رئاسة مجلس النواب قدمت، في 10 آب 2015، ورقة إصلاح تضمنت 16 مطلباً كان أبرزها إقالة وزيري الكهرباء قاسم الفهداوي والموارد المائية محسن الشمري وكذلك النواب المتغيبين عنالجلسات، وأمهلت الحكومة 30 يوماً لتنفيذها.وكان رئيس مجلس الوزراء قد اتخذ، في 9 آب، ستة قرارات إصلاحية، تمثلت في إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء”فوراً”، واجراء تقليص شامل وفوري في اعداد حمايات المسؤولين في الدولة، بضمنهم الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمديرون العامون والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم. كما وجه بإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وإلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم، فضلاً عن التوجيه بفتح ملفات الفساد السابقة والحالية، تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل منالمختصين وتعمل بمبدأ (من أين لك هذا؟)، ودعا مجلس القضاء الأعلى إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق في ملفات الفساد ومحاكمة الفاسدين.
وتعهد د.حيدر العبادي أيضا بترشيق الوزارات والهيئات المستقلة لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات، وطالب مجلس الوزراء بالموافقة على القرارات ودعا مجلس النواب الى المصادقة عليها لتمكينه من إجراء الإصلاحات التي طالبت بها حشود الناس في ساحة التحرير وفي ساحات المحافظات.
والآن وبعد سنة طويلة، نرى المطالب الستة عشر لمجلس النواب وقد ضاع مسيرها ومصيرها، ونرى ان وزير الدفاع هو الذي أُقيل وليس وزيرا الكهرباء والماء، وحتى لم يحاسب أي نائب غائب أو متغيب، ومرّت الأيام الثلاثون ومرّت الشهور ومرّت سنة مكتظة بالفساد.كذلك لم تقلص الحكومة أعداد حمايات المسؤولين في الدولة، لا كبارهم ولا الصغار. وما زالت المناصب العليا ترفع بشموخ و”هيبة” رايات المحاصصة الحزبية والطائفية. كما لم تلغ المخصصات الاستثنائية للرئاسات والهيئات بل قُلصت قليلا، ولكن الإلغاء طال موظفي الدولة المساكين.
والأنكى أنه لم يُفتح أي ملف للفساد سواء من الملفات السابقة أو الحالية، بينما أقيل وزير الدفاع ليس لأنه فاسد أو لأن البرلمان لم يقتنع بأجوبته، بل أقيل كي لا يتجرأ غيره لاحقا ويمسّ الذات الحاكمة، فيما السؤال الشجاع (من أين لك هذا؟) صار مصيره الترك الإجباري في امتحان النزاهة.
أما تعهد البرلمان والحكومة على حدّ سواء بتحقيق الإصلاح، ووعدهما الجزيل لأبناء شعبنا، فصارا مثل وعد ذاك الشيخ المحتال الذي أطلقه للحاج زاير.
الحاج زاير الدويج (1860 ـ 1919)، هو أمير الشعر الشعبي العراقي. كان يرتجل الشعر ويسترسل فيه حتى قال هو عن نفسه: إن نطق المقفى الموزون أسهل عليّ من الكلام العادي.
في مرة طلب مساعدة مالية من أحد شيوخ العشائر، فوعده الشيخ خيرا ومسك لحيته رمزا للقسم بأن يوفر المال المطلوب، إلا انه لم يف بوعده وظل يماطل ويسوّف ويتجاهل ويتنكر لقسمه. فلما يئس منه الحاج زاير هجاه بقوله:
دنيه وتفرّ فرّ الرحى
اوبالخلگ ما مش مستحه
گامو يبيعون اللحى
كل مية ألف لحية ابفلس