22 ديسمبر، 2024 11:33 م

متابعة في كتاب… الصابئة المندائيون بين الإنصاف والإجحاف

متابعة في كتاب… الصابئة المندائيون بين الإنصاف والإجحاف

كتابان تلقيتهما بسرور من د. بشير عبد الواحد يوسف واللذان قد صدرا مطلع هذا العام… باكورة نشاطه الثقافي… ليسجل اسمه بفاعلية في فهرست المكتبة الثقافية المندائية … إدامة لمسيرة عمله بمؤسسات الطائفة…ارجو له الصحة والتواصل بذات العطاء.
قرأت الكتاب الاول الصابئة المندائيون بين الانصاف والاجحاف… وجدت من الانصاف ان اكتب عنه هذه السطور …

الكتاب كبير… أكثر من خمسمائة صفحة من القطع الكبير في طباعة انيقة على ورق صقيل؛ تتيح للقارئ فسحة من الهدوء بالمتابعة والاستمتاع بمحتوياته الغزيرة…

للوهلة الأولى ومن عنوانه حسبت ان الكتاب نسخة مشابه لكتاب الراحل حامد نزال السعودي” حقيقة الصابئة المندائيين” ولكني وجدته يشكل إضافة مكملة ترفد المكتبة المندائية حيث انتقالاته ضمّنت ما بين القديم والحديث بخصوص تناول أحوال الصابئة المندائيين، مدحاً وقدحاً…وصفاً وتحليلاً…ثم يختم بتعقيب خاص به.

افرد الكتاب أفكار وتصورات واراء لكثير من المؤرخين القدامى والمعاصرين من كل الأديان والملل؛ وافرد حيزاً وافرا للرواد المندائيين الراحلين منهم والمعاصرين؛ وبخاصة لزملائه الذين شاركوه العمل في مؤسسات الطائفة في العقدين الأخيرين قبل هجرة المندائيين العشوائية اليوم.

للحق هنالك اشارات كثيرة ومهمة تضمنها الكتاب…

اذكر منها للتدليل لا الحصر:

كتابات المؤرخ العراقي المعاصر رشيد الخيون وبخاصة توثيقه الجميل والمنصف لمقاضاة المؤرخ عبد الرزاق الحسني بسبب ما جاء في كتابه ” الصابئون في حاضرهم وماضيهم” وبسالة الشيخ دخيل في الذود عن وحدانية الدين المندائي والتي كسب بها الحكم، بعد أن قرأ الشيخ بوثات (آيات) من الكتاب الأول ” الكنزاربا”، تسبيح التوحيد اقتنعت المحكمة أن المندائين ليسوا عبدة كواكب ونجوم بل يعبدون الحي الازلي [تاريخ المحاكمة 11/كانون الثاني 1931]

البحث الرصين للسيد علي الخامنئي وابداءه الرأي الأكثر انصافا من كل زعماء الشيعة بحق وحدانية الصابئة المندائيين.

من الإشارات المهمة في الكتاب… أورد معلومات مهمة ومثيرة تدفع القارئ لمزيد من التقصي والبحث لشخصيات اثيرة ومؤثرة في التاريخ الإسلامي ومدارسه الفقهية كون قسم منهم من أصول مندائية محققة!!

ومنها ما ضمنه نقلا عن رشيد الخيون…تحقيقا بأصل أبو الفتح المندائي… والحافظ عبد الوهاب بن الحافظ بن منده… وعن الشيخ معروف الكرخي يفرد النص الاتي ” وإذا علمنا ان الشيخ معروف الكرخي كان صابئيا علمنا التأثيرات العرفانية في التصوف الإسلامي مسترسلا في النص … وكان ابوه صابئا من اهل نهر بان من قرى واسط (صفحة328)، تبعها الكتاب مضمناً لأسماء بارزة أخرى !!

في إشارة مثيرة أخرى تستحق البحث والمتابعة…

اذ يضمّن المؤلف عن كتاب للباحث المندائي احمد راهي صالح في كتابه ” مندائيو اورشليم” بقصد واضح فقرة توقفت عندها كثيراً… كفرد مندائي اسمع بها للمرة الأولى… اذا توثقت مثلما طرح في الكتاب … فهي بحق تستحق البحث بتروي وإعادة القراءة للحال المندائي الحالي… وإعادة تقييم لما مرَ من مئات السنين بحال المندائيين ووضعهم الاجتماعي وانتمائهم القسري لأديان أخرى… فالمعلومة تجيز مبدأ التقية كما فهمتها؛ للحفاظ على العقيدة المندائية في قلوب أهلها المؤمنين مسندة بنص واضح منقول من كتاب الكنزاربا أنقلها نصا من الصفحة 174 من كتاب الدكتور

[إذا ضيق عليكم الخناق فقولوا له: نحن من اتباعك ونعتقد دينك ولكن لا تدينوا له بصحيح قلوبكم ولا ترتدوا عن دين ربكم ملك النور السامي]

كنت اتمنى من الدكتور بشير أن يشير الى أي ترجمة لكتاب الكنزاربا استند الباحث” ترجمة بغداد او غيرها ام ترجمة نصية مباشرة من الباحث نفسه ورقم الصفحة او فهرسها ليسهل للقارئ والمتابع البحث والتقصي؛ كون كتاب د بشير يحوي في موضع اخر محاضرة شخصية له بعنوان ” التبشير بالديانة المندائية” وفي الصفحة 192 يورد النص الاتي (فإن اضطهدتم فاحتملوا الاضطهاد الى أن تقضوا آجالكم، بعضهم لبعض مساندين) كنزاربا اليمين، الوصايا … وهذا يثير اللَّبس عند القارئ حتى لو اختلف مضمون المادتين.

وفي الختام لا بد من الإشارة بصدق نيَة … هنالك تكرار في الكتاب، ممكن ملاحظته في الطبعة الثانية ان توفرت الفرصة لذلك… وبخصوص اشد التكرار بالتركيز على وحدانية الصابئة المندائيين … اظن تكرارها يترك للقارئ من خارج الطائفة خاصة شعور بان الصابئة المندائيين لديهم عقدة تؤرقهم في جوهر التوحيد!!

اغلب تعقيبات د بشير عبد الواحد كتبت بأسلوب المدافع عن دينيه بالمطلق … والواقع ان فلسفة الخلق المندائية ليست سهلة الفهم لكثير من المندائيين أنفسهم؛ فكيف بمن هم خارج الديانة المندائية ومن مشارب فكرية مختلفة النضج والتوجه!!

تحية واعتزاز للدكتور بشير عبد الواحد على جهده الصافي بكتابه الوافي

وبصدد كتابه الثاني حكايات صغيرة سأكمل قراءته بطمع وممنونية.