23 ديسمبر، 2024 10:20 ص

ما يؤدي العقل إلى الاعتقاد به مستقلا

ما يؤدي العقل إلى الاعتقاد به مستقلا

ما يؤدي العقل إلى الاعتقاد به مستقلا أي بقطع النظر عن الوحي
هناك أمور لا بد للعقل أن يؤمن بها مستقلا، ولا يحتاج في ذلك إلى وجود وَحي، أو أي دين أو عقيدة تخبره به. ولا أعني بالإدراك المستقل للعقل بأن هذه الأمور كلها من البديهيات، التي يتوصل ذهن كل إنسان إليها بالضرورة والبداهة. فبعضها واضح وجلي وبديهي، وبعضها يحتاج إلى تأمل وتدبر وإمعان نظر أو إعمال عقل، وبعضها يحتاج إلى تنبيه من قبل شخص آخر في حالة الغفلة، فإما أن يسرع الذهن إلى الإذعان والقبول به بعد انتباهه من غفلته، وإما يطلب الدليل، فيسلم بذلك الأمر بعد التعرف على الدليل، والتثبت من صحة الاستدلال. ومثال ذلك إننا نعرف أن 1+1=2 بالبداهة، ولكننا لا نعرف أن الجذر التربيعي للعدد 974169 = 987، إلا بعد إجراء عملية حسابية، أو استخدام الحاسبة، لنصدق بصحة الادعاء، ولكننا بالنتيجة نصدق بكليهما، وبوجوب صدقهما وامتناع كذبهما، أو صدق ما يخالفهما؛ سواء البديهي منهما أو النظري على حد سواء، لأن كليهما ضرورتان عقليتان، بقطع النظر عن مدى الجهد المبذول في العملية الذهنية للتعرف على صحة كل منهما. وهنا لا بد من التنبيه إلى أن مصطلح (الضرورة) أو (الضروري) يُستخدَم تارة بمعنى الوجوب العقلي في مقابل الإمكان العقلي، وتارة أخرى يستخدم مصطلح (الضرورة) أو (الضروري) بمعنى البداهة في مقابل إعمال العقل أو إمعان النظر أو (النظري).