ربما يوحي هذا العنوان أن عناوين التخندقات السياسية والتحالفات لتشكيل حكومة الأغلبية التي يريدها مقتدى الصدر في المرحلة القادمة ربما ستغير إتجاهات بوصلتها السياسية وتعيد إنتاج تحالفات جديدة وإتفاقات وتخندقات تختلف عن سابقاتها للكثير من الكتل التي قد تذهب بها بإتجاهات مختلفة خصوصاً بعد ماتسرب من داخل الغرف السياسية عن وساطات إيرانية تمارسها على دول خليجية للضغط على حلفاء الصدر من أجل العدول عن تشكيل حكومة الأغلبية وضرورة إشراك جميع المكونات السياسية في الحكومة القادمة وهي ضغوط إن صحّتْ فأنها قد تفرط أواصر العقد الثلاثي بين (مقتدى الصدر-محمد الحلبوسي-مسعود بارزاني) و مخاوف قد تجد مايبررها خصوصاً لدى المكون السني الذي شهد إحتدام الإختلاف والتخالف على زعامة المكون وقيادته بين خميس الخنجر زعيم تحالف عزم ومحمد الحلبوسي رئيس تحالف تقدم لينتهي هذا النزاع والتراشق الأعلامي والتنابز بصفحة جديدة من التصالح بين الطرفين بوساطة تركية قادها أردوغان استضافت هؤلاء الزعامات وإكتملت جوانبها التصالحية في دولة الأمارات العربية المتحدة لتنهي مرحلة من التشظي والأختلاف بتحالف واحد وقيادة واحدة في المعادلة السياسية وهذا يبين مدى التأثير الخارجي على صنع القرار والإرادة السياسية لزعماء تدير شؤون سياساتهم دول وتتحكم بها مصالح خارجية.
أما على صعيد المكون الكردي فالحليف الثاني للصدر وهو مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني والذي تلقّى ضربات موجعة في أوقات متقاربة من خلال إستبعاد مرشحه لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري وقرار المحكمة الأتحادية بمنع تصدير نفط الأقليم إلا بموافقة الحكومة الأتحادية في بغداد ربما سيجعل من موقف هذا الحليف ضعيفاً هشاً قد يستسلم للشروط التي ربما تُفرض عليه صاغراً.
في كل الأحوال فأن المشهد السياسي العراقي مازال مرتبكاً ينتظر من يفك طلاسمه وخيوطه المتشابكة والتي تتعقد يوماً بعد يوم.
مقتدى الصدر هو اللاعب الوحيد في التحالف الثلاثي (الصدر- الحلبوسي-البارزاني) الذي لازال ممسكاً بخيوط اللعبة دون تراجع، فيما يبدو أن الآخرين قد تغير الأحداث والمواقف والضغوط الخارجية والداخلية من مواقفهم وتحالفاتهم.
مقتدى الصدر الذي إعتاد الجمهور على مفاجآته السياسية ربما سيرمي حجراً في ماء راكد لإحداث دوامات دائرية لتحريك الساكن مع مايحدثه الحجر من إرباك للصمت وإشارات التحكم بالمشهد السياسي قد يجعله يذهب إلى المعارضة وفسح المجال للطرف الآخر لتشكيل حكومة قد لاتستطيع إدارة شؤون البلد لأكثر من بضعة أشهر معلنة سقوطها بسبب غياب اللاعب الأساسي عن عناوينها أو لقدرة هذا اللاعب على إستنهاض الرفض الشعبي والمعارض لوجود هذه الحكومة مما يجعل سقوطها وشيكاً في أول إختبار حقيقي لعملها وهو مايعتقده الصدر في تثبيت ركائز قدرته وسلطته وإيصال رسالة إلى الطرف الآخر بالعجز عن تشكيل الحكومة إلا بوجود البيدق الأهم وهو مايفرضه الواقع السياسي في العراق بضرورة أن يكون الصدر الفائز الأول في الأنتخابات شريكاً مهماً في صنع القرار ولاعباً مهماً في التشكيلة الحكومية.
قرار الصدر بالذهاب إلى المعارضة ربما ستحدده مخرجات مفاوضات الأيام القادمة وهو قرار ليس ببعيد، وفي كل الأحوال هو مشهد سياسي مرتبك ربما تتمخض عنه أحداث غير واضحة المعالم في وضع إقليمي ودولي يرسم صورة مشهد مرتبط ببعضه يؤكد أن الأحداث بأجمعها مرتبطة بالبعض وليس منفصلة كما يتصورها البعض.