منذ عام 2011 دخل عدد كبير من البلدان والمجتمعات الدولية الأزمة السورية وكل منها تدعم الأطراف المختلفة. وفي ظروف تخفيض التوتر التدريجي وفوز بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية يمكن أن يستنتج بشأن سياسات ثلاثة البلدان الأساسيىة المتدخلة في النزاع السوري وبينها روسيا والولايات المتحدة وتركيا.
أما تحركات الولايات المتحدة خلال فترة الأزمة السورية يجب أن يذكر الحقيقة أنّها قد أعلنت واشنطن الأهداف المختلفة لتدخلها في سوريا. وكل رأس البيت الأبيض الجديد يصرح التفاصيل الجديدة للأهداف الأمريكية في المنطقة. في بداية الأحداث عبرت الولايات المتحدة عن دعمها للمعارضة السورية وبعد ذلك قامت بتمويلها وتسليحها في حربها ضد “نظام” الأسد كما تسمه بعض البلدان الغربية والخليجية. وثم من أجل تدمير تنظيم داعش قد تم تشكيل التحالف الدولي تحت رئاسة واشنطن التي تمكنت من إقامة العلاقات الصديقة مع الإدارة الكردية الذاتية لأنها لعبت دوراً هاماً في انهزام الدولة الإسلامية وتعتبرها أمريكا قوةً إقليميةً ذات النفوذ السياسي. بعد إعلان عن تدمير داعش الكامل قال دونالد ترمب إن الهدف الأساسي للسلطات الأمريكية هو حرس حقول المحروقات حيث تستخرج واشنطن النفط السوري. في إطار هذه الجهود يقوم الخبراء الأمريكيون بتدريب مسلحي فصيلة “جيش مغاوير الثورة” التي أفرادها وبرنامج تدريبها يسببان القلق والتوتر. جدير بالذكر أن القوات المسلحة الأمريكية ليس لها الأساس القانونية لوجودها في الأراضي السورية.
أما تركيا، فتدخلها في الأزمة السورية المشابهة للأسلوب الأمريكي – نفس العمليات العدوانية، البيانات القوية من قبل مسؤوليها وعدم وجود الأساس التي تسمح لقواتها أن تتمركز في سوريا وعددها يفوق عدد العسكريين الأمريكيين. ولكن تواصل أنقرة تنفيذ المهمة الوحيدة فقط والتي قد أعلنت عنها بدايةً وهي إزالة الخطر الكردي في شمال شرق سوريا. بما في ذلك شنت تركيا سلسلة العمليات القتالية ضد الأكراد في مناطق سوريا الشرقية والشمالية وثم سيطرت عليها. بالإضافة إلى ذلك أسست أنقرة كثيراً من نقاطها العسكرية والحواجز ضمن محافظة إدلب وعلى امتداد خط التماس مع القوات الحكومية السورية في المناطق الشمالية. وتنسيق بين تركيا والمجموات الإرهابية مثل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ارتكبت الجرائم ضد الإنسانية المعروفة في جميع أنحاء العالم يسبب عدم الفهم أيضاً. وبالرغم من وجود عدة مخالفات تتعاون تركيا مع روسيا في بعض المشاريع في إطار تسوية الأزمة السورية.
من الواضح أن روسيا تعتبر بلاداً عندها التفاوق على جميع البلدان الأجنبية المذكورة للأسباب التالية. أولاً، دخلت موسكو الحرب السورية بعد استقبال الطلب الرسمي من الحكومة السورية القانونية في شهر سبتمبر/أيلول في عام 2015. ثانياً، نجحت دمشق في تنفيذ عملياتها القتالية وبدأت أن تعيد سيطرتها والسلطة الرسمية في المناطق المحررة بعد إنطلاق الغارات الجوية بالطيران الحربي الروسي. نتيجةَ للجهود المشتركة للطرفي السوري والروسي ظهر مشروع المصالحة الوطنية. وختاماً، من أجل معرفة الفروق في الأساليب التي يستخدمها الروس والأمريكيين في الأزمة السورية علينا ألا يغيب عن بالنا عدد عناصرها الذين قد استشهدوا في العمليات القتالية وظروف موتهم. أما واشنطن، فهي ليست قادرة على عرض أي أمثال بطالة خبرائها. وبالعكس تستعمل واشنطن فصائل موالية لها أو القوات الكردية كجهازاً أساسياً في تنفيذ مهماتها حماية حقول النفط وتدمير خلايا داعش النائمة.
من الممكن أن نقول إنها أصبحت الأزمة السورية مؤشراً على طموحات عدة البلدان. بالرغم من صعوبة افتراض تطوير الوضع، تكشف الأحداث الجارية ما هي طبيعة روسيا وتركيا والولايات المتحدة وما هى أهدافها في هذه اللعبة الصعبة وإسمها السياسة الدولية.