يبدو ان سياسة السعوديه قد تغيرت جوهريا بعد موت الملك عبد الله فبالرغم من المآخذات الكثيرة على الانظمة السعودية السابقة الا ان النظام الحالي بزعامة الملك سلمان وولي عهده وخارجيته قد أفسد أغلب المكاسب الاقتصادية والسياسية التي كانت على عهد أسلافه !
لم يتوقع أحد من المراقبين هذا الأداء المتدهور لحكومة الملك سلمان ، فهم يهاجمون من دون أي أهداف ! ويهددون ويعربدون من دون وجود أعداء ! ويتراجعون من دون اي استحياء !
ماذا يريد سلمان ؟ هل يريد أن يكون لاعبا سياسيا كبيرا في المنطقة ؟ هل هي الطبيعة العدوانية للنظام الوهابي المجرم ؟ هل كان للاموال السعودية دور في صناعة الطغاة وفراعنة العصر ؟ أم هو صراع طائفي وحرب بالوكالات؟
برأيي ان أغلب النقاط التي ذكرناها هي جزء من طموح بعض الحكام وبالتالي هي جزء من المشروع السياسي لهذه الدول !! خاصة تلك الدول الناشئة على أنظمة قبلية وبدوية كالنظام السعودي ! ومن هنا نفهم الطبيعة العدوانية التي يتسم بها حكام السعودية لانهم تعلموا أن يأخذوا كل شيء باثارة الفتن والاعتداء ، وكأنهم مازالوا في البادية وعقلية القبائل الغازية والقوية !
ان ما نشهده اليوم من اعتداءات على الطائفة الشيعية الكريمة من تكفير وتهجير وتقتيل واستبعاد من الوظائف والدوائر الامنية والعسكرية هو شاهد على الطبيعة الطائفية والعدوانية لهذا النظام وانتهاك واضح لابسط حقوق المواطنة في التمييز والاذلال مما أثار حفيظة أبناء هذه الطائفة الكريمة التي رفضت الذل والعدوان والفقر ، وطالبت بالعدالة والمساواة بالطرق السلمية ! علما ان الطائفة الشيعية السعودية ليس لديها أي طموح في الحكم أو الاقصاء فهي تتسم بالعقلانية الرشيدة والحكمة والتواضع ! وللاسف الشديد كلما كان الشيعة أكثر عقلانية كلما كان الرد أقسى وأشد عليهم بالتكفير والتفجير والقتل والاعدام مما أثار رموز هذه الطائفة وعلى رأس هؤلاء ، الشهيد السعيد آية الله نمر باقر النمر الذي اعتقل وعذب لمرات عديدة قبل اعتقاله الأخير واعدامه ! وبالتأكيد تبقى أسئلة كثيرة تبحث عن اجابات .. لماذا تم اعدام النمر ولماذا هذا التوقيت ؟ ان لهذا الاعدام دلالات وأسباب مهمة.
أولا : ان التدهور المتصاعد في العلاقات الايرانية السعودية والتركية من أبرز هذه الأسباب ، لان التصور السعودي يبنى على أن الشيعة السعوديين هم أعداء ولا يمتلكون الولاء لحكام المملكة وينقادون فكريا وعقائديا وسياسيا الى المراجع الشيعية في قم والنجف !
ثانيا : حاول النظام القبلي السعودي اسكات جميع الأصوات المعارضة لحكمه بتقديم الأموال وشراء الذمم وقد جرب حظه مع الرموز والقيادات الدينية الشيعية على مر العصور ولم يستجب أي منهم بل حتى بسطاء الشيعة رفضوا التعاون معه على أسس طائفية !
ثالثا : تعاظم الدور الايراني في المنطقة وشعور التحالف السعودي التركي بتضائل دورهم الاقليمي والدولي بعد الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الخمسة زائد واحد وفشلهم الذريع في ازاحة الرئيس السوري بشار الأسد وانحسار تنظيم داعش في العراق وتدهور العلاقات الروسية مع كلا الدولتين مما جعلهم يبحثون عن أنتصار وهمي ، ينتشل خيبتهم ويرجع هيبتهم ، وحدى بهم الاعلان عن اتفاق ستراتيجي جعل من ايران العدو التاريخي اللدود والهدف القادم لهم ! وهذا ما صرح به كلا الطرفين بانهم أنصار للسنة والمدافعين عن حقوقهم في العالم بما فيهم سنة ايران ! وهم على استعداد كامل لتقديم أنواع الدعم للاقلية السنية في ايران ؟! خاصة بعد الضربة القاصمة التي تلقتها السعودية بقتل محمد زهران علوش الذراع السعودي والقائد العسكري والزعيم الروحي لتنظيم جيش الاسلام الذي كانوا يعولون عليه الكثير ويقدمونه أحد أهم القيادات المعارضة في المفاوضات المرتقبة مع حكومة الرئيس الأسد ! وشخصيا لا استبعد في أن الزيارة الأخيرة والثالثة للرئيس اردوغان في الفترة القصيرة لحكم الملك سلمان قد اكتملت من رسم الخطوط العريضة لاتفاق ستراتيجي (طائفي) لاثارة المزيد من النزاعات في المنطقة كمحاولة لسحب ايران الى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر باشراك حلف الناتو وتحالف الدول الاسلامية السنية التي شكلتها السعودية مؤخرا لمحاربة الارهاب !! ومن هنا أقدمت السعودية على فعلتها الشنيعة باعدام الداعية المجاهد الشيخ النمر بتطيق بنود الاتفاق التركي السعودي لاشاعة الفوضى الخلاقة وجر الامة الاسلامية الى المزيد من التناحر الطائفي لزعزعة استقرار المنطقة واذكاء نار الفتنة والمزيد من الحروب الطائفية ..