23 نوفمبر، 2024 5:08 ص
Search
Close this search box.

متسولون نفطيون

كلما أقتربت من تقاطات الاشارة الضوئية، كلما بدأ اضطهادي وحزني واهاتي وشجني ، ليس منبع كل هذا حالة  تخصني او كره لقانون التوقف الذي  اصبح جزءا من حياتنا المعتادة كل بضعة امتاربفعل نقاط التفتيش الامنية والمرورية والعسكرية والمزاجية!! ، لكن سبب ما انا  فيه هوالهجمة  السريعة التي يحيطني بها من يمسح زجاج سيارتي ومن تدق ذات الزجاج ومن يمد يده بكارتات تحمل ايات قرانية ومن تدفع  كرسيا مدولبا وتضرب هيكل  سيارتي بدقات لا تنتهي ، لا ادري الى من التفت اولا وانا اتفقد نقودي التي احرص يوميا قبل ان اغادر بيتي على ايجاد مختلف الفئات  النقدية  حتى لا اشعر  بالخيبة وانا اوزعها على السيدة الكبيرة التي تتمتم شفتيها بكلام لا افهمه وعلى  الشاب الصغير الذي يقسم انه بلا طعام وعلى الفتاة  التي تردد انها يتيمة وتعيل  اسرتها وعلى العجوز الذي يحمل عكازة مهترئة وعلى وعلى وعلى … جيوش من المتسولين تطارد نظراتنا وايدينا وجيوبنا ، رغم ان الاخيرة لا تعاني التخمة ولا الاكتناز لكننا لا نشعر بان لدينا خيار الرفض اوالتغاضي أوالاهمال كما يفعل المسؤول الذي لا يرى كل ما نراه يوميا بفعل  تحصنه وراء  مكتبه الانيق الذي ان غادره فأن هناك جيش اخر من نوع مختلف يفتح له تقاطعات الشوارع ويهش بعصاه على اي متسول او مواطن عادي  قد يفكر بالاقتراب من هذه المواكب المحروسة بالله وبالاجهزة الامنية!! هذا المسؤول الذي يتناسى ان كل هؤلاء لهم حصة في ثروات وطنهم وفي بتروله وفي ميزانيته المليارية ، ومع ذلك لا يلتفت كما نفعل نحن لهم ولا يفكر باحصاء نقوده ولا تهيئة ما يمكن ان يجود به عليهم ولا  يناقش واقعهم مع  حكومته ولا يجد الوسائل الكفيلة بحفظ ماء وجه العراق الذي يثلم كل قليل بمشاهد اسؤا مما ذكرنا الان .
واتذكر حين كنت مقيمة في دولة مصر كان  علي ايضا ان احرص على توفير مبالغ يومية  تكفي لعدم احراجي مع من يتسولون وحين ينتهي ما معي من نقود كنت اتسائل مع نفسي هل انا مسؤولة عنهم ام رئيسهم هو المعني اولا باوضاعهم ؟؟ وها انا  الان اعيد ذات السؤال مع نفسي الذي اعياني فنقلته اعلاميا الى المسؤول عله يجد ما يحفظ كرامتنا سوية نحن ومن يتسول فلا فرق بيننا ما دمنا الاثنان نتعرض لذات الموقف الحرج  كل يوم وفي كل تقاطعات العراق وازقته وشوارعه المبتلاه بالفوضى والنفايات والزعيق والزحام وغياب  الانسانية بصور  متجددة .
العراق الذي  دأب على التبرع  لفقراء العالم أصبح مشروعا متجددا للتسول ،وبتأكيد من  وزارة التخطيط التي اصدرت تقريرا اوضح ان  نسب الفقر تجاوزت الثلاثين بالمائة، وان معدل الحرمان في الجانب الصحي بلغ 29% والبنية التحتية 24% والسكن 24% والحرمان الاقتصادي للفرد العراقي 31% والأمن الاجتماعي 22%.
ترى ان كان المسؤول لا يتجول  مثلنا ويرى ما يجري في شوارعنا فهل هو لا يقرأ ايضا ما يصدر من تصريحات وزاراته !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات