18 ديسمبر، 2024 8:24 م

متى تدفن أمريكا جثتها في العراق ..؟

متى تدفن أمريكا جثتها في العراق ..؟

يرى الكثير من المراقبين والسياسيين الدوليين ، أن المشروع الديمقراطي الامريكي ،الذي أرادت تسويقه في العراق، بغزوها عام 2003، قد مني بالفشل والفضيحة، والذي يرقى الى جريمة إبادة جماعية لشعب حضاري عريق عمره 8 الاف سنة ، تم تدمير دولته ونظامه وقتل الملايين من شعبه، وهجر الملايين ، إستنادا الى كذبة مررها عميل أشر لها ، ناهيك عن السيناريوهات المعدة سلفا ،على وفق فكرة برنارد لويس ،في تقسيم دول الشرق الاوسط إنطلاقا من العراق، بآلة التقسيم الطائفي والقومي والعرقي والإثني ،وصولا لمشروعها وحلمها الشرق الاوسط الكبير ،وهكذا كان غزو وتدمير العراق، أرضا وحضارة وتاريخ وشعب ، ومنذ ذلك اليوم المشؤوم للغزو، والعراقيون يعيشون حربا طائفية ،وصراعا مع الاحزاب الطائفية التي جلبها الاحتلال،والتي سلمتها حكومة المجرم بوش الحكم ،على أساس المحاصصة الطائفية القذرة والدستور الطائفي المفخخ بروح الانتقام،التي أنتجت حكومات فاسدة طائفية فاشلة ،أوصلت البلاد الى قاع الافلاس والخراب والدمار، والإحتراب الطائفي والفشل السياسي ، وأفرزت ظاهرة العنف الطائفي الوحشي، المتمثل بتنظيم داعش والميليشيات كوجهين لعملة طائفية واحدة وقذرة ،اليوم وقد وصلنا قاع الخراب بأبشع صوره، على يد أحزاب كل ولاؤها لايران وولي الفقيه ، نرى أن الادارة الامريكية بإدارتها الجديدة، الرئيس ترمب وطاقمه من الجنرالات المخضرمين، قد أدركوا وأيقنوا الكارثة، وعمق الفشل ،الذي رافق مشروع امريكا القذر في العراق ، وإن من قطف (النصر) وثمرته هو إيران ولا غيرها في المنطقة ، وما ظهور وتغول ميليشياتها في المنطقة، إلا علامة على إعلان نصرها المزعوم، ولو بأداة أمريكية ،وأذرع عراقية تابعة لها ،مولتها وسلحتها ودربتها في معسكراتها ،لتكون لها اليد الضاربة في المنطقة، وصولا لتحقيق هدفها وحلمها ومشروعها الديني التوسعي الكوني، في إقامة الامبراطورية الفارسية ، وها هو حلمها يسير بخطى ثابتة نحو التحقق ،بفضل الفشل الامريكي عسكريا وسياسيا وإعلاميا في المنطقة ، لهذا أعلن الرئيس ترمب إصراره على (التغيير الجذري).

وتصحيح المسار مهما تكن التضحيات ،حتى لو كانت بالمواجهة العسكرية مع ايران ، وهكذا أعلن الرئيس ترمب خطته وإستيراتيجيته العسكرية ،بمباركة وتخطيط البنتاغون ومجلس اليوخ الامريكي ،وهكذا أرسل مستشاره وصهره جاريد كوشنير الى العراق لعرض الخطة وتبليغها لحكومة العبادي والاحزاب ، وهي بإختصار (تحجيم وإنهاء دور أيران وحل الحشد ودمجه في الجيش والشرطة، وحل الميليشيات وتسليم سلاحها للحكومة ، واعادة هيكلة الجيش والاجهزة الامنية والشرطة واجراء مصالحة وطنية حقيقية والغاء قرارات بريمر)، وهذا كله متفق عليه مع العبادي الشريك(الجيد) لامريكا ورجلها في العراق، والموعد الانتهاء من معركة الموصل ، وهاهي ملامح التغيير الجذري تسير بسرعة كبيرة ، قد لانتوقعها أبدا ،وأولى ملامحه هذه هي، عودة الجيش الامريكي وبآلالاف الى العراق، وبناء (11) قاعدة عسكرية جاهزة الآن للطوارىء، وإنتشار قوات النخبة الامريكية(الدلتا) في بغداد والعراق ، وواجبها التصفيات والاغتيالات للرؤوس الكبيرة الخطرة ، وإقتراب المواجهة الامريكية مع إيران ،أصبح قاب قوسين وأدنى في الخليج وباب المندب، تزامنا مع الانتهاء بطرد داعش في العراق وسوريا معا في معركتي الموصل والرقة ، وفرض السلام مع المعارضة والفصائل السورية ، بتفاهم أمريكي-روسي –تركين بعيدا عن إيران ،التي تمثل جزءا من المشكلة وأسا لها ، وليس عامل حل لها ، ونرى على الصعيد السياسي العراقي، إدراك الحكومة بأحزابها وكتلها ،قد أدركت ،أن التغير سيطالها حتما،فأسرعت لتغيير (جلدها السياسي)، فإنشطرت كالامبيا، الى كتل وتيارات واحزاب صغيرة، وجبهات وحركات طائفية، تمهيدا لملمتها وتوحدها، بعد الانتخابات المقبلة، كإجراء شيطاني إنتخابي ،ولكنه مفضوح ومرئي للجماهير، وأولى هذا الانشقاقات ،هي إنشقاق الحزب الاسلامي العراق ، وعقد مؤتمره الذي لم يحضره سليم الجبوري وجماعته منشقا عنه ، والتحالف مع اتحاد القوى الوطنية العراقية ،التي تراعاه الادارة الامريكية،كورقة موازنة للتحالف الشيعي ،وكانت مؤتمرات بروكسل وانقرة وعمان عنوانا لهذا التحالف الجديد الذي يضم كتلا كبيرة داخل العملية السياسية، وهي لعبة أمريكية أخرى فاشلة ، لان إيران حركت أذرعها السياسية ،وعقد مريدوها مؤتمرا برعاية حزب الدعوة وإشراف دولة القانون ،مؤتمرا ترأسه محمود المشهداني في بغداد، وأجهضت مؤتمر تحاف القوى الوطنية المناهض لها ن بحجة الاستعراض العسكري، لان أمريكا ترعاه وتدعمه السعودية وتركيا ، ثم فجر عمار الحكيم ،رئيس التحالف الوطني والمجلس الاسلامي قنبلة أخرى ، بحل المجلس الاسلامي الاعلى ،وأعلن إنسحابه منه ، بتأسيس تيار الحكمة الوطني،ويعمل الآن مثله حيدر العبادي على إنسحابه، من حزب الدعوة، وتأسيس (حركة البناء )، إذن الانقسامات والانشقاقات والتشرذم والصراعات ،يرافقها الفشل وتضخم الفساد وإتساعه الى أبعد مدى ،مع تغول شديد وإنفلات أمني غير مسبوق، للميليشيات وسطوتها وهيمنتها ،على الملف الامني برمته في العراق، وبغداد تحديدا، ينذر بكارثة كبرى، ستحل بالعراق، أكبر مما عاشه العراقيون ،أيام داعش وبطشها ،وجميع الدلائل تشير الى أن مرحلة ما بعد داعش، ستكون أخطر الف مرة من مرحلة داعش ، وهي إعلان الميليشيات سيطرتها على الحكم في العراق بعد داعش، من خلال إشتراكها تحت مسمى (الحشد الشعبي ) في الانتخابات الصورية، التي ستجرى في العام المقبل ، هنا أدركت الادارة الامريكية خطورة هذا التصميم الايراني لاشراك ميليشياتها في الانتخابات القادمة (تكريما لها)، وليكمل مشروعها الكوني، وتكون بغداد عاصمة امبراطورية إيران الفارسية ، لذا نرى أن ما يجري الآن أمريكيا ،هو دفن العملية السياسية ،التي تلفظ أنفاسها الاخيرة في العراق ،نتيجة الفشل المتكرر منذ الاحتلال والى الآن، وتغول الميليشيات التي أنتجتها وأوجدتها الاحزاب التابعة لايران، التي تدير الحكومات المتعاقبة ،بفساد قل نظيره في التاريخ، وفشل لايشبهه فشل في الارض، عليه ، فعلى الإدارة الامريكية ،دفن جثتها المتعفنة في العراق، لان رائحتها أزكمت الأنوف ، وهو فشل امريكي يرقى الى درجة الفضيحة في العالم، ويسجل كفترة مظلمة ووحشية في تأريخ أمريكا الملطخ أصلا، بدماء الشعوب المتطلعة الى الحرية والاستقرار ، ما يجري الان في العراق، هو إستعداد الادارة الامريكية لقلع أحزاب الاسلام السياسي الفاشل ،وتنصيب الحكم المدني ، وتغيير جميع العمائم البيض والسود وقذفها خارج المشهد السياسي ، هي وأحزابها التي خربت البلاد ودمرتها، وإعادة إعمار العراق ومدنه، التي طالها الخراب ،والتدمير الكامل بدءا من الموصل ،بشركات أمريكية ، ورفع شعار الاعمار مقابل النفط ، وهو الوسيلة الوحيدة التي ،يمكن للادارة الامريكية من إرجاع العراق الى وضعه الطبيعي ، وتخليصه من براثن وقبضة إيران وميليشياتها، التي تأتمر بأوامرها ، وهو مطلب عربي وشعبي ،وما الانفتاح العربي،على العراق ، وزيارات المسئولين العراقيين الى السعودية والاردن والكويت وقطر ومصر ماهو ،إلا فرصة لاعادة العراق الى محيطه العربي ،وإبعاده عن الهيمنة والنفوذ الايراني، وزيارة وزير الداخلية للسعودية والحفاوة التي إستقبل بها مؤشر واضح على ان العراق والعرب،فتحوا صفحة جديدة مع أتباع أيران في العراق، وما فتح معابر طريبيل وعرعر وغيرها ،الا تمهيد لعودة هذه العلاقات العلاقات الى سابق عهدها ،وإحتضان العراق عربيا ،بعد الانتهاء من طي صفحتي داعش والميليشيات ،التي تصر الادارة الامريكية ،على إنهائهما بشتى الطرق وبإصرار امريكي واضح ، وما على الادارة الامريكية والرئيس ترمب ،إلا دفن جثتهم المتعفة في العراق ،منذ الاحتلال ولحد الان ،فالدفن جار، وهو حسب أعتقادنا مسألة وقت لا أكثر ….