بعد كارثة وفضيحة الهروب الكبير لعتاة مجرمي القاعدة من سجن أبو غريب في تموز الماضي , هاجمت المرجعية العليا في النجف الأشرف على لسان ممثلها عبد المهدي الكربلائي , المسؤولين الأمنيين وقال إنّهم لا يكترثون بأرواح المواطنيين , وجاء هذا الانتقاد الحاد من قبل المرجعية العليا بسبب تكرار عمليات هروب السجناء من عتاة مجرمي القاعدة لعدد من السجون العراقية , حيث أصبح اقتحام هذه السجون والمعتقلات وإطلاق سراح القتلة الإرهابيين من تنظيم القاعدة الإجرامي , من النشاطات العادية لهذا التنظيم الإرهابي , بل وأكثر من هذا أصبح هذا التنظيم يهاجم مديريات مكافحة الإجرام ويقتل من فيها من ضباط وجنود ويطلق سراح قادته المعتقلين .
وبعد كل عملية هروب ينتفض القائد العام للقوات المسلّحة الفيلد مارشال نوري المالكي ويأمر قادته الأمنيين كل من المارشال الدليمي والجنرال الرميثي بتشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على أسباب هذا الهروب , وقبل أن تبدأ اللجنة التحقيقية بمهامها الموكولة إليها , يفاجأ العراقيون بعملية اقتحام جديدة لسجن جديد وهروب جديد للقتلة والمجرمين أكبر من السابق , فيأمر القائد العام من جديد بتشكيل لجنة تحقيقية جديدة للوقوف على الأسباب , فينسى الناس اللجنة القديمة , وهكذا دواليك .
ويبدو من خلال هذه الأحداث المؤلمة والتي كان آخرها فضيحة الهروب من سجن العدالة في الكاظمية والتابع لوزارة الداخلية , إنّ الدولة العراقية برّمتها وليس فقط المؤسسات الأمنية , في ورطة حقيقية , والذي ساهم باتساع هذه الورطة وهذا المأزق هو القائد العام للقوات المسلّحة بنفسه , فلو كانت اجراءات القائد العام وقراراته سليمة لما تكررت حوادث هروب السجناء , ولو كانت هنالك تحقيقات واجراءات جدّية وحقيقية للمسنا نتائج هذه التحقيقات والاجراءات على أرض الواقع .
وما يحدث في العراق ليس فضيحة فحسب , بل هو مهزلة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى , وهذه المهزلة بطلها نوري المالكي وقادته الأمنيين الفاشلين , فأي بلد في العالم تحدث فيه مثل هذا الكوارث دون أن يؤدي ذلك إلى استقالة الحكومة ؟ وأي شعب في العالم تتكرر فيه هذه مثل هذه الكوارث وهو ساكت على حكومته ؟ وأقولها صراحة لكم لن تحدث مثل هذه المهازل في أي بلد في العالم عدا العراق , لأنّ بلدان العالم المتحّضر ليس فيها أمثال المالكي والدليمي والرميثي , ولوكانت عندهم ذرّة واحدة من الكرامة لتجرّعوا كأس السم بسبب هذا الفشل المتكرر , لا أن يخرجوا للناس بتبريراتهم التافهة .
في الختام .. أرواح الناس وممتلكاتهم وأعراضهم هي أمانة في أعناق المسؤولين وليس نزهة , وما يحدث من مهازل في الملف الأمني يستوجب دعوة رئيس الوزراء وطاقمه الفاشل إلى البرلمان ومحاسبتهم عن كل قطرة دم عراقية سفكت بسبب قاتل مجرم هارب من سجون الدولة , وإذا كان البرلمان العراقي لا يهش ولا ينش , فالشعب ليس كذلك , فالشعب الذي صبر على ظلم وطغيان صدّام , سيصبر هذه الأشهر المتبقية من حكم الفاشلين , وحينها سيحاسب الجميع أشد الحساب على كل هذا الفشل الأمني وهذا النزيف المستمر لدماء العراقيين .