23 ديسمبر، 2024 12:19 ص

متسولون متعددو الجنسيات في شوارع بغداد

متسولون متعددو الجنسيات في شوارع بغداد

في كل صباح تداهمني مجموعة من النسوة فيما يغوص عقلي البسيط بهموم السياسة وبلاويها ليفاجئني هؤلاء بذلك الكلام المعسول والأسطوانة المتكررة التي تطلقها عذوبة اللسان التي أدمن العراقيون سماعها من متسولين عرب وأجانب وهم يجوبون شوارع بغداد وأزقتها وصلت إلى المطاعم وعيادات الأطباء حيث لم يبقْ مكان في العراق إلا إقتحموه بإستثناء قصور ومكاتب المنطقة الخضراء المحصّنة بوجوههم.

وللحق فإن أغلب العراقيين قد أدمن أناشيد ومحفوظات جيوش المتسولين من الجنسين حتى بدأ البعض يتحاشى النظر في محياهم خوفاً وهلعاً، فيما كانت تتناهى إلى مسامعهم عمليات سرقة يقوم بها متسولين عن طريق التنويم المغناطيسي.

ظاهرة التسول في العراق يبدو أنها إتخذت نطاقاً أوسع وحجماً أكبر خصوصاً بعد دخول العمالة الأجنبية إلى عالم التسول وتنافسها للمتسول العراقي حتى بات من الصعب التفريق بين المشاهد الدرامية للمتسولين العراقيين ونظرائهم الأجانب.

بالرغم من أن القانون العراقي حدد عقوبة الحبس شهراً واحداً للمتسول في الطرقات العامة وشدّدها في حالة تصنّع المتسول الإصابة أو الإعاقة، إلا أن هذه العقوبة لم تحد من إنتشار المتسولين في شوارع وتقاطعات بغداد.

ويبدو أن القانون العراقي الذي وقف عاجزاً أمام ظاهرة التسول عراقياً يرفع الراية البيضاء أمام جيوش المتسولين من العرب والأجانب وهم يجوبون شوارع بغداد لأغراض ومغزى يثير الشك والريبة من أعداد هؤلاء التي تغزو شوارع بغداد وما تعنيه هذه الظاهرة من عناوين لدى الأجهزة الأمنية يكون أولها لأغراض تجسسية أو تخريبية معادية لأمن البلد.

لا يخلو الأمر من أيادٍ خبيثة خفية قد تكون سياسية أو عصابات الجريمة المنظمة في المساهمة والترويج وتسهيل إكتساح هؤلاء المتسولين لشوارع بغداد خصوصاً ما يُشاع عن محاولات إبتزاز يتعرض لها هؤلاء من قبل جهات أو واجهات لأحزاب سياسية في إدخالهم للعراق بطرق غير شرعية تتعلق ببقائهم بشكل غير قانوني في البلد مقابل العمل في مهنة الإستجداء.

في العراق مَثل يقول “چمّل الغرگان غطّة” حيث يحتاج هذا البلد إلى من يمد له يداً لينقذه من الغرق لا أن ينزل به إلى الأسفل ليضيف له إنغماسة إضافية قد تغرقه.

جيوش المتسولين في العراق يبدو أن شوارع بغداد لم تعد تستوعب أعدادهم وأحجامهم ليضاف لهم جيوشاً أخرى من متسولين عرب وأجانب ضاع فيه العدو من الصديق والصادق من المخادع.

وأنت تسير في أحد أزقة بغداد لا تستغرب عندما تقف أمامك أنثى عربية أو أجنبية بكلامها المعسول تطلب منك المساعدة أو الإستجداء بكلام منمق يضعك في حيرة من الأمر إن كانت تستوجب المساعدة أم لا، فأنت في العراق بلد التناقضات والغرائب، بلد العجيبة الثامنة التي أُضيفت إلى العجائب السبعة.

البلد الذي يعلن دائماً أن موازناته إنفجارية وإن موارده تكفي لبناء عراق جديد يوضع على الخارطة بجانب العراق القديم، وأن تبلط شوارعه بمعادن الذهب الخالص من كثرة الخيرات والنعم التي إبتلاه الله بها، لكن المفارقة أن أعداد متسوليه تزداد في شوارع العاصمة ومستويات الفقر ترتفع ليأتي بعد ذلك من وراء الحدود متسولون أجانب يزيدون من معاناة شعبه.

تقارير حكومية تحتفظ بها وزارات في أدراج مكاتبها تؤكد أن هؤلاء المتسولين يتم إستغلالهم من قبل عصابات الإتجار بالبشر وعمليات السرقة إضافة إلى الترويج للإنحلال الأخلاقي للبعض مما يهدد النسيج الإجتماعي للعوائل العراقية.

هل هي من أعراض السياسة الفاشلة للبلد أم من أزمات هذا البلد المنكوب أو تواطئ سياسي مع عصابات للتدمير الأخلاقي المقصود للمجتمع العراقي؟ كل ذلك ممكن، وربما كل هذه العوامل مجتمعة عسى أن تكون الصحوة سريعة.