19 ديسمبر، 2024 9:02 م

((لاتصمت عن الحق وسترى كيف سيكرهك الناس))
في زمن اصبحت فيه اقدس الأشياء رخيصة وباتت المبادئ والقيم تاخذ مجرى اخر فالصدق اصبح نادر والكذب مجاملة والنفاق شطارة والتلون وتغير المواقف حسب المصالح والأهواء ذكاء فلا تجد من يصدع بكلمة الحق فهي عزيزة وغالية يخشى الكثيرون أن يدفعوا ثمنها لأن قول الحق وخاصة في زمن علو الباطل وهيمنته وسيطرته على جميع مفاصل الحياة له تكاليف وتبعات وضرائب باهظة يجب أن يدفعها كل من ينبري لقول الحق إذ سيصطدم مع أهل الباطل او ربما من أجل استرضاء الآخرين وخوفاً من إثارة واستفزاز الأصدقاء والمقربين؟
فهذا هوحال الدنيا تدور حول الحق والباطل وقد اوضح الله سبل الحق وانار طريقه كما اوضح طرق الباطل وجعل الإنسان مختاراً في سلوك اي الطريقين شاء.
فالذي يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم قد يدفع حياته ثمنًا لذلك فعلى الإنسان أن يقول الصدق وأن ينطق بالحق ولو كره الناس ذلك لقوله تعالى: ((وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور)) [لقمان:17].
وإن قول الحق يعد من أهم أصول الحوار التي أكد عليها الإمام علي (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) إذ إنه وصف الشخص الذي لا يقول بعدة أوصاف منها:
إن الشخص الذي استحى من أن يقول الحق أو لأي سبب كان وصفه الإمام بالأحمق فقال (عليه السَّلَام): ((من استحى من قول الحق فهو أحمق)) وهذا الوصف من أدنى أوصاف المرء السيء بالرغم من أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يفضل الالتزام بالصمت ويرجحه على الكلام في كثير من الأحيان لكنه يحث في المواقف التي تستوجب قول الحق على أن لا يسكت الإنسان فروي عنه (عليه السلام) أنه قال: (قولوا الحق تغنموا واستكتوا عن الباطل تسلموا) فأكد على قول الحق وعدم الصمت والسكوت عنه فقد يكون في قول الحق اصلاح ذات بين او منع مكروه اما لو سكت عن قول الحق وصمت لحصل عكس ذلك فعلى المرء المؤمن أن لا يكون مراوغًا في حديثه مع الآخر وأن لا يبتعد عن قول الصواب وأن يكون منصفًا للحق في كلامه ولا يلجأ إلى الشدة او المجاملة فيها لأن كلمة الحق مرة فلا تزدْها مرارة بمرارة أسلوبك كذلك فمن يريد أن يتكلم بالحق فعليه باللطف والرفق واللين والحلم والعلم لعلها تصادف قلباً خالياً فيتمكن قائلها من إيصالها إليه
وتذكر قوله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43، 44].
فكلمة الحق من الأشياء التي قد تعز المرء وتكرمه ولا تخلو الأرض من صالحين وأخيار يحبون الحق ويكرمون من جاء به كما قال النبي ((صل الله عليه وعلى آله وسلم)) :((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)). إن قول الحق والتخلص من الكذب والنفاق هو طريق المجتمع نحو التقدم والصلاح فالنحرص جميعاً على أن نكون مع هؤلاء ومن هؤلاء.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات