22 ديسمبر، 2024 8:53 م

متغيرات في غير صالح النظام الايراني

متغيرات في غير صالح النظام الايراني

طوال التأريخ، هناك الکثير من الاحداث والقضايا التي يمکن إستشفاف الکثير من الدروس والعبر منها، ولاسيما تلك المتعلقة بالشعوب والنظم الدکتاتورية، فهناك فترات تکون الشعوب فيها في حالة هادئة نسبيا لأسباب مختلفة من حيث خضوعها للأنظمة الاستبدادية، ولکن هناك أيضا فترات تستعيد فيها الشعوب رباطة جأشها وتقف على قدميها لتتحدى أنظمتها القمعية وتجهز عليها لتجعلها عبرة للتأريخ، کما حدثت في الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الايرانية التي حرفت عن مسارها وعادت الديکتاتورية لتحکم إيران تحت غطاء الدين.
التطور والتقدم الانساني وزيادة وعي الشعوب، جعلت من النظم الديکتاتورية حالة مرفوضة ولايمکن التعايش معها، خصوصا عندما تجعل هذه الانظمة شعوبها في خدمة مخططاتها وأهدافها الخاصة المتقاطعة مع مصالح شعوبها، ولاغرو من إن تآکل النظم الديکتاتورية وسيرها نحو الانقراض حتمية تأريخية وحضارية في نفس الوقت لايمکن أبدا الوقوف بوجهها، إذ إن هذه الانظمة صارت إستثناءا وصار إرادة الشعوب وحرياتها هي القاعدة والاساس.
صحيح أن هناك فترات أثناء نهضة وإنتفاضة الشعوب بوجه الانظمة القمعية، أن تتمکن الاخيرة بفعل نهجها وتعاملها الوحشي الدموي مع المنتفضين أن تخبو أو تهدأ الانتفاضة قليلا أو لفترة معينة، ولکنها سرعان ماتعود، خصوصا في هذا العصر الذي تم فيه إختصار المسافات والزمن وصار العالم کله أشبه بالقرية فمن الصعب جدا أن يجبر شعب على البقاء خاضعا لنير الديکتاتورية کما في الحالة السورية والحالة الايرانية، ولعل ماجرى في الانتفاضة الاخيرة للشعب الايراني من أحداث وتطورات، تؤکد للعالم کله من إنه لايمکن أبدا إخضاع الشعوب وإسکاتها، وإن نظاما إستبداديا فريدا من نوعه کنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، يقف اليوم على برکان من السخط والغضب الذي إنفجر بوجهه في أکثر من 140 مدينة، وإن تظاهره بأنه قد أخمد الانتفاضة أو سيطر عليها إنما هو من أضغاث أحلام ولاسيما بعد تأسيس معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق والتي تواصل تسديد ضرباتها للنظام، ذلك إن الشعب وبعد أن رفع و بإصرار شعار الموت للديکتاتور(أي المرشد الاعلى للنظام)، فإنه قد أعلن إستحالة إستمرار المعادلة السلبية القائمة بينه وبين النظام طوال 40 عاما، بل وإن دخول منظمة مجاهدي خلق الخصم والغريم الاکبر للنظام کطرف أساسي في الانتفاضة وترديد الشعب لشعاره المرکزي بإسقاط النظام، تأکيد على إن الامور باتت تسير بسياق مختلف تماما عن الحالات السابقة، إذ معروف عن منظمة مجاهدي خلق وعندما تدخل کطرف أساسي في هکذا حالات، فإنها لن يهدأ لها بال إلا بتحقيق الهدف و الغاية الاساسية لها بإسقاط النظام، خصوصا إذا ماکان هو الحل الوحيد لکافة الاوضاع السلبية التي يعاني منها الشعب، وإن الاوضاع في إيران تسير حاليا بهذا الاتجاه لأن المتغيرات التي طرأت على الساحة الداخلية وعلى الصعيد الدولي تٶکد کلها بأن مستقبل النظام الايراني قد صار على کف عفريت.