الجميع راقب أحداث ويراقب معطيات الزيارة الأولى للسيد العبادي الى واشنطن لما لهذة الزيارة من أهمية بالغة في الوقت الراهن على العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام .
الولايات المتحدة أرادت أن تؤكد من خلال برنامج الزيارة أنها داعم حقيقي للسيد العبادي طالمة يرأس حكومة شاملة لكل العراقيين ويحافظ على وحدة العراق أرضآ وشعبآ رغم المصاعب التي تواجه حكومته ومنها حربها ضدالارهاب, نقص الموارد المادية التي يمربها العراق بسبب انخفاض اسعار النفط وسلبيات الادارة السابقة .
السيد العبادي أراد أن يؤكد لشركاءه وحكومات الدول المجاور أنه رجل المرحلة في العراق ومقرب من الأدارة الأمريكية , لذا اعلن قبل سفره الى واشنطن انه سوف يطلب مساعدات عسكرية من أمريكا تقدر بمليارات الدولارات تتضمن طائرات أباتشي وطائرات بدون طيار وعتاد وأسلحة مختلفة وسوف يتم دفع اموال هذة الصفقة بالأجل من اجل تدعيم قوة الجيش والشرطة العراقية لمواجهة داعش وكان الرجل يراهن على موافقة أمريكا على طلبه .
المفاجاة ان السيد العبادي لم يقدم طلب شراء السلاح وهذا ما أعلنه وأكد عليه جوش ارنسيت متحدث البيت الأبيض , بل الذي حدث هو أن أوباما اكتفى بتقديم 200 مليون دولارمساعدات انسانية ودعم سياسي واضح للعبادي . حيث أكد الأخير أن العراق أستعاد عافيته بدعم التحالف واستعاد حوالي ربع الأراضي التي كانت تحت سيطرة داعش . وأضاف أوباما خلال أجتماعه مع العبادي في البيت الابيض ” أن علاقة الجوارلها أهمية وان الحشد الشعبي هو الذي أوقف تقدم داعش ” وهي إشارة الى دور أيران وبعض قيادات الحشد الشعبي” وأكد أيضآ ” أن على جميع المقاتلين والفصائل والجهات التي تقاتل داعش يجب أن تكون تحت قيادة العبادي وان تحافظ على السيادة الوطنية للعراق ” . وهذة رسالة واضحة لعدم ممناعة أوباما من تدخل أيران في الحرب ضد داعش ودورالحشد الشعبي شريطة أن تكون تحت مظلة القائد العام للقوات المسلحة, وهو ايضآ مطلب المرجعية الدينية في النجف الأشرف, ورد واضح وصريح لكل من يرفض دور أيران و الحشد الشعبي في هذة المعركة .
من المتابعة ومن مصادر مقربة لهذة الزيارة تأكد لنا ان عدم تقديم طلب التسليح جاء بناء على نصيحة قدمت للسيد العبادي كون طلبه سوف يرفض لأن هذا السلاح وحسب الأدارة الأمريكية سوف لن يبقى بيد الدولة بل سوف يصل أما الى أيادي الحشد الشعبي والذي تسيطر عليه أيران أو سوف يصل الى أبناء العشائر والتي لا تطمئن لهم أمريكا وينتهي بيد داعش, لذا تم أقناع السيد العبادي بعدم تقديم الطلب .
هذا و أطلعت الأدارة الأمريكية السيد العبادي على خطتها الجديدة التي سوف تنفذها مع قوات التحالف قريبا في العراق لدحر داعش, والتي بدأت ملامحها بالظهورعبرالمناورة العسكرية بين السعودية ومصر والتي سيضاف اليها الأردن عند التنفيذ , والتي بدورها سوف ترسم ملامح مرحلة ما بعد داعش .
صديق صديقي …. صديقي
أمريكا تعاني من مأزق كبير وهو سوء العلاقة بين أهم حليفين لها في المنطقة وهما العراق والسعودية وتعمل كل ما بجهدها على أن تكون هذة العلاقة بأفضل أشكالها. وسبب سوء العلاقة بين الطرفين هوالأنتماء المذهبي. أمريكا لا تهتم بالأنتماء الديني أوالمذهبي في أقامة علاقاتها, ما يهمها هو قربك أو بعدك عن سياساتها ومصالحها الإستراتيجية.
أمريكا ورغم تأيدها ودعمها للسيد العبادي , لم تسمح له بتجاوز الخطوط الحمراء , حيث ذكر العبادي في بلير هاوس، مقر اقامة الضيوف في البيت الأبيض لكبار الشخصيات الزائرة ” ان الحملة السعودية والقتال في اليمن خلق مشاكل إنسانية ضخمة” وأضاف ” لا يوجد منطق على الإطلاق لشن هذة الهجوم في المقام الأول، مشكلة اليمن هي داخل اليمن “. كل هذا يعتبر ضمن المسموح حيث كان يحاول أن يطمئن أيران أنه يشاطرها الهم من جراء عاصفة الغضب, ولكن ما أغضب الأدارة الأمريكية هو عندما ذكر السيد العبادي ” أن إدارة أوباما تتفق مع مخاوفي بشأن الحملة السعودية وأن السعودية غير متساعده بأيقاف هذة الحملة “.
الرد الأمريكي جاء سريعآ جدآ , حيث نفى أليستر باسكي المتحدث بأسم مجلس الأمن القومي أن الرئيس أوباما قد أعرب عن قلقة إزاء الحملة الجوية السعودية , وأكد ان الرئيس لم ينتقد السعودية أومجلس التعاون الخليجي ولم يناقش هذا الموضوع مع السيد العبادي , وان الصراع في اليمن ليس صراع حدود ولا يمكن حله إلا بالحوار السياسي . وتبعه بساعات رد سريع من قبل سفير السعودية في واشنطن عادل الجبير يوضح دور السعودية وأسباب الحملة الجوية التي تقودها في اليمن ضد الحوثيين.
وكان هذا التصريح هو أزعج موقف في الزيارة.
أمريكا أرادت أن تختبرموقف العبادي أتجاه حلفاءها في المنطقة وتتأكد من أنه لا يخضع للأرادة الأيرانية .لذا جاءت حكمة العبادي الدبلوماسية بردآ سريعة ومن خلال موقفين , الاول مع مجموعة من الصحفيين والثاني أثناء لقاءه مع أبناء الجالية العراقية في أمريكا . حيث أكد السيد العبادي خلال اللقائين أنه طلب من أيران خلال زيارته لها أحترام السيادة العراقية و أن تمنع ظهور قاسم سليماني في ساحات المعارك مع داعش, فكان رد ايران أنها لا تستطيع أيقاف ذلك, فكان رد العبادي أن ظهور سليماني في المعارك يعتبر سرقة للدماء العراقية وتجاوز للسيادة العراقية, ولكن أمريكا أوصلت رسالة صارمة بهذا الشأن الى أيران . وفي لقاءه مع أبناء الجالية جاء في حديثه ” اقول لأبناء الرمادي وحديثة وعامرية الفلوجة والمناطق التي صمدت انني لن اتخلى عنكم وساقف معكم وان الانتصار سيكون للعراق والعراقيين “.
خارج إطار الزيارة
يجب أن نؤمن أن أمريكا هي اللأعب الأقوى في المنطقة وأنها تمسك بكل ملفات المنطقة وان الشعارات الأسلامية ( الشيعية اوالسنية ) اوشعارات القومية العربية الرافضه للتدخل الأمريكي في العراق والمنطقة سوف لن تؤثرعلى تخطيط أمريكا للمنطقة, وأن هذة التقيم ليس دفاعآ عن أمريكا بل هو الحقيقة ويجب أن نعي ذلك بوضوح. يضاف أن أمريكا هي الأقوى عسكريآ على المستوى الدولي وتستطيع لوي ذراع من يقف بوجهها , وها هي روسيا و ايران والصين ترزخ تحت عقوبات أمريكا وحلفائها . ملف أيران النووي وسعيها لدورمؤثر في المنطقة بيد أمريكا, ملف روسيا وأحتلالها لمناطق من أوكرانيا والغاز المصدر الى أوربا بيد أمريكا, الصين وملف حقوق الأنسان وتعويم العملة والعولمة ملف بيد أمريكا , داعش ومَن يدعمها والأنظمة الأستبدادية والصراع الطائفي في الشرق الأوسط بيد أمريكا … كل هذة ملفات مترابطة مع بعضها البعض وحلولها لا تتم إلا بموافقة أمريكية وبتوقيت أمريكي .
العراق والعملية السياسية ومستقبل العراق ما بعد داعش هو ذروة السنام في سياسة أمريكا, وملف العراق ملف متداخل مع الملفات الأنفة الذكر , ويتأثر الملف العراقي بشكلآ او بأخر مع الأحداث العالمية لذا فانه يطبخ على نارآ هادئ بغض النظر أذا كان طباخ البيت الأبيض من الجمهوريين أوالديمقراطيين . أمريكا لا تريد ساسة يرقصون على الحبال , بل أنها تبحث عن شركاء أقويا صادقين تستندعليهم و يستندون عليها يتفاعلون معها من منطلق عراقي واضح لا من منطلق شيعي- سني – كردي.
العراقي – الشيعي الذي يعتبر نفسه المضطهد الأول في زمن النظام السابق والذي راهنت أمريكا عليه ليكون حليفآ لها وسلمته مقاليد الحكم التي حرم منها منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة خذل أمريكا والتحق بالجارة أيران , وأخذ يرقص على إيقاعات صراعاتها الخارجية وطموحاتها القومية دون وعي أو تفكيربل الأنتماء الطائفي هوالذي يدفعهم في هذة العلاقة .
العراقي – السني يكره أمريكا لأنه يعتقد أنها جردته من الحكم وأصبح دوره محدد بعدد ما يحصل عليه من مقاعد في البرلمان من خلال الأنتخابات , لذا يرى أن أمريكا سلبت حقه من قيادة الدولة مما دفعه الى الأنتقام والسعي لعودة عقارب الساعة الى الوراء والتغني على أطلال النظام السابق .
العراقي – الكردي الذي هو بين خوف الماضي وقلق المستقبل وبين الصراعات السياسية والحزبية على طول وعرض كردستان الكبرى. هو الأخر يهدد أمريكا بين الحين والحين بالأنفصال عن العراق ما لم تحقق له حلمه المنشود بدولة مستقلة .
لكن أمريكا لاتزال تراهن على صحوة الشعب العراقي وتؤكد ان العراق ليس اليمن ورغم ذلك سوف لن تسلم العراق أي سلاح إستراتيجي حتى لو كان سلاح دفاعي .
أشتدي ياأزمة تنفرجي **** قد آذن ليلك بالبلج
الأزمة في العراق مستمرة وعلى جميع الأصعدة, الأحتراب السياسي بين الكتل, االمناكفات والتسقيط بين الساسة من أجل الماكسب الشخصية , تفشي الفساد المالي والأداري, الأزمة المالية, الحرب مع الأرهاب, تدخل دول الجوار في الشان العراقي , وأهم هذة الأزمات هوعدم أكتراث الشارع العراقي لما يجري من حوله . التغير وللاسف سوف لن يكون على إيدي عراقية كما تتمناه شريحة من المراقبين للشأن العراقي, وأمريكا سوف لن تنتظر طويلآ صحوة العراقيين من أجل تصحيح مسار العملية السياسية, بل هناك أكثر من خارطة طريقة تعمل أمريكا مع حلفائها لتنفيذها في العراق وسوف يصحى الساسة وأبناء العراق على تغير جديد ولكنه أكثر شدة من تغيرعام 2003 .