23 ديسمبر، 2024 2:44 م

مبدأ تتبناه الدولة ،الكثرة في كل شيء

مبدأ تتبناه الدولة ،الكثرة في كل شيء

يبدو أن مبدأ (الكثرة ) في كل شيء ، هو العروة الوثقى ومن ثوابت الحكومة ، والنتيجة انها غاصت حتى أذنيها بالفشل ، لدينا برلمان بعدد مقاعد يعدّ  رقما قياسيا بين برلمانات العالم ، برلمان مشلول وكسول وبلا فائدة فاعلة ، ويعج بلجان من أفراد عديمي الخبرة ومن الطارئين ، ومن غير ذوي الأختصاص ، ولم تقدم هذه اللجان أي شيء ، ابتداء من لجنة النفط والطاقة حتى لجنة الأمن والدفاع ، بحجة ان مهمة  هذه اللجان تقتصرعلى  تقديم المشورة للجهات المعنية ، وهذه الجهات (المعنية) لديها العشرات من المستشارين ، فوجود البرلمان فائض عن الحاجة في هذه الحالة ، ولا داعي له ،سوى انه يثقل كاهل الميزانية  ، والسبب الحقيقي لوجوده هو لأرضاء أطراف معينة ، ولتكريس المحاصصة المقيتة ، ليس الا .
الكلام عن البرلمان العراقي يطول ، وكأنه (عطب وعوق مستديم) ، فكل برلمانات العالم تؤدي عملها بلا رواتب ، أو برواتب رمزية لأن لأفراده مهام  رسمية أخرى ، ولا يوجد تقاعد لأي برلماني لأنه منصب فخري ، بينما يتمتع برلمانيونا برواتب فلكية ، ويفترض انهم متفرّغون للعمل البرلماني ، ولكن بنسب غياب عالية جدا ، برلمان أناني ، يؤجّل ويسوّف القرارات المصيرية كالأمن والتقاعد والبناء ، وتراه منهمكا بمكاسبه الهائلة ، وعطله الرسمية ، وكأنهم في وادِ ونحن في وادِ ، لكنه سحيق ، فلا نراهم ، ولا يرونا .
لدينا أكثر من اربعين وزيرا ، أو بدرجة وزير ، و(أمريكا) لديها ثمان  وزارات ، وزاراتنا رغم كثرتها لم تقدم أي شيء ، وكلها فاشلة على الأطلاق ، لدينا وزارة النفط التي تتبجح كل حين بزيادة انتاجها ، فلا آبه لأني أعلم ان المواطن لا ينال أي (قضمة) أو مكسب من زيادة الانتاج ، صارت لدينا وزارة للمرأة التي بدأت توا تدخل العصور المظلمة ومحاكم التفتيش  ، وزارة للكهرباء ، أعلن السيد المالكي عن فشلها بعد عشر سنوات من استحداثها ، لدينا وزارة الداخلية الغنية عن التعريف في فشلها ، وحتى جدران سجونها غير مُحكمة ، والدليل انها (تسرّب) نزلائها كل حين ! ،  وزارة للهجرة والمهجرين ، وقفت عاجزة عن ايقاف سيول التهجير القسري أو نزيف الكفاءات الى الخارج أو أعادة فرد واحد من كفاءات الغربة ، لدينا ولله الحمد ، وزارة العلوم والتكنولوجيا ، ولا أدري اي علم وأي تكنولوجيا هذه ، وما هي الأبحاث التي تجريها ، وأي أبتكارات قدمتها للسوق وللمواطن ،لتسهيل حياته التي صارت جحيما ، أو للعالم ، وزارة يفترض فيها ان تكون سيدة الوزارات ، فالعلم سلاحٍ ماضٍ لا يُقهر ولا تصمد أمامه قوى الظلام – سيدة الموقف في البلد ، لأن الدولة عزلاء تماما من هذا السلاح .
لدينا وزارة للبيئة ، ولكنها لا تكافح السموم المسرطنة التي يستنشقها المواطن ، ولا الماء المسمّم ، أو المختلط بمياه الصرف الصحي الذي يشربه ، ولا تجابه الأنتشار العشوائي لأبراج (الموبايل ) .
لدينا وزارة للأسكان ، ونصف العراقيين ليس لهم دور ، وزارة للعمل ، ولدينا أعلى نسبة من العاطلين في العالم ، وزارة للزراعة  التي وصلت لحافة الأنقراض ، وقد كان العراق يُعد (أرض السواد) .
وزارة للموارد المائية  ونحن نرى الصحراء تسعى حثيثا لأبتلاعنا ، وزارة للخارجية ، وهي تدير افشل دبلوماسية مرّ بها البلد ، وبفضلها صار العالم ينظر للمواطن العراقي بعين صغيرة أو مغمضة ، لدينا وزارة لحقوق الأنسان ، وحقوق الانسان العراقي تُنتهك يوميا ، بسبب  تهالك الخدمات الأساسية ، ووقوفه في طوابير السير والسيطرات ، وعدم احترامه من قبل الدولة في جميع المستويات ، بما في ذلك ، عدم أحترام حياته ، والا فما تفسير الفشل الأمني الذريع ؟!.
وزاراتنا عبارة عن منشأأت وكوادر من أحزاب شتى ، كلّ يجر النار الى قرصه ، وتسعى الى تسقيط بعضها بعضا ، فكل انجاز سيُخنق في مهده قبل ان يرى النور ، وبقيت مهمتها ، تقتصر على مجرد ملصقات نجدها في الشارع هنا وهناك .
أمريكا وبريطانيا لديها حزبان فقط ، ولدينا – ولله الحمد- أكثر من 250 كيان سياسي ، لا هم لهم الا التراشق ، ولا عمل لهم سوى تبادل الأتهامات والشتائم ، وتسقيط بعضهم بعضا ، الى درجة الأقتتال بينهم ، ويبقى المواطن الذي لا ناقة ولا جمل له ، هو المتفرج والضحية في ان واحد  .
لدينا من رجال الأمن والجيش ، ما يسد (عين الشمس) ولكن ما فائدة الكثرة ومظاهر العسكرة والسلاح ، ان كانت بلا أي جهد استخباري أو استباقي ناجح ، لقد تحولوا الى أكياس للمتاريس ،وظيفتها تَلَقّي الرصاصفتُزهق أرواحُهم بلا داعِ ، فأين العلم العسكري ، والتعبئة والتنظيم والخطط والاستخبارات ؟، أين قادتنا ؟ ، هل من المعقول أن ينجح بضعة صعاليك في أختراق أكبر المؤسسات الأمنية والعسكرية ، ومتى شاؤوا ؟!.
لدينا أكبر عدد من الكتل الأسمنتية العازلة في العالم ، حوّلت أحيائنا السكنية الى سجون ، كان بالامكان استثمارها لبناء أكبر مجمعات سكنية في العالم .
لا نزال نعتبر مبدأ الكثرة في كل شيء ، هو سر النجاح وكأننا خارج هامش الزمن ، وكأننا لازلنا نتبنى مبدأ حروب (نابليون) أو عقلية (حرب البسوس) أو (داحس والغبراء) !.