المقدمة التي كتبتها لديوان الشاعر الروسي ايفان بونين بترجمة حسين الشويلي عن الروسية , والذي صدر في بغداد هذا العام (2016) بعنوان- ألست أنت كنت الملاك .كانت القبائل العربية تحتفل بشكل مهيب عند ظهور شاعر في القبيلة , لانه سيكون لسان حالها امام الشعوب والقبائل الاخرى ( ليتعارفوا ! ) . نحن ايضا – قبيلة اللغة الروسية وآدابها في العراق , يجب ان نحتفل بميلاد كل مترجم يظهر في قبيلتنا , خصوصا وانهم نادرون وقليلون مع الاسف رغم ان قبيلتنا الآن اصبحت كبيرة او حتى مترهلة ( كما يقولون ! ) . لهذا فانا اشعر بالفرح والغبطة الان لميلاد المترجم حسين في قبيلتنا باعتباري احد افراد تلك القبيلة العراقية , هذه القبيلة التي ولدت في 1/12/8195 بمعهد اللغات العالي في بناية دار المعلمين العالية العتيدة في الوزيرية في عاصمتنا الحبيبة بغداد, باقتراح وبمبادرة من المرحوم الدكتور حمدي يونس – استاذنا و عميد معهدنا آنذاك , العميد المحبوب والمرح والشفاف مثل الكريستال والعميق مثل بئر الماء الصافي الذي يسقي الجميع بلا استثناء, و العميد – الشيخ المنسي حاليا مع شديد الاسف .
لقد برز المترجم الشاب حسين في الآونة الاخيرة , ولفت اليه الانظار بمحاولاته الغريبة , اذ انه بدأ يكتب الشعر بالروسية مباشرة , محاولا محاكاة كبار الشعراء الروس , وكان الحزن العميق (والكئيب! ) موضوعه المفضل والاثير جدا , وتذكرٌت – عندئذ- الفنانين التشكيليين الشباب , الذين يحاولون محاكاة اللوحات الشهيرة لكبار الفنانين التشكيليين وتقليدها في بداية مسيرتهم الفنية . لقد كنت اتابع طريق حسين الابداعي هذا ( باعتباري احد رجالات القبيلة ! ) وحاولت ان اثنيه – برقة وبشكل غير مباشر طبعا – عن ذلك , لأني أعتقد وأؤمن واؤكد على ان الشاعر يحتاج اولا واخيرا الى لغته الام للتعبير عن احاسيسه , ولكن حسين كان يؤكد لي دائما انه يكتب بالروسية بشكل سهل , فاقترحت عليه – كحل وسط – ان يترجم الشعر الروسي الى العربية لأنه لن يصل الى القارئ الروسي ابدا بقصائده تلك , بينما يستطيع الوصول الى القارئ العربي بترجماته حتما , وان مهمته وقيمته واهميته تكمن في ذلك , اذ لا قيمة لاي نتاج ادبي دون التفاعل الحي مع القارئ ومع المجتمع طبعا. وكم انا سعيد لأن حسين بدأ فعلا – وبالتدريج – بترجمة الشعر الروسي الى العربية , وقد اطلعت على تلك الترجمات في حينها ومنحتها ( باعتباري معلما عتيقا ! ) درجة الامتياز اعجابا بها اولا وحبا وتشجيعا له ثانيا ( يتذٌكر طلبتي باني لم أكن معقٌدا في منحي للدرجات ! ). وهكذا بدأ حسين ينشر تلك الترجمات , وبدأ اسمه يبرز في هذا العالم الجديد والجميل رغم كل الملاحظات هنا وهناك بشأن تلك الترجمات . ومن جملة تلك الملاحظات , ان حسين متسرع بترجماته , وانه يميل في تلك العجالة الى الترجمة الحرفية بعض الاحيان ( اؤكد على ذلك , اي بعض الاحيان ) دون ان يدع القصيدة تنضج على نار هادئة , وبالتالي يبتعد عن الترجمة الفنية الرشيقة المطلوبة , التي تصيغ النص المترجم صياغة شعرية وبهدوء , كي لا تفقد القصيدة رونقها الموسيقي والبناء الشعري الجميل لها , اي ان تبقى القصيدة المترجمة قصيدة حقيقية بكل معنى الكلمة , وليس مجرد ترتيب لمعاني مفرداتها ليس الا , وما أصعب هذه المهمة طبعا امام مترجمي الشعر, واعلن رأسا
ان المترجم حسين قد قام بهذه المهمة هنا كما يجب , واستطاع ان يقدم للقارئ العربي – وبابداع – جوهر الشاعر بونين وصوره الجميلة والرقيقة للطبيعة وكيف يتقبلها الشاعر . ولا اريد ان اطيل , واترككم مع ( .. الضباب الذي غدا اكثر بياضا في الوهاد والمروج عند نافذة بونين المليئة برائحة (اقصد عطر ) عبير الربيع , حيث ينتظر الشاعر شروق الضياء واحمرار الغروب وراء السهوب , كي يهرب وحيدا الى الغابات , من جراء الطيش والكذب , ليستنشق الهواء الرطب , ثم يذهب في منتصف الليل كي يرى كيف تحرس نجوم السماء بحار الارض , ثم يتذٌكر الفراش الدافئ والمصباح في عتمة الزاوية وظلال المصابيح وظهور الملائكة …).
هنيئا لقبيلتنا العراقية – الروسية بميلاد المترجم الحقيقي حسين , وهنيئا لبونين الشاعر, الذي قدمه حسين للقارئ العربي بهذه الصيغة الرشيقة . ونحن – القراء – ننتظر المزيد من ابداعاتك يا ابا علي …