إننا نقصد بالمسئولية الشرعية تلك الأحكام العقائدية التي هي منظومة أخلاقية كاملة قد تكون ضمن عقيدة سماوية كما جاءت في سورة الشورى آية 13: شرع لكم من الدين.. . أو ضمن نظرية وضعية يتبناها الفرد أو جهة ما منهجاً دنيوياً دون إكراه ويطبقها في حياته اليومية وفي تعامله مع نظرائه وما يجري حوله بمنتهى المسئولية وبأسلوب حضاري ونهج إنساني راقي بعيداً عن منطق الغالب والمغلوب. لكن للأسف هذا كله صار لا يعتد به بعد عام 2003 وسقوط نظام حزب البعث المجرم على أيدي جنود الجيش الأمريكي، ومن ثم موافقة البيت الأبيض الأمريكي لاستلام الشيعة صدارة السلطة في العراق الجديد، وبعد إعطائهم الكارت الأخضر الأمريكي كمكافئة لهم؟ أصبح هؤلاء الأشياع يتعاملون مع الآخر بمنطق التورية والمعاريض والغالب والمغلوب،وتمادوا في غيهم أكثر في هذا المضمار حتى أنهم حنثوا بالقسم، وإحدى الدلائل الواضحة والجلية في هذا الموضوع عدم تطبيق المادة (140) في الدستور الاتحادي، التي تنص على تطبيقه في المناطق المتنازعة عليها بين العراق وكوردستان بحلول عام 2007، لم يكتف الأشياع بهذا فقط، بل صاروا يطلون على الشعب في العراق من على شاشات الفضائيات ويزعمون دون حياء وخجل: أن كركوك غير كوردية. هذا ما زعمه شيخ معمم بالعمامة البيضاء ويقود إحدى الميليشيات الشيعية التي ارتكبت مجازر وهتكت الأعراض في السادس عشر من أكتوبر من العام الماضي في كل من مدينتين كوردستانيتين هما خورماتو وكركوك. هنا نسأل من هذا الشيخ..، هل أن الدستور الاتحادي الذي أقسمتم بالقرآن على تطبيق جميع بنوده دون استثناء، يا ترى هل طبقتم المادة (140) وتبين فيما بعد أن كركوك غير كوردية، حتى تزعم مثل هذا الكلام.. الذي أقل ما يقال عنه أنه كذب فاضح بعينه؟ ألا يخجل الشيخ من نفسه حين يزعم أن كركوك غير كوردية؟. عجبي، هل مثل بقية الأمور الأخرى.. يريدون إغلاق منافذ الفكر والتفكير عند عامة الناس حتى يصدقوا اعتقاداتهم الواهية؟؟. الطامة الكبرى أنه انحاز في سياق كلامه إلى جانب الأقلية التر كمانية التي جاءت بها الصفويون والعثمانيون من تركمنستان في آسيا الوسطى كجنود مرتزقة لحماية عروش الطغاة من ثورات شعوبهم ضدهم. نقول لهذا الشيخ، أن أردت تعرف حقيقة كركوك راجع الانتخابات البرلمانية العراقية التي بدأت في عام 1925 واستمرت لستة عشر دورة انتخابية إلى عام 1958 إذا تبين لك ولمن على شاكلتك خلال هذه الستة عشر دورة التي استمرت لـ 33 سنة بأن التركمان فازوا في واحدة منها فقط عندها تكون كركوك تركمانية كما تزعم. وفيما يخص الجانب العربي في كركوك، لو كان العرب موجودون في كركوك، لماذا لم كونوا ملاك أراضي فيها حتى عام 1958؟، جاء هذا في كتاب قيم ومعتمد بعنوان: ( العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية) تأليف (حنا بطاطو)، الكتاب الأول، صفحات 81،82،83،84،85، 86، جدول 5-3 تحت عنوان العائلات الرئيسية المالكة للأراضي في العراق عام 1958. بينما يذكر المؤلف العوائل الكوردية التي امتلكت كل الأراضي الزراعية في كركوك: كالكاكائية والبابانية والطالبانية والجاف البيكزادة والخانقاه الخ. هنا أتوجه للكوردي الشيعي، بعد كل هذا الظلم الفاحش ضد الكورد من قبل الأشياع، ألا يعلم ذلك الكوردي الشيعي الذي يسير خلف القيادات والأحزاب الشيعية بأن هؤلاء الناس كذابون وعنصريون ويعادون الكورد سنة وشيعة. حتى أن مراجعهم في النجف وكربلاء وقم ومشهد ساكتون لا ينطقوا ببنت شفة ولا يحركوا ساكناً فيما يخص الشعب الكوردي وحقوقه المهضومة وأراضيه المغتصبة من جانب الأشياع الذين زرعوا في تلك المناطق كمستوطنين جاءوا بهم من مناطق بعيدة عن الوطن الكوردي. السؤال هنا، ألا يخجل الكوردي الشيعي من نفسه وهو يسير خلف هؤلاء الأشياع الغرباء عنه مغمض العينين وهم يرتكبون أبشع الجرائم ضد أبناء جلدته؟ ويحتلون أجزاءاً من وطنه كوردستان، هل النملة أكرم منكم كما قال الشاعر (مظفر النواب) وهي تعتز بثقب الأرض، أما أنتم لا تعتزون بوطن لكم اسمه كوردستان مهد البشرية الأولى والثانية وتنبع منه أنهر دجلة والفرات وكارون وآراس الخ. في نهاية هذه الجزئية، أقول للكورد الشيعة، كفى خوف من الخزعبلات.. انظروا إلى غيركم كيف أنه يستغل المذهب من أجل مآربه السياسية والعرقية وأنتم بمحض إرادتكم تصبحون مطية لهم وهم يعدونكم دون البشر، كفى اصحوا من غفوتكم، البشرية في العقد الثاني من القرن الـ21.
هل يعرف الكوردي ما هو الواجب القومي الذي يقع على عاتقه، وأعني به تحديداً الكورد الشيعة، يجب عليه أن يحافظ على هويته التي وهبها له الخالق أن يكون كوردياً وكوردستانياً قلباً وقالباً، لساناً وانتماءاً، بمعنى أنه ينظر إلى كل الأمور حوله ويتعامل معها بمنظار كوردي وكوردستاني. على سبيل المثال وليس الحصر، مشاركته في الانتخابات التشريعية القادمة في العراق الاتحادي، يجب عليه أن لا يمنح صوته الانتخابي لغير الكورد كائناً من كان، ومن لا يمنح صوته لجهة هويته كوردستانية يكون مشكوكاً في أخلاقه وفي انتمائه القومي للكورد. باستثناء حزب جلاب طالباني وهيرو إبراهيم أحمد ما يسمى بالاتحاد الوطني الكوردستان الذي هو لا وطني ولا كوردستان لقد شاهدتموه كيف أنه تآمر على الشعب الكوردي وصار دليلاً حين سار قبل عدة شهور أمام الغزاة العراقيين لاحتلال المدن الكوردية كخورماتو وكركوك وخانقين الخ. الشيء الآخر، يجب أن تعلموا، إذا منحتم أصواتكم لجهة غير كوردية وكوردستانية يعني أنكم تمنحون أصواتكم لمن يعد العدة كي يبيدكم وفي أحسن الأحوال يستحوذوا على ممتلكاتكم ويهجروكم إلى كوردستان بطريقة مذلة ومشينة، ألم يقولوها لكم إبان الاستفتاء، إذا نجح الاستفتاء يسبون نسائكم وينهبون أموالكم كما فعل الأعراب الأوائل؟، لذا اعلموا، إذا منحتم أصواتكم هذه المرة لغير الكورد يعني أنكم تصوتون لاستمرار احتلال نصف مساحة جنوب كوردستان وتعريبه وتشييعه، وعندها الخطر يحدق بالنصف الآخر، متى ما سنحت لهم الفرصة يهجمون على هذا النصف الآخر كالأوباش، وهذا يعني أيضاً، استمرار قطع موازنة إخوانكم في الإقليم لكي يستسلموا لإرادة الشر الشيطاني. ألم تلاحظوا كيف أن القيادة الكوردية تعاملت خلال الأعوام التي تلت 2003 بكل صدق وإخلاص مع هؤلاء الأشياع، إلا أنهم كالعادة كما هم على مدى تاريخهم.. يتعاملوا مع الآخر بمنطق التورية والمعاريض، فلذا لم يكونوا صادقين مع الكورد بتاتاً، لقد حنثوا بالقسم، ولم يحترموا حتى تواقيعهم التي وضعوها على الاتفاقيات التي عقدوها مع القادة الكورد أمام أنظار العالم،وخالفوا الدستور الاتحادي الدائم منذ اللحظة الأولى التي وضعوا أيمانهم على القرآن وأقسموا بأنهم يكونوا أمناء على تطبيقه، إلا أنهم كالعادة كذبوا. بل حتى أن مراجعهم فيما يخص الكورد ساكتة لم ولن ينصفوا الكورد فيما يتعلق الأمر بعدم تطبيق القيادات الشيعية السياسية لبنود الدستور، إلا أن هذه المراجع رفعت صوتها عالياً ضد حقوق الكورد المشروعة حين قامت القيادة الكوردية باستفتاء شعبها على نوع العلاقة مع حكومة بغداد. في الختام نقول لكم بكل صدق وأمانة، أن أصواتكم في الانتخابات العراقية القادمة في الثاني عشر من أيار أمانة وطنية وقومية في أعناكم حذاري أن تمنحوها لغير بني جلدتكم باستثناء حزب جلال طالباني الذي خان القضية في الثاني عشر من أكتوبر من العام الماضي.
29 04 2018
قُل للشامتين بنا أفيقوا … فإن نوائب الدُنيا تدورُ.
(المتنبي)