمويل من بنوك عالمية, لم يتم الحصول على اي تمويل بسبب تقييمهم للوضع السياسي في العراق وعدم استقراريته, لذا اقترحت الوزارة الى تقديم طلب الاقتراض بحوالات خزينة من الارصدة غير المتحركة من المصارف الحكومية العراقية بقيمة 2 مليار دولار الا ان تقاطعات بعض الكتل السياسية في مجلس النواب لغايات في نفس يعقوب سببت تعطيل اصدارها بحدود سنة وهذا يعني تأخير توفير الكهرباء لسنة اخرى عن الجدول الزمني, فهل هكذا يعامل قطاع الكهرباء. اضافة الى ىسلسلة من عقبات اخرى مقصودة لاسباب سياسية من خلال تاخير فتح الاعتمادات المالية لتنفيذ عقود المشاريع. لذلك أصبح قطاع الكهرباء واحداً من بين أهم أدوات الصراعات والمناكفات والتسقيطات السياسية لكي لا يسجل النجاح بإسم هذه الكتلة السياسية أو تلك، ولا يهمهم في ذلك مصلحة الوطن والمواطن. نود هنا مخلصين أن نوضح لأبناء شعبنا جميعا، ولكل المهتمين بموضوعة أزمة الكهرباء في العراق، من أن كل تلك الخطط والجهود التي بذلت جوبهت بعراقيل ومعوقات اخرى كان في مقدمتها :
1 – عدم إيفاء وزارة النفط بإلتزاماتها بالرغم من التنسيق المباشر معها عند إعداد الخطة الوقودية، وذلك بسبب “تلكؤها وتأخرها” في إنشاء البنى التحتية الخاصة بتوفير الوقود المطلوب لتشغيل محطات انتاج الطاقة الكهربائية, ولحد تاريخه بتوفير انواع الوقود من التأخر في انشاء مصافي جديدة، وانشاء شبكة جديدة لخطوط الانابيب، واستثمار الغاز المصاحب الذي يحرق بكميات كبيرة، واستثمار الغاز الحر من المكامن الغازية ولحد كتابة هذه السطور, وتركيزها فقط على قطاع الاستخراج النفطي من خلال جولات التراخيص . حيث لازال انتاج المشتقات النفطية للمصافي العاملة لاتلبي الحاجة التشغيلية لمحطات انتاج الطاقة خاصة بعد تضرر اكبر مصافي العراق في بيجي من قبل زمر داعش الارهابية, وإنعكس ذلك سلبا على انتاج الطاقة الكهربائية. لتضطر وزارة الكهرباء باستيراد كميات من زيت الوقود الكازاويل بمعدل 3 مليون لتر في اليوم لتشغيل المحطات الغازية لعدم توفر الغاز الطبيعي. ولإهمية تامين الغاز الطبيعي لتشغيل هذه المحطات باتاحة وكفاءة عاليتين، قدمت وزارة الكهرباء في حينه عدة مقترحات لإستثمار حقول المنصورية والسيبة وعكاز الغازية لصالح وزارة الكهرباء التي جوبهت بالرفض من قبل وزارة النفط , لذا اضطرت وزارة الكهرباء في عام 2010 على التفاوض مع الجانب الايراني لتجهيز بعض المحطات الغازية التي تم انشاءها من قبل وزارة الكهرباء ضمن العقود الاستراتيجية في المنطقة الوسطى والجنوبية من خلال انبوين يجهزان المحطات الغازية في المنطقتين الوسطى بكميات تصل الى 800 مليون قدم مكعب قياسي باليوم والجنوبية بكميات تصل بمقدار 1000 مليون قدم مكعب قياسي باليوم من الغاز الطبيعي ولفترة محددة ولحين استثمار مشاريع استثمار الغاز المصاحب لانتاج النفط واستثمار الحقول الغازية ضمن جولات التراخيص في عام 2014 والتي لم تكتمل لتاريخه. حيث ان انتاج الغاز المصاحب للانتاج النفطي في الحقول الجنوبية وكركوك يبلغ اليوم بمقدار 2800 مليون قدم مكعب قياسي, وتحرق كميات بمقدار 1700 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم وهذا يكافئ انتاج طاقة كهربائية من محطات غازية بسعة 5500 ميكا واط ويكافئ ايضا انتاج كميات من النفط الخام بمقدار 194 الف برميل يومياً وحسب النتائج المنشورة الصادرة عن وزارة النفط. وهذا يعني نزف مستمر جراء حرق المزيد من الغاز الطبيعي المصاحب, في ظل سياسة نفطية غير واضحة الاهداف بعيدا عن سياسة رسمت لقطاع الطاقة في اجتماعات لجنة الطاقة الوزارية ومثبتة في الخطة الوقودية المتضمنة في الخطة الاستراتيجية لوزارة الكهرباء . وحسب الدراسة المقدمة من قبل الاستشاري بارسنز برنكرهوف المتضمنة في خطة وزارة الكهرباء الموسعة الصادرة في شهر تشرين الثاني عام 2010 , سيكون مقدار الطلب للطاقة الكهربائية في عام 2020 بحدود 25 الف ميكاواط التي تتطلب توفير الوقود الغازي لتشغيل القدرات المؤسسة لمحطات الانتاج الغازية بمقدار 6000 مليون قدم مكعب قياسي يوميا , وسيكون مقدار الطلب للطاقة الكهربائية في عام 2030 بحدود 40 الف ميكاواط ,والتي يتطلب فيها تأمين الوقود الغازي بمقدار 8000 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم كحد ادنى لتشغيل محطات الانتاج الغازية. وتبين الدراسات المفصلة، حسب التقارير الرسمية المثبتة للسنوات الماضية، بأن الغاز الطبيعي الحر المنتج محليا في العراق بنوعيه الغاز المصاحب لاستخراج النفط والغاز الطبيعي المنتج من الحقول الغازية لا يكفي لإنتاج الطاقة الكهربائية في الوقت الحاضر، أو أي وقت في المستقبل المنظور. إن الظاهرة الغريبة في السياسة النفطية في الرغبة لتصدير الغاز الطبيعي العراقي إلى الخارج، رغم حتمية عدم كفايته لاحتياجات البلد الكلية إضافة لحاجة توليد الكهرباء، هي ليست وليدة اليوم، بل استمرارية لما قامت به الإدارات العراقية السابقة خلال العقد الأخير وان كانت الدوافع لهذا التصرف تُعدّ لغزا يتطلب الحل. وتعهدت وزارة النفط مؤخرا تصدير الغاز العراقي إلى الكويت بكميات تصل إلى 200 مليون قدم مكعب قياسي باليوم. ان وزارة النفط مدعوة الى اعلام الرأي العام بالخلفيات والحسابات الاقتصادية، وحتى المنطقية، التي تبرر تصدير الغاز العراقي إلى الخارج حاليا أو في أي مستقبل منظور والمباشرة بالغاء الاتفاقيات الموقعة السابقة والحالية في تصديره. في الوقت الذي ارتبط فبه العراق بعقدين قابلة للتجديد لاستيراد الغاز الطبيعي الايراني. فالسؤال هو: كيف سيتم تامين تشغيل محطات الطاقة الكهربائية بانواعها بضوء تفرد قطاع النفط في سياسة الطاقة وامنها القومي؟.
2- بعد مغادرتي الوزارة في عام 2010 , انحرفت وزارة الكهرباء عن برنامج الخطة المركزية التي تم اطلاقها في شهر تشرين الثاني عام 2006 بمؤتمر دولي وتم استعراضها في مجلس النواب في شباط عام 2007, وتوسعها الى العام 2030 من خلال تكليف مؤسسة بارسنز برنكرهوف العالمية. خاصة بعد تعاقد الوزارة وبتوجيه من لجنة الطاقة الوزارية في العام 2011 مع شركتين أحداهما كندية والاخرى ألمانية، لتجهيز ونصب محطات (ديزل) بسعة اجمالية بمقدار 5000 ميكاواط موزعة على 25 موقعا، أي بسعة 200 ميكاواط لكل موقع. لا نريد هنا التعرّض لموضوع العقدين المشار إليهما من الجوانب التعاقدية واللذين تم الغاءهما لاحقا بعد التحقق بكونهما عقدين ابرما مع شركتين غير متخصصتين “وهميتين”، ولكننا سنوضح للمعنيين والمهتمين، نوع هذه المحطات والجوانب الفنية والإقتصادية من حجم الصفقة و نوع هذه المحطات, حيث انه لا توجد مؤسسة كهرباء دولية في طور البناء ان تقدم على نصب محطات ديزل بهذه السعة في وقت كانت فيه وزارة الكهرباء العراقية قد تعاقدت في الاعوام 2006-2010 مع شركات عالمية رصينة لإنشاء محطات إستراتيجية “بخارية وغازية كبيرة” بسعة 15 الف ميكاواط ، مع تهيئة كافة مستلزماتها من تخصيصات مالية ومواقع جغرافية وتصاميم ومعدات مجهزة من مناشيء عالمية معروفة ومتخصصة، إضافة الى اعتماد شركات مؤهلة لتنفيذها، مع الأخذ في الإعتبار أن كل ما تقدم مبني على دراسة الجدوى الفنية والإقتصادية التي تم إقرارها من قبل لجنة الطاقة وهيئة المستشارين في مجلس الوزراء. أما محطات “الديزل” بشكل عام ، فإن بناءها ونصبها يكون اساسا لغرضين محددين، الأول لتجهيز الطاقة الكهربائية لمناطق معزولة وغير مرتبطة بالشبكة الوطنية، والثاني هو ربطها بالشبكةالوطنية الكهربائية فقط للتغذية الإضطرارية خلال فترات حمل الذروة أو في حال حدوث طاريء يؤدي الى نقص في إنتاج الطاقة الكهربائية لفترات محدودة، بمعنى أنه لا يمكن إعتمادها كحمل أساس في المنظومة الكهربائية. بالإضافة الى عدم إستقرارية عملها في حال تذبذب انتاج المنظومة الكهربائية لاسباب فنية. علاوة على التكلفة المالية الإستثمارية العالية لهذه المحطات، والتي تتراوح ما بين 1.2 الى 1.5 مليون دولار لكل ميكاواط!، ان التكلفة التشغيلية لها هي الأخرى مرتفعة جدا, حيث ان تشغيل المحطات المذكورة يتطلب توفير زيوت “التزييت” وحسب تعريف كمية استهلاك الزيت ” برميل زيت سعة 220 لتر / يوم لكل وحدة انتاج بسعة 10 ميكاواط “، وهذا يعني انه يتطلب توفير زيوت بكميات 100 ألف لتر يوميا للسعة المتعاقد عليها والبالغة 5000 ميكاواط, بكلفة تقدر بمليون دولار يوميا حيث ان معدل سعر اللتر الواحد من هذه الزيوت بمقدار 10 دولار، وبـكلفة كلية بمقدار 365 مليون دولار سنويا. وتعتبر ارقام كبيرة جدا كاحدى مفردات الكلفة التشغيلية الكلية. اضافة الى ذلك ان هذا النوع من المحطات تشتغل على الوقود الثقيل وبكمية إجمالية تصل الى 25 الف طن يوميا، وهذا يتطلب توفير إسطول بعدد 3×1000 صهريج بسعة 25 طن لكل صهريج يوميا مع تهيئة طرق سالكة داخل المدن، لتتمكن من ملئ ونقل وتفريغ هذه الكمية, التي تعجز عن تحقيقه أي مؤسسة نقل متخصصة, ولا نعرف السبب وراء هذا الإصرار على شراء وتنصيب هذه المحطات، مؤكدين ثانية أنه لا توجد شركات رصينة قادرة على تصنيع أوتجهيز مثل هذه السعات في الفترة الزمنية التي حددت لها. ان العمر التشغيلي لهذه المحطات لا يتجاوز الأربع سنوات وبحسب تجارب وزارة الكهرباء العراقية بمحطات الديزل. اضافة الى طول فترة تنصيب هذه المحطات مع شبكاتها الكهربائية نسبيا ، وهو بالتأكيد خارج التوجه العام المعني بتقليص الفترة الزمنية للوصول للإكتفاء المنشود من الطاقة الكهربائية. بالإضافة الى العديد من الإشكالات الفنية والمالية الأخرى المتعلقة بهذين العقدين. وكنا نأمل أن تتوجه الوزارة الى إستثمار الزمن المهم والاسراع في إنجاز ما بدأت به الوزارة سابقا في بناء المحطات الاستراتيجية المتعاقد عليها ضمن الخطة الإستراتيجية التي وضعت وفق برنامج زمني دقيق خطط له وبفترات انجاز زمنية قياسية على أن تدخل هذه المحطات حيز التشغيل والانتاج في العام 2013. وبالرغم من ارسالنا التوضيح بشان عدم الجدوى بنصب محطات الديزل. تعاقدت الوزارة مع شركة اس تي اكس الكورية بشراء ونصب محطات ديزل بسعة اجمالية 900 ميكاواط, والتي لم تعمل بأكثر من اربعة سنوات بالرغم من تشغيلها وصيانتها من قبل كادر من الشركة المجهزة الكورية بعقد كلفته اكثر من 40 مليون دولار سنويا. ” أليست هذه المشاريع هي نتاج لنظام سياسي ينتهج مبدأ المحاصصة السياسية من طائفية وعرقية” ؟.
3-التاخير بتنفيذ تنصيب وتشغيل عقدي المحطات الغازية بسعة 11 الف ميكاواط كمرحلة اولى بدورة بسيطة, وحسب البرنامج الزمني الدقيق المرفق في الخطة الاستراتيجية والمتزامن مع الجدول الزمني لوصول معدات المحطات, اضافة بعدم الالتزام باعتماد قائمة الشركات العالمية المتخصصة في اعمال تنفيذ وتنصيب محطات الانتاج الغازية المؤهلة والتي تم ترشيحها من خلال مؤتمرين دوليين بالشركات المتخصصة بتنفيذ مشاريع تنصيب المحطات, والتعاقد مع شركات غير مؤهلة فنيا وماليا مما تسبب في تاخير تنفيذ وتشغيل المحطات ولازالت محطتي الناصرية والسماوة غير منفذتين بسبب مغادرة الشركات المنفذة عملها لعدم كفائتها ولازالت بعض المحطات غير مكتمل التنفيذ ولم تحسم فيه نقاط خلافها مع الجهات المنفذة. اضافة الى ذلك تم توقيع عقد محطة غازية كبيرة ومنذ اربع سنوات لازالت معداتها مركونة في مخازن الوزارة, وكان بالامكان ان تستثمر تخصيصاتها في حينه لاكمال المشاريع الغيرمنفذه الى تاريخه اويتم نصبها في مواقع بديلة كونها مرتبطة بالشبكة الوطنية الموحدة لتجهيز المحافظات المتضررة نتيجة الاعمال الارهابية.
4-فرضت على وزارة االكهرباء في عامي 2014 و2015 أربعة مشاريع انتاج استثمارية بسعة اجمالية بمقدار 8340 ميكاواط لانتاج الطاقة الكهربائية خارج السياقات الفنية والقانونية التي وضعت من قبل الشركة الاسكتلندية آي بي أي المتعاقدة معها الوزارة في عام 2009 والمتخصصة في بناء المنهاج الاستثماري لقطاع الطاقة الوطني والذي تم استعراضه في مجلس الوزراء وفي ندوة تخصصية وتم الاعلان عن الرقعة الاستثمارية الاولى لمشاريع محطات غازية بدورة مركبة وقبل مغادرتي الوزارة في عام 2010, ملزمة بالخطة الوقوية المعتمدة مع وزارة النفط والتي لم تتحقق لحد تاريخه , مما اضطرت وزارة الكهرباء مؤخرا وبعد توقيع عقود المشاريع الاستثمارية الاربعة, ولالتزامات تعاقدية مع الشركات الاستثمارية التي تتطلب فيه ان توفر وزارة لكهرباء كميات الغاز اللازمة لتشغيل المحطات الاستثمارية وذلك باستخدام الغاز المجهز والمستورد من جمهورية ايران الاسلامية والمخصص والمتعاقد اساساً لتشغيل محطات انتاج الطاقة الغازية التي تم تنفيذها ضمن خطة الوزارة الاستراتيجية ولفترة محددة ولحين توفير كميات الغاز المنتج من وزارة النفط في عام 2014 وحسب الخطة الوقودية, مما تطلب الاستمرار في تشغيلها على انواع الوقود البديلة بكفاءة منخفضة وبكلف تشغيلية عالية. فماهي الجدوى من تنفيذ مشاريع الاستثمار في بيئة غيرمهيئة استثمارياً ومنها عدم توفير الوقود الملائم لتشغيلها . ومالذي تحقق من اضافة قدرات توليدية جديدة من مشاريع استثمار غير مدروسة تعطل فيه قدرات انتاجية متاحة لمحطات الانتاج العاملة, فهل كان هدف التعاقد لهذه المشاريع الاستثمارية هو اعلامي سياسي للانتقال الى الاقتصاد الاستثماري ام لعدم المعرفة بتبعات التعاقدات كونه سيستنزف الموازنة التشغيلية وبمبالغ شراء تصل الى اكثر من ملياري دولار سنويا من شراء الكميات المنتجة تعاقديا غير متضمنة كلف الوقود المجهز وباسلوب شراء ملزم خذ / ادفع والتي لايمكن تحقيقها من ايرادات الجباية لاسباب فنية ومالية وادارية وهذا ما اشار اليه تحفظ المعنيين من قياديي الوزارة بتقرير مقدم الى لجنة الطاقة الوزارية حول طريقة وآلية الاستثمار في بيئة غير مهيئة استثمارياً.
نلفت هنا عناية المواطن والمهتمين بموضوعة أزمة الكهرباء، انه على الرغم من الجهود التي بذلت لبناء مؤسسة كهرباء مستقلة غير خاضعة لشروط المحاصصة الطائفية والسياسية وتحييدها بعد استلامنا مسؤولية وزارة الكهرباء, التحقت الوزارة بعد مغادرتي لها بركب مؤسسة المحاصصة السياسية والعرقية والطائفية اسوةً بزميلاتها من الوزارات والهيئات لتكون جميعها متجانسة ومتوازنة في النظام السياسي الذي يتمخض في ولادة ازمات ومنها ازمة الكهرباء . النظام الذي تعرض مؤخرا لمحاولات اصلاحية محدودة التاثير ولكن سيكون لها وقعاً اكبر بتفاؤل في المرحلة القادمة لانها ستكون محرجة لكيانه واستمراره. مع أننا سبق ولا نزال سباقين في التحذير من حدوث الأزمات في تجهيز الطاقة الكهربائية واداء قطاع الصناعة النفطية وشحة الايرادات المائية لحوضي دجلة والفرات كونهما محوران مهمان مشاركان في صناعة الطاقة الكهربائية , وذلك من خلال كتابة ونشر العديد من المقالات وظهورنا في العديد من اللقاءات والمشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية المتخصصة حول أزمة الكهرباء ومعالجتها ، وأجبنا فيها على كل التساؤلات المطروحة من قبل المعنيين أو من المواطنين والتي كان لها صدى لافت للنظر وردود أفعال كثيرة، بإستثناء بعض المعنيين وكتلهم السياسية الذين يتجنبون الحديث عن هذه الأزمة حتى لا ينكشف الخلل في إداراتهم للنظام السياسي والاداري المستحدث.
وكذلك سبق وان حذرنا من خلال رسائل شخصية وجهناها الى دولة رئيس الوزراء إبتداء من 7 تشرين ثاني عام 2014، وحتى آخرها في 10 آب 2015!.
ويحق لنا بعد ذلك أن نتساءل بكل صراحة :
هل أدرك أبناء شعبنا اليوم الحقائق التي تقف وراء ازمة الكهرباء والتي يعاني المواطن من وطأتها في صيف قائض وطابور من المعاناة؟