لا شك أن المواقع الاجتماعية تعتبر من أكثر المواقع استقطابا للبشر على شبكة الانترنيت ؛لما تميزت به من مرونة في الأستخدام والاستعمال ،اضافة الى مميزاتها الفريدة،جعلت لشهرتها واستقطابها لملايين الناس،فضلا عن تقديم الأخبار الهامة لهم في المحيط المحلي والدولي، ولكن بطبيعة الحال فأن المواقع الاجتماعية وكما تطلق عليها “بيئة المواطن الافتراضية” ،أصبحت مرفأ خصبا لنشر الشائعات والأخبار غير الدقيقة والتي لا تستند الى مصادر رسمية ،وكما هو معلوم فأن الشائعات تنتشر في أوقات الأزمات، والعالم بأسره يعيش بأزمة صحية خانقة اقتحمت أرجاءه بصورة مخيفة وهي وتتمثل بأزمة فايروس (Covid 19) الذي تسبب حتى الآن بإصابة (19) مليون ضحية حول العالم و(726) ألف حالة وفاة ،وبلا شك علينا أن لا ننكر الجانب المشرق للمنصات الاجتماعية قبل الغوص بسلبياتها، فهي أسهمت في التخفيف من وطأة أزمة التواصل المباشر بين البشر، بفعل المخاوف من تفشي الفيروس،بعد أن أجبرنا بالابتعاد عن الأهل والأصدقاء ،لمنع انتشاره بين الناس ،ولكن المنصات الاجتماعية ،رفضت هذه القاعدة القاسية ،التي فرضها علينا الوباء ،بدون سابق انذار.
وبدون شك فأن ظاهرة تفشي الوباء أصبحت من الظواهر التي سببت بهلع وخوف أغلب سكان الكرة الأرضية؛وخاصة بعد أن أجتاح دول متقدمة تمتلك منظومات صحية متكاملة على مستوى العالم ،مثل ايطاليا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا،وتسبب بإصابات ووفيات بالآلاف من مواطنيها،فأصبح مستخدمي المواقع الاجتماعية،باعتبارها تضم ملايين البشر تبحث عن المستحضرات العلاجية واللقاحية للحد من خطورة ذلك الوباء وانقاذ الأحبة والأصدقاء منه، بعد أن عجزت الدول المتقدمة، فضلا عن المنظمات الصحية المتمثلة بمنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف ،عن اكتشاف أي علاج أو لقاح له، بالرغم من بعض الأخبار التي تؤكد عن قيام روسيا وبريطانيا باكشافه منذ أيام ،ببدون أن يحصل اللقاحات والمستحضرات على اعتراف منظمة الصحة العالمية .
وأصبحت النصائح الطبية تنتقل بين المنصات الاجتماعية بصورة عجيبة ،بدون أن تستند الى حقيقية ،فتتلاقفها مستخدميها بصورة سريعة ،فالأمر وصل الى حد تزوير المصادر ،وتنسب الى المنظمات الصحية فقد تداولت أخبار غير دقيقة بصورة متكررة نسبت زورا الى منظمة اليونسيف،والصحة العالمية،على علاجات ومستحضرات طبية عديدة ونصائح ، وتم تفنيدها من قبل المنظمتين الصحيتين ،بأن هذه الأخبار المزعومة لمنظماتنا لا أساس لها من الصحة ،ومن بين النصائح المنتشرة عبر المنصات الاجتماعية هي تجنب الماء البارد وضرورة التعرض للشمس بشكل دائمي، حتى تم نفيها من قبل منظمة الصحة العالمية التي أكدت أن هذه المعلومات غير دقيقة ،وقد تكون مظرة ببدن ضحية الوباء ،ومن بين النصائح الطبية الآخرى بان الثوم يساعد على التخلص بشكل سريع على الوباء من بدن الضحية ،الا أن الصحة العالمية أكدت بأن الثوم بالرغم من أنه طارد للمايكروبات في جسم الانسان ،الا أنه ليست هنالك حقيقة دامغة تؤكد بانه طارد للوباء ،ولا تقف الشائعات الى هذا الحد فقد ربطت الوباء بأمور غيبية دينية ،خاصة بعد أن ضرب الوباء ايطاليا في آذار من العام الحالي ،وتسبب باصابات كبيرة ،وكيف تداول مستخدمي المواقع الاجتماعية للمقولة المشهورة التي زعمت أنها خرجت على لسان رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي الذي قال(أنتهت حلول الأرض الأمر متروك للسماء) ،لكن فريق مكافحة الشائعات في وكالة فرانس بريس الفرنسية ،أكد بأنه لا صحة لهذه المقولة ،في جميع وسائل الاعلام الايطالية ،في ظل مشاركة المقولة لآلاف المستخدمين من الدول العربية ، والأمر الأسوء حيث أصبح عدد من الأطباء ينشرون مستحضرات علاجية لا أساسا علميا لها ،ظنوا بأنها تقلل من وطئة الوباء ولكن على العكس من ذلك فقد أسهمت الى زيادة مضاعفات الوباء ،وتعرض المريض الى الوفاة .
وعلى أساس ذلك يجب أن يكون هنالك دورا مهما للجهات الإعلامية ،من أجل تمكين صحفيين مختصين بمفاهيم الصحة والطب ،وامتلاكهم لقدرات اقناعية لتكون لهم ثقافة ايصال المعلومة للجمهور بصورة ناجحة ،اضافة الى ضرورة وجود دورا لوزارة الصحة من كوادرها الطبية ،لديهم ثقافة التفاعل مع الجمهور بطرق التوعية الصحية ،مما يجعلهم قريبين من المواطن لتحييد مخاطر الفايروس ،عبر الغوص بداخل مواقع التواصل الاجتماعي ،وأن يكون هنالك تنسيق ما بين وزارة الصحة ومركز الاعلام الرقمي التابع لشبكة الاعلام العراقي ،من أجل مطاردة مصادر إطلاق الإشاعات والأخبار غير الدقيقة ،لكبح جماحها ،لضمان بيئة افتراضية بيضاء لا تعكس الا القيم السامية والايجابية الى العالم التقليدي