بدأت ملامح أزمة سياسية جديدة في العراق تتشكل منذ عده اسابيع، وهي استفتاء اقليم كردستان, وعليه فان الجميع يعرف أن الأزمات المتكررة في بلدنا العزيز اصبحت سمة غالبة على المشهد السياسي العراقي لها جذور طائفية او عرقية، اوأجندات تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية من خلال تلك الأزمات, والبعض من السياسين الذين يعتاشون على الازمات يجدون ان الازمة مفيدة وخصوصا في هذا الوقت لاعادة انتاج انفسهم من جديد بعد فشلهم في ادارة الدولة طوال السنوات السابقة. والجميع يعلم ان الانتخابات تعد سببا رئيسا في تفاقم الأزمات السياسية في البلاد، و أن المشهد السياسي العراقي مرتبك و في واقع الحال هناك خروقات أمنية كبيرة، اضافة الى العمليات العسكرية لتحرير الاراضي المتبقية التي يسيطر عليها الارهاب التكفيري المتمثل بداعش مع ان قواتنا تسطر اروع البطولات والانتصارات والتي يجب المحافظة عليها واستثمارها بانتصار سياسي اذا اردنا الخلاص من داعش الى الابد ,بالإضافة إلى تدخلات دول الجوار في الشأن الداخلي العراقي وتنفيذ كتل الاسلام السياسي لأجندات خارجية ولهذا فإن التصعيد القومي والطائفي والإثني هي الورقة الرابحة في الانتخابات المقبلة.
وعلية فان حل الازمات دوما مايقع على عاتق قوى وشخصيات الاعتدال والحكمة وعلى راسهم الدكتور اياد علاوي الذي كان ومايزال يقدم الحلول والمبادرات لحل مشاكل العملية السياسية وانعكاساتها الخطيره على المجتمع العراقي , ولعله من المناسب ان نُذّكر كل من يريد ان يتعاطى السياسة ان يدرس ويفقه هذا الفن, فن احتواء الازمة وطرح المبادرات العقلانية , من دون تصعيد او تهديد لشركاء الوطن ,. وعلى القائد المحنك ان يعمل من أجل تسخير الخير والعدل والسلام. وذلك لان سياسات الاحتواء قد أصبحت اليوم جزء لا يتجزء من العملية السياسية فى كل الدول العالم, بمعنى ان كل من يتعاطى السياسة اليوم إما أن يكون قادرا على احتواء الغير أوسيجد نفسه عرضة للإحتواء من قِبل الآخرين الطامعين او اللذين لديهم اجندات خطيرة تعمل وفق مصالحها الضيقة, وهذا مانشهدة في الساحة السياسية من الاسلاميين اللذين سمحوا لانفسهم ان يكونوا عرضة للاحتواء من دول لاتريد الخير للعراق.
ومن هنا لابد الاشارة للدور البارز الذي لعبه الدكتور اياد علاوي قبيل استفتاء اقليم كردستان ومابعدها, حيث طرح مبادرة نالت استحسان الجميع, وجاءت منسجمة مع ماطرحته المرجعية الشريفة في النجف الاشرف , وهذه المبادرة هي لاحتواء الازمة قبل تفاقمها, حيث تالفت من ست نقاط مهمة تعكس روح العقلانية وفن سياسية احتواء الازمات , وكان ابرز ماجاء فيها هي, الحفاظ على وحدة العراق, و أن مصير كركوك والمناطق المختلف عليها يخضع لنصوص المادة 140 من الدستور و معالجة اوجه الإختلاف بما يعمق المشاركة الوطنية ويستجيب لمصالح كل الشرائح فيها ويطفئ فتيل اثارة الفتنة فيما بينها، و ضرورة ان تتخلى السلطة وبعض اطراف العملية السياسية وبشكل خاص قوى التحالف الوطني والكرد عن الدعوة الى التصعيد واستخدام لغة الانتقام والوعيد والتلويح بالحل العسكري.
وأكدت المبادرة ايضا على ان لا مواجهة مسلحة إلا مع الارهاب وعلى الحكومة والقوات المسلحة ان تلتزم بالوقوف بحزم ضد أي انتهاك لحرمة كل المواطنين، وان ترفض تدخل أي طرف في النزاع، و أن على التحالفات المشاركة في السلطة البدء بحوارات عملية بناءة على مدار الاسابيع القادمة للشروع باتخاذ كل ما يلزم لتصفية المظاهر التمييزية والاقتصادية والانفراد بالحكم، وصولاً عبر التشريعات التوافقية غير المعرقلة الى تصفية منظومات المحاصصة الطائفية والمذهبية، وتعديل كل القوانين التي تتعارض مع روح الدستور بإقامة الدولة الديمقراطية المدنية، دولة القانون والحريات والمواطنة.
لكن البعض من السياسين اللذين يعتاشون على الازمات مازال خطابهم هو التصعيد الاعلامي الغير مبرر , وهذا ان دل على شي فانه يدل على جهلهم وقلة خبرتهم السياسية , وبالتالي هم لايابهون لانعكاسات هذا التصعيد وعواقبه الوخيمة, بينما اهل الحكمة والعقل تحركوا وفق المسؤولية بالمواطنة والشراكة ومنهم اياد علاوي, وسميت مبادرته بمبادرة العقل والحكمة, وهذا هو الفرق بين من يصنع الفتنة ومن يطفاها وايضا الفرق بين السياسي المحنك والسياسي الجاهل, وعليه لابد للعقلاء من كل الاطراف ان يتوصلوا الى اتفاق عبر حوار وطني شامل تشارك به كل القوى السياسية الداخلية والمعارضة التي لم تتلطخ ايديها بدماء العراقيين, وهذا ما دعى له اياد علاوي بان يكون الحوار والاتفاق مع الكورد بمشاركة الجميع ولاينفرد التحالف الوطني بهذا الحوار لوحده ,ولكي لاتحصل صفقات سرية كما جرت في السابق بين اطراف التحالف الوطني والكورد, التي لم تنجح لانها كانت مبنية على مصالح سياسية, وعليه فان الحوار الشامل هو السبيل الوحيد للخروج من الازمة وقطع الطريق على تجار الفتن والازمات.
لذا باعتقادي على الحكومة والسيد العبادي والبرلمان, استثمار هذه المبادرة الكريمة والبدء فورا بالحوار مع الكورد وايقاف التصعيد الاعلامي وقطع الطريق على التدخلات الخارجية وليكن الحل عراقيا ولو لمرة واحدة.