18 ديسمبر، 2024 10:59 م

ما وجه الشبه بين ترامب وهتلر – وما اهم وجوه التقارب بينهما والسبب ؟؟؟

ما وجه الشبه بين ترامب وهتلر – وما اهم وجوه التقارب بينهما والسبب ؟؟؟

ما وجه الشبه بين ترامب وهتلر – وما اهم وجوه التقارب بينهما والسبب ؟؟؟تُقارب بين خطاب هتلر وخطاب ترامب، وكيف أنّ الاثنين استخدما العنصرية للوصول للسلطة، وأيضاً اقترحا ترحيل المهاجرين، وتبنّيا الخطاب الفاشي، هتلر ضدّ اليهود وترامب ضدّ المسلمين.

ورتب الدكتور كيفن دوتن بجامعة أكسفورد مرشحا الرئاسة الأمريكية، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات العالمية التاريخية، على مقياس السيكوباتية، وفقًا لـ8 صفات منها عدم الخوف، والأنانية وبرود الأعصاب.وأحرز ترامب 171 نقطة، متقدمًا على هتلر الذى حصل على 169 نقطة، وفقًا لصحيفة “إندبندنت” البريطانية.واحتل الرئيس العراقى الراحل صدام حسين المرتبة الأولى مسجلًا 189 نقطة، بينما أحزرت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلارى كلينتون 152 نقطة.وقال كيفن دوتن: “القادة العظماء يسجلون أعلى العلامات على مقياس السيكوباتية أكثر من العامة، فالمزج بين تلك الصفات يحدد النجاح”، وتابع موضحًا: “على سبيل المثال، الشخص الذى يحصل على نقاط عالية لكونه أنانيًا وبارد الأعصاب ولا يخاف يمكن أن تكون له القدرة على اتخاذ قرارات نزيهة”.وأشار إلى أنه من الصعب تقييم قيادة كلينتون وترامب لأنهما سجلا نقاط عالية فيما يتعلق بالصفات الإيجابية والسلبية. يذكر أن المرضى السيكوباتيين يميلون إلى الشعور بعدم الندم على أفعال مدمرة، كما أنهم غير قادرين على الشعور بالتعاطف.

ترامب شعبويُ، عنصريُ، متطرفٌ، وشبه فاشي، كل أفعاله وتصرفاته تدل على أنه ذو شخصية “سيكوباتيه” معتلة، تعتبر من أكثر الشخصيات تعقيداً وإستعصاءً على الفهم، فهي تمجد الذات، وتتقن فنون الإحتيال وتمثيل دور العاقل على الآخرين، ولصاحبها القدرة على الإقناع والتأثير بالآخرين والتلاعب بأفكارهم، من خلال كلامه المعسول، ووعوده الكثيرة، وهو كذلك يتلذذ بإلحاق الأذى بمن حوله، يبهرك مظهره البراق، ولطافته ومرونته في التعامل، وحتى عصبيتهُ وفظاظتهُ، وهو شهمٌ ظاهرياً، لكن حياته شديدة الإضطراب، مليئة بالفشل والتخبّط، والأفعال اللاأخلاقية. من أبرز صفات الشخص السيكوباتي، إستغلاله للمرأة جسديا وماديا وبأبشع الصور…

“السيكوباتي” شخص شهواني لا يهتم إلا بملذاته، وهو مؤهل لمناصب قيادية، نظراً لأنانيته المفرطة وطموحه اللامحدود، القادر على تحطيم كل ما يعترض طريقه، حتى من قيم وتقاليد وصداقات في سبيل الوصول لمراده، وهو شخص لا يمكن التنبؤ بأفعاله، كونه معتلٌ إجتماعياً، غير قادر على الحب، ويتلذذ بتعذيب ضحاياه، ولا يشعر بالندم ولا التعاطف تجاههم. ألا تنطبق هذه الصفات على رئيس الولايات المتحدة الجديد ترامب؟ نعم، هو المثلُ الأعلى “للسيكوباتية”، وما تصريحاته المثيرة للجدل عن عظمة أمريكا، وإستخفافه بالآخرين، وسعيه لإبتزازهم إلا إنعكاس لشخصية هذا الرجل المعتلة، التي إجتمعت فيها أهم صفات المرض التي حددها علماء النفس، والتي تُكتسب وراثياً، فهل يمتلك هذا الرجل شيئاً من جينات النازي أدولف هتلر، كونه من أصول ألمانية؟صحيفة الإندبندنت كشفت في الشهر الثامن من هذا العام عن دراسة جديدة، أعدتها جامعة أكسفورد للدكتور “كيفن دوتن” عن أن المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، شخصية “سيكوباتيه” معقدة من الصعب التنبؤ بأفعالها، أكثر من الزعيم النازي أدولف هتلر. وان “مبدأ الأمريكي أولا يهدف للسيطرة على العالم باستخدام أساليب عسكرية، وهو ما قام عليه مفهوم هتلر للاحتلال العالمي و أن ترامب “يتبع سياسات هتلر الديكتاتورية” بتفريق الآخرين إلى فئتين “أصدقاء وأعداء” لتبرير “القمع , إلا أن التشبيه بمن أطلق الحرب العالمية الثانية ونفذ المحرقة يشكل خرقا حتى لمعاييرها و إن “الطريقة التي يفكر بها ترامب لجهة أن بإمكانه التضحية بالعالم بأسره من أجل حياة أفضل في الولايات المتحدة، وضعت حلفاءه واتباعه في موقف حرج”.

لقد كان هتلر وستالين وكيم جونغ إيل دكتاتوريين حقيقيين، فقد صقلتهم المواقف وخرجوا من رحم المعاناة، فبصمت بذلك حياتهم النفسية والإجتماعية على أخلاقهم ومبادئهم، فقد ولد هتلر في عائلة متواضعة وقد عاش حياة بئيسة وكان أبوه عنيفا يشبعه كل مرة ضربا، ومن المثير للإهتمام أننا نجد أن هتلر ذكر ذلك ودونه، وبعد موت أمه عانى هتلر من الحرمان وأصبح يعيش في مأوى للمتشردين وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع في الجيش وعمل كساعي بريد وهو عمل خطير جدا لكثرة تعرضهم لإطلاق النار والقنص من القوات المعادية، وهكذا تواصلت حياة هتلر بالمصاعب والمصائب حتى أصبح فوهرر ألمانيا، وهكذا أيضا عاش ستالين حياة بئيسة وكان يتعرض للضرب من أبيه السكير مما دفعه فيما بعد ليرد الإعتبار لنفسه فقام بتغيير اسمه من جوزيف إلى ستالين أي الرجل الحديدي، وفي وقت قصير أصبح ستالين ثوريا ينصب العداء للنظام الحاكم، ونظم عدة مظاهرات مما أسفر عن اعتقاله عدة مرات ولكنه تمكن من الهروب وواصل طريقه نحو السلطة وبالفعل حصل له ذلك وفعل بعدها ما فعل، أما كيم جونغ إيل فقد ولد في معسكر سري للمتمردين في كوريا وكان المعسكر بقيادة والده وقد عاش حياة صعبة مما جعل منه شخصية ثورية صلبة.

أما ترامب فقد تربى في أحضان والده الذي منح له الحب والمال وأدخله جامعة هي من بين الأعرق في الولايات المتحدة الأمريكية وهي جامعة بلسنفانيا، وبعد نهاية دراسته التي طبعا لم تكن فلسفية أو اجتماعية كي لا يقول قائل أنه تأثر بدراسته ولكنه كانت اقتصادية ليهيئ نفسه للدخول إلى عالم الأعمال مع أبيه، الذي خلفه دونالد فيما بعد على رأس هذه الشركات، ويذكر أنه ليس لترامب سجل سياسي كبير أو نضال معروف، بل وصل إلى ما وصل إليه من خلال أمواله وهذا ما يظهر من خلال مؤلفاته التي كتبها: أحدها حول سيرته الذاتية وآخر نصائح لمن يريد أن يصبح غنيا، وكتب أخرى حول الإقتصاد.من خلال تصريحات دونالد ترامب يتضح أنه يريد أن يعطي لنفسه الشرعية الكاريزماتكية التي تكلم عنها الفيلسوف ماكس فيبر والمتمثلة في السلطة المطلقة للقائد على الشعب الذي ينقاد له بشكل كلي نتيجة عمل عسكري أو سياسي أو ثوري مهم قام به، ولا شك أن دونالد ترامب لم يقم بشيء من هذا القبيل، وحتى لو قام بذلك فإن دستور الولايات المتحدة الأمريكية يعطي صلاحيات للرئيس ولكن دائما هذه الصلاحيات مقيدة بقرارات الكونغرس الأمريكي، ويتضح ذلك جليا من خلال قانون جاستا الأخير أين استعمل الرئيس المنتهي ولايته باراك أوباما الفيتو كمحاولة لمنع تمرير قانون جاستا وانقاذ العلاقات الأمريكية السعودية ولكنه باء بالفشل ومرر الكونغرس الأمريكي القانون، فمثلا تعيين المناصب في الولايات المتحدة الأمريكية يكون من طرف الرئيس ولكن بموافقة مجلس الشيوخ أحد مجالس الكونغرس الأمريكي، المراسيم التنفيذية الصادرة عن الرئيس يمكن توفيقها أو تعطيلها من طرف الكونغرس. أما بخصوص تصريحات ترامب عن رغبته في تعزيز العلاقات مع روسيا وحتى رغبته بالتواصل مع زعيم كوريا الشمالية الحالي فهذا لا أشك أنه مجرد كلام بسيط لا علاقة له بالحقيقة، فإن السياسة الخارجية الأمريكية غير معلقة بالرئيس فقط بل بوزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الذي يلعب دورا مهما في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية ولا يمكن لترامب لوحده أن يحدث أي تغيير يذكر، لا في السياسة الداخلية ولا الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولا داعي للترقب ولا للتخوف فكما كان العالم ينتظر تغيرا إيجابيا في عهده أوباما ولم يحدث شيء، فلا أعتقد أنه سيتغير شيء في عهد ترامب، فالسياسة الأمريكية هي نفسها ولم تتغير يوما بتغير الرؤساء.لا يمكن لترامب أن يظهر نفسه بعد الآن على أنه الزعيم العصبي الذي يقول ما يريد ويفعل ما يشاء، بل سنرى الآن رئيسا يحترم أمريكا ويحترم الشعب الأمريكي ويحترم قبل كل شيء القانون الأمريكي ومبادئ الولايات المتحدة الأمريكية، وقد رأينا كيف تكلم بعد فوزه في الانتخابات وأكد أنه رئيس كل الأمريكيين وأنه سيعمل من اجل بلده، ولا شك أنه لن يحقق ذلك إذا واصل في طريق مهازله التي لا فائدة له منها على الإطلاق، فلن يكون ترامب هتلر ولا ستالين ولكن سيكون خادما لأمريكا كسلفه حذو القذة بالقذة. لو رجعنا لحقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية عند وصول هتلر للسلطة سنلاحظ جلياً طموحات النازيون وكيف استخدموا الدعاية لعزل الشعب الألماني عن الشعوب الأخرى لغرض الهيمنة والطموح الذي يسعى أليه هتلر، لو قارنا هذا السلوك السياسي مع السلوك الذي يسعى إليه ترامب سنشاهد بوضوح نفس الأسلوب ونفس السلوك وهو تعدد الوسائل ولكن الغاية واحدة وهي السيطرة والهيمنة على السلطة التي لطالما يكون مصحوباً معها شيئاً من جنون العظمة.
· هتلر لديه الجشع الواضح بالاستيلاء على الأراضي، أما ترمب فجشعه واضحاً أصلاً حتى قبل وصولة للسلطة وهو جمع الأموال والهيمنة على الأسواق

·

·

ومن هذه النقطة بإمكاننا القول أن التاريخ يكرر نفسه اليوم بدرجة ما، فاليوم بعدما أوضح النازيون الجُدد في جميع أنحاء العالم بأنهم متفائلون بشأن ما ستفعله إدارة ترامب بشأن قضيتهم، وبينما أشار عدد لا يحصى من الناس وبعض السياسيين على مدى خطورة وصول دونالد ترامب إلى السلطة، إلا أن المقارنة التاريخية مع الأنظمة الاستبدادية لا تزال صادمة، على سبيل المثال في سنة 1934 غطى جزءاً من صحيفة غرين باي في ولاية ويسكونسن يُشرح فيها كيف وعد هتلر الشعب بأن يجعل ألمانيا عظيمة مرة أخرى وكان المقال جزءاً من سلسلة حول “قادة الرجال الحديثين” وتمت مشاركته في الصحف قصة صعود هتلر لسدة الحكم موضحاً ولأول مرة كيف تفاجأ الناس بصعوده بل وصل الأمر إلى السخرية من الحزب لدرجة اعتقدوا بأنه مجرد مزحة سياسية ولكن هتلر سرعان ما أستغل استياء الشعب الألماني من حياتهم وأتخذها فرصة لتحقيق وصولة إلى السلطة. وفي عام 1923، جمع هتلر عددًا من الرجال في “مسيرة برلين” وفشلت محاولته فشلاً ذريعاً وتم تصدير أمر ألقاء القبض عليه بتهمة الخيانة وحُكم على هتلر بالسجن لمدة خمس سنوات، وبعدها سُمح له بالسفر طويلا قبل انتهاء فترة ولايته بعد تأسيس الحزب مما أدى ذلك إلى ضحك الناس عليه، واعتقدوا أنه ذو أهمية صغيرة ولكن لم يتدارك الناس بأنهم مع مرور الوقت سيكتشفون بأنهم كانوا على خطأ، فربما هتلر قد يكون مجرد عريفاً ليس له شأن وخدم في الحرب العالمية الأولى ولكن من أثار السخرية منه لم يتداركوا أنه سيكون كأحد الشخصيات القوية التي تحكم قبضتها في البلاد.

استفاد أدولف هتلر من معاناته داخل السجن وخارجة وأصّر أن يلقي على مسامع الناس خطباً رنانة تفيد بأنه سيجعل ألمانيا “عظيمة” مرة أخرى، وألقى باللوم على اليهود والاشتراكيين والشيوعيين وغيرهم ووصفهم بالديدان الضارة واكتسبت خطبه الرنانة بإغواء مسامع أتباعه ونجح في الترويج لقضيته، وسرعان ما تناقلت عباراته بين أرجاء أوروبا حتى وصفوه بالغطرسة والعداء للسامية وظهرت خطاباته جلياً في الصحف الغربية والراديو في الولايات المتحدة وكانت إحدى عباراته التي انتشرت في سنة 1940 قبيل الحرب العالمية الثانية مفادها: “يجب إعادة تعريف القومية والاشتراكية ويجب دمجها في فكرة واحدة قوية جديدة لتحمل قوة جديدة تجعل ألمانيا عظيمة مرة أخرى”.

هذا الخطاب يكرره اليوم ترمب لأتباعه وأنصاره ولكن بنكهة جديدة زاعماً بأنه سينهض بأمريكا من جديد “سنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، لطالما هذه العبارة تستهوي وجدان النازيون الجدد في أوروبا والعالم، فمن وجهة نظر واقعية أن الفرق بين هتلر وترمب ليس كبيراً فكلاهما يشتركان في الجشع نفسه المسيطر على كيانهم، فهتلر لديه الجشع الواضح بالاستيلاء على الأراضي، أما ترمب فجشعه واضحاً أصلاً حتى قبل وصولة للسلطة وهو جمع الأموال والهيمنة على الأسواق.

يبدو أن بعض السياسيين ما زالوا لا يمتلكون غير السخرية في مواجهة خطر ترمب على الولايات المتحدة، ولا تزال بعض الأنظمة السياسية صماء أمام ناقوس الخطر الاقتصادي، وخصوصاً بعد بداية احتدام الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة متبجحين بأن إدارة ترمب هو الطريق السالك للاقتصاد الأمريكي وخصوصاً مع قرب انتخابات 2020 حيث أشارت التقارير حسب صحيفة الفايننشال تايمز إلى تصاعد الخطر الاقتصادي نتيجة السياسات التي تنتج عن إدارة ترمب ومواقفة من خصوم بلاده وحلفائها. ولكن يبقى السؤال هو: إلى أي طريق تتجه إدارة ترمب في سياستها؟ وهل نغمة الارتقاء إلى عظمة البلاد ستكون نتيجتها نفس النغمة التي رددها هتلر؟

بعد أن سخر الكثيرون من تصريحات دونالد ترامب قبل توليه الرئاسة، تحولت هذه السخرية الآن إلى قلق من قرارات الرئيس الأمريكي الذي لم تمض على فترة رئاسته سوى أيام.

ويلفت الانتباه تشابه خطوط عديدة بين كيفية وصول ترامب إلى الرئاسة، والظروف التي جلبت للحكم واحدة من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في التاريخ: أدولف هتلر.

Post a Tweet on Twitter

تبدو توجهات ترامب لكسب المؤيدين شبيهة بأساليب هتلر؛ فهو يستخدم عبارات تحمل أكثر من معنى، وينادي بأن تعود أمريكا عظيمة كما كانت سابقًا، ولكن في هذا «السابق»، بالعودة للخمسينات، كان الأمريكون ذوو الأصول الإفريقية واللاتينيون مُضطهدين

يعود هوس الناس بأنفسهم وذواتهم إلى قديم الأزل، وقبل ظهور ما يعرف بـ «السيلفي» أو وسائل التواصل الاجتماعي، بعقود وقرون طويلة .فقد بدأت قصة حب الذات المرضي من خلال إحدى الأساطير الإغريقية الشهيرة التي تدور حول «نرسيس» الشاب المتغطرس فائق الوسامة والجمال الذي رفض حب كل من أُعجبت به، لتسلط الآلهة نفسه عليه عقابًا له، فيرى مصادفة انعكاس صورته في البحيرة ليقع في حب نفسه دون أن يدري أن ذلك ما هو إلا انعكاس لوجهه، فيرفض أن يتحرك من أمام صورته الجميلة وفي النهاية يغرق بسببها فتنبت مكانه زهرة النرجس التي جاء منها مصطلح النرجسية

عندما اُعلن عن نهاية الحرب العالمية الأولى، وخسارة المانيا فيها وتنازلها عن اراضي الألزاس واللورين، كان هتلر حينها في المستشفى يعالج من اصابته في معركة مع البريطانيين، فكتب يلعن الساسة الألمان، ويعد بأنه سيعمل “من اجل ان تعود المانيا دولة عظيمة مرة اخرى”. وكرر فيما بعد هذا الشعار مرات عديدة.
استخدم الرئيس الاميركي دونالد ترامب شعاراً مماثلاً في حملته الانتخابية هو: “سأعمل من اجل ان تعود امريكا عظيمة مرة اخرى”، ولا يزال يستخدمه حتى بعد ان اصبح رئيساً للولايات المتحدة الامريكية. وبهذا الخصوص علقت هالة غوراني، صاحبة برنامج اخباري في قناة سي ان ان التلفزيونية، بأن امريكا عظيمة الآن، كما تشير جميع المؤشرات الاقتصادية، فهل يريد ترامب ان يجعلها أعظم؟ والغريب ايضاً استخدام ترامب شعار “امريكا أولاً” في خطاب التنصيب في العشرين من الشهر الماضي، وهو الشعار الذي استخدمته الحركات النازية الامريكية في الثلاثينيات من القرن الماضي. بالتأكيد ان ترامب ليس نازياً ولا فاشياً، لكنه شعبوي كما كان هتلر شعبويا، ويبدو ان هذه الصفة مرافقة لأغلب الشخصيات الدكتاتورية والتسلطية.
يبدو ان الثغرة التي دخل منها ترامب الى عالم السياسة، تتعلق ببعض المظاهر التي تصيب الاقتصاديات المعولمة، كبطالة قطاع من القوى العاملة المحلية واستخدام العمالة الأجنبية، والأستثمار في مختلف بلدان العالم، والأنفتاح التجاري الهائل، ونمو الشركات المتعددة الجنسية وغيرها. ومن خلال حملته الانتخابية حفز ترامب شرائح من العمال البيض العاطلين عن العمل، الذين اكثريتهم لم يمارس التصويت سابقاً في الانتخابات الامريكية، وذلك من خلال شعاراته بتوفير العمل، وطرد العمالة الأجنبية، وبناء سور بين امريكا والمكسيك، وإعادة الراسمال الامريكي من الخارج، وتغيير مراكز القوى في واشنطن وغيرها، اي بإختصار اعتماد سياسة ”الحماية الاقتصادية” بدلاً من العولمة الاقتصادية. ومع الفارق بين ما يجري الآن في الولايات المتحدة الامريكية والمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، فأن وصول هتلر الى للسلطة جاء نتيجة للأزمة الراسمالية لعام ١٩٢٩، والعقوبات القاسية لإتفاقية فرساي ١٩١٩ على المانيا، التي سببت في الركود الاقتصادي لألمانيا، والزيادة الكبيرة في عدد العاطلين عن العمل.
لم يمر الاسبوع الاول على تولي ترامب منصب الرئاسة، حتى بدأ بإصدار سلسلة من المراسيم الرئاسية، وكان منع دخول مواطني سبع دول اسلامية للولايات المتحدة من اول تلك القرارات، بحجة انها بلدان يحتمل ان تصدر ارهابيين الى امريكا! والمضحك ان جميع البلدان الممنوعة من السفر، لم يصدف لأي احد من ابنائها ان قام بعمل ارهابي في امريكا. كما بدأ بممارسات هددت علاقات امريكا الدولية، كالتهديد بالإنسحاب من معاهدة التجارة الحرة لبلدان امريكا الشمالية (NAFTA) التي تضم كندا والمكسيك والولايات المتحدة. وكذلك الخروج من اتفاق الشراكة والتعاون لبلدان ما وراء المحيط الهادي
(TPP) والتي تضم اثنتا عشرة بلداً: استراليا، بروناي، كندا، شيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزلندا، بيرو، سنغافورا، الولايات المتحدة، وفيتنام. وكانت الصين قد حاولت مراراً الإنضمام الى هذا الاتفاق، إلا ان موقف الولايات المتحدة كان بالضد من إنضمامها، ويبدو الآن ان الطريق اصبح مفتوحاً امامها. ولم يتردد ترامب بتهديد اتفاقية دول حلف الأطلسي العسكرية، إذ صرح بأنه سوف لن يساعد الحلف مادياً، إذا لم تُسهم بقية الدول بالحصة المتفق عليها وهي ٢٪ من الناتج القومي الآجمالي لكل عضو في الحلف، علما ان مساهمة امريكا لا تزال اقل من الحصة المتفق عليها. وأيد ترامب بقوة خروج بريطانيا من المجموعة الاوروبية، ويشجع الآن اليمين المتطرف الاوروبي الذي ينادي بالخروج من الشراكة الاوروبية. اما موقفه من القضية الفلسطينية فهو الآخر مثار للسخرية، عندما صرح بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، بأنه “يؤيد حل الدولتين، او حتى الدولة الواحدة” إذا ماتم الاتفاق عليه بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، مما يدل على جهله التام بتعقيد القضية وملابساتها.
ان ردود الفعل الشعبية الرافضة لرئاسة ترامب جاءت عارمة وسريعة من خلال المظاهرات والاحتجاجات في اغلب المدن الأمريكية، خاصة مظاهرة النساء المليونية، ولا يبدو حتى الآن بأن ترامب مهتم بكسب ود الجماهير التي لم تنتخبه. كما خرجت المظاهرات الحاشدة والمنظمة امام المطارات الامريكية للتضامن مع المسافرين الواصلين من الدول السبع الممنوعة، وكانت المحكمة العليا قد ابطلت قرارات المنع بإعتبارها مضادة لمبادىء الدستور الأمريكي. ويبدو أخيراً بأن ترامب بدأ بالتراجع نسبياً عن بعض القضايا التي طرحها في إطار حملته الانتخابية، كنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، والموقف المتشنج من دول حلف الاطلسي، وكذلك من الصين واليابان. ورغم تشدد ترامب مع اغلب دول العالم، إلا ان موقفه المهادن لروسيا كان احد المسائل التي وقف عندها اغلب المحللين السياسيين.
دخل ترامب عالم السياسة وهو شبه هاوً بأجوائها، فلم يكن يوماً منتمياً الى المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة، إذ جاءها من عالم الأعمال الذي نجح فيه بشكل مثير. وبالتأكيد ان هذا الجهل بالمتطلبات السياسية والادارية قد انعكس عل تخبطه بإجراءات ووعود لا تمت الى ماهو معروف عن ثوابت سياسة الولايات المتحدة. ويبدو انه يحمل غضائن من ادارة سابقه الرئيس اوباما، فهو لا يزال يعاديه حتى بعد ان اصبح رئيساً، إذ ينتقده في كل مناسبة، محاولاً تبيان فشله، بدءاً ببرنامج الرعاية الصحية، التي استفاد منه اكثر من ٢١ مليون امريكي، جلهم من الفقراء، ماراً بالإتفاق النووي مع ايران.
يحب ترامب الخطابة، خاصة امام الجماهير الكبيرة التي تهتف باسمه وتؤيده. اما المواضيع التي يتحدث فيها فهي متنوعة، يغلب عليها حب الذات، والكثير منها يصعب تأكيدها، المهم بالنسبة له ان يتحدث، ولا يهمه إذا ما قال شيئاً لا يتفق مع الحقيقة. يكره الصحافة والاعلام، خاصة المؤتمرات الصحفية، إذ يكره اسئلة الصحافيين، وتصحيحهم لما يقوله. ردود افعاله على الاحداث سريعة، وتبدو انها غير مدروسة تماماً، مستخدماً تغريدات التويتر القصيرة لتبيان وجهة نظره.
ورغم انه وصل الى الرئاسة كمرشح للحزب الجمهوري، إلا ان كثيرا من شخصيات الحزب في مجلس النواب والشيوخ لا يتفقون معه، لكنهم مضطرون الى تاييده، خوفاً من ان يصب هذا لصالح المعارضة من الحزب الديمقراطي. إذا ما استمر ترامب بسياسته الحالية، فإنه سيفقد بالتأكيد تأييد نواب حزبه في المجلسين، خاصة عند اقتراب موعد الانتخابات النصفية بعد سنتين تقريباً. وقد صرح ماكين الشخصية المرموقة في الحزب الجمهوري أخيراً، بأن ترامب يعتمد اسلوباً دكتاتورياً في الحكم.
يعتمد ترامب على شخصيات سياسية من غلاة اليمين المتطرف، وكذلك من رجال الأعمال والمال البارزين الآكثر ثراءً، و تم ترشيح بعضهم لتسنم اهم المناصب السياسية في امريكا. ويبدو ان الإداء المهني لإدارة ترامب ستعاني من عقبات كثيرة، خاصة في المستقبل القريب، بسبب تضارب توجهات الشخصيات التي تحتل المراكز المرموقة، وكذلك قلة خبرة بعضهم في كثير من القضايا الستراتيجية. أما ماذا سيحل بترامب وسياساته؟

وللوقوف عند طبيعة المقارنات التي سأحاول اليوم رصدها للمقاربة بين طبيعة شخصية ترامب وشخصية هتلر، ألخص بعض التصريحات والمواقف والسلوكيات من كلاهما، لمحاولة قراءة طبيعة المرحلة المقبلة بالاستفادة من الماضي وتجلياته.
– (بين عصبة الأمم، والأمم المتحدة)
(هتلر): في أكتوبر من عام 1933، بعد حوالي تسعة أشهر من تعيين أدولف هتلر مستشاراً لألمانيا، أعلنت الحكومة الألمانية إنسحابها من عُصبة الأمم.
(ترامب): أكد ترامب في رده على سؤال صحفي في ديسمبر من عام 2016، أن الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الأمم المتحدة لا تتناسب مع مردود هذه المنظمة، معتبراً أن هذه المنظمة تشكل مضيعة للوقت.
وهذا يعكس الرغبة بالانعزال عن العالم وقوانينه وأنظمته لدى الطرفين.
( العداء للأقليات في المجتمع)
(هتلر): مع وصول أدولف هتلر في العام 1933 للحكم في ألمانيا، أعلن العداء لليهود على أساس دينهم، ولم يخفي العداء لمن ليسوا من أصحاب العرق الأري سواء كانوا يعيشون في ألمانيا أو خارجها.
(ترامب): في خطابه الأول بعد تقليده رئيساً للولايات المتحدة، أعلن دونالد ترامب الحرب ضد المسلمين حين قال أنه سيعمل على توحيد العالم “لمحو الإسلام المتطرف من على وجه الأرض”، وبذلك تبرز وبوضوح الصورة الحقيقية لموقفه المعادي للمسلمين على أساس دينهم، اضافة الى العداء للاقليات الأخرى من اللاتين والأفارقة وغيرهم.
(لعبة التحالفات)
(هتلر): لم تتمتع العلاقة بين نظام هتلر النازي وحلفائه في دول المحور كاليابان وإيطاليا بالكثير من الإنسجام أو التفاهم، حيث لم يكن هتلر يبدي تجاه حلفاءه الاحترام الكافي الذي يؤهل التاريخ ليجعل من قصة تحالفه معهم قصة نجاح، خصوصاً مع استذكارنا للنتائج الكارثية للحرب العالمية الثانية على ألمانيا واليابان وإيطاليا اضافة الى النمسا.
(ترامب): بالرغم من الدفء الذي إتسمت به العلاقة بين واشنطن وحلفاء الناتو منذ إنضمام الولايات المتحدة للحلف كمؤسس في العام 1949، إلا أن ترامب لم يتردد في القول في سياق مقابلة له مع صحيفتي “بيلد” الألمانية و”تايمز” البريطانية، إن حلف شمال الأطلسي “منظمة هامة لكن الزمن عفى عليها”، منتقداً سلوك الحلف وفشله في معالجة الكثير من القضايا الدولية والارهاب الى ما غير ذلك.
هذه التصريحات أثارت قلق دول الحلف وأثارت زوبعة إعلامية حول مصير هذا الحلف الذي يعد جدار دفاع لأوروبا في مواجهة الدب الأبيض.
(إختطاف الحزب)
(هتلر): لم يتوانى الزعيم النازي بعد وصول حزبه الى الحكم في المانيا من البدء بخلق التغيير الجذري داخل حزبه النازي، حيث قام بإقصاء كل من حاول الاختلاف معه ليضع خيوط التأثير في حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني بيده فقط، متوعداً كل خصومه الداخليين بانتزاعهم الى الأبد.
(ترامب): لم يحدث أن وصل رئيس جمهوري للولايات المتحدة على أنقاض صراعات محتدمة مع خصومه الاخرين داخل الحزب، حيث أكد الكثير من زملائه في الحزب على عدم دعمهم لترامب في صراعه الرئاسي رغم تمثيله لحزبهم، وذلك نظراً لسلوكه العدواني والاقصائي تجاههم وتجاه الاخرين، الأمر الذي أدخل الحزب الجمهوري في فوضى عارمة حسبما أفادت وسائل الإعلام الأمريكية.
(الإنفاق العسكري)
تتشابه أيضاً النظرة بين الشخصيتين تجاه القوة والعظمة الذي تمثل القوات المسلحة إحدى أهم تجلياتها، فمع وصول هتلر الى الحكم باشر بزيادة الانفاق العسكري ورفع من مستوى كفاءة جيشه ليدخل العالم في سباق من التسلح العسكري، وكان يعد دائماً بتطوير جيشه وقدرات بلاده وزيادة نفوذها في مختلف المناطق في العالم، ويتكرر الأمر مع دونالد ترامب الذي أعلن نيته زيادة الإنفاق العسكري ورفع مستوى الفعالية لضرب “داعش”، متوعداً إيران وكوريا الشمالية بخطوات عقابية خطيرة، قد تجر العالم الى مزيد من التوتر، ولربما لا قدر الله، إلى حرب عالمية ثالثة تحرق الأخضر واليابس.

وبالرغم من هذه التشابهات التي حاولت رصدها في مقالي اليوم، إلا أنني لا أدعّي الجزم في توقعاتي تجاه المستقبل، إلا أننا نتفق جميعاً أن العالم يدخل في نفق مظلم إذا ما سادت أفكار التطرف والكراهية للاخرين، وأصبح الحديث فيها علنياً وبدون مواراة.