في الفترة القصيرة المتبقية لممارسة الإنتخابات , وحتى من قبل ذلك , فينقسم الجمهور في رؤاه ونظرته الى هذه الأنتخابات الى بضعة اقسامٍ , وقد يتفرّع أيّ قسمٍ منها الى تفرعاتٍ ايضاً , فأحد تلكم الأقسام متحمّس ومتعجل لأجراء الأنتخابات حتى بدرجةٍ اكبر واكثر من المترشحين لها ! , ولا ريب أنّ ذلك لا يعتبر ” لغايةٍ في نفسِ يعقوب ” وإنما لأسبابٍ معروفة لا نخوض فيها خوض الخائضين .! , وقسم آخرٌ من الجمهور لايكترث لمن يفوز او يخسر في هذه الأنتخابات , لكنه حريصٌ أشدّ الحرص على متابعة اخبارها وتفاصيلها ومداخلاتها , وهذا الأهتمام هو من باب ” الفضول الصحفي او الأجتماعي ” , بينما شريحةٌ اخرى تتابع شكلياً وتقليدياً اخبار الأنتخابات بطريقةٍ تتناولها فيها على عواهنها , وجمهورٌ آخر او قسم آخر يسخر من هذه الأنتخابات ويعتبرها كما سابقاتها مع المتابعة الغريزية او الفطرية ولكن بشكلٍ مقصود . في حين لم يعد مستغرباً أنّ فئةً من الجمهور يرى وكأنّ لا انتخاباتٍ موجودة في العراق وكأنه لم يسمع بها اصلاً , حيث اعباء ومشاغل الدنيا وسبل العيش تطغي على حياته اليومية .
لكنّه بجانب كلّ هذه الفئات والشرائح من الناس , فهنالك جمهورٌ آخرٌ مختلفٌ ويختلف عن كلّ ما ذكرناه وعن الذين لم نرَ اهميةً للتطرّق اليهم .! , وهذا الجمهور الذي نحن بصدده هو الأكثر موضوعية وثقافة ويتحلى بالنظرة الستراتيجية , فأنهم ومن خلال الأستشهاد بأحد الأمثال الشعبية < الفأسُ وقعَ بالرأس > فلم يعد ذات اهميّةٍ من سوف يصعد ومن سينزل من سدّة الحكم , لكنّ هذا الجمهور يترقّب بما سيلي الأنتخابات في معالجة والتعرّض الى ثلاثةِ ملفّاتٍ تتعلّق بالمستقبل الحاضر للعراق , وكيفية ادارتها ومعالجتها وما سيترتب عن ذلك : –
A – مراجعة ملف الشراكة الشائكة مع الولايات المتحدة ومسألة الدعم التسليحي والمالي الأمريكي لبيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني , والذي يختزلون به كلّ الأقليم او كلّ الشعب الكردستاني , كما ما يشكّله هذا التسليح الأمريكي من مخاطرٍ أمنيّة وستراتيجية على العراق , وهذا الملف ينبغي عبره مراجعة عموم العلاقات الدبلوماسية مع الأمريكان وحضورهم العسكري داخل العراق .
B – ملفّ علاقة العراق مع محيطه العربي وهل ستبقى في حالةٍ من عدم التوازن , او ستنخفض الى ادنى ! أم يجري إنعاشها بالسبل القومية والطبيعية , فهذا الملف له اهمية استثنائية ولها ما لها من أبعاد .
C – عطفاً على الفقرة A في اعلاه , فمسألة الأقليم المتشظّي سياسياً , وتفكّك الأتحاد الوطني الكردستاني وافتقاد القدرة على توحيده او ترميمه , وكذلك بروز تنظيمات سياسية كردية اخرى وبحجمٍ اكبر مما كانت عليه سابقاً او قبل الأستفتاء , وحيث أنّ الأقليم محكومٌ بقوة الأسلحة الثقيلة التي تمتلكها البيشمركة والتي تواجه ايّ حكومةٍ عراقية بالندّ وبالضدّ , بالأضافة الى تصدير النفط من كردستان خارج شرعية الدولة , وارساله الى اسرائيل ايضاً . هذا الملف لم يعد قابلاً ليبقى معلّقا , ولعلّه بات مرشحاً الى الحسم بعد انشاء وتأسيس اية حكومة مقبلة .
ما اشرنا اليه في الفقرات اعلاه لايعني مطلقاً عدم وجود مشكلاتٍ ومعضلاتٍ داخلية لا تقلّ اهميةً عنها , كما من الصعب التنبؤ بماذا سيحدث اذا ما الغى الرئيس ترامب الأتفاق النووي مع ايران في نفس يوم الأنتخابات ! وانعكاسات ذلك على احزاب الأسلام السياسي الحاكمة .!