23 ديسمبر، 2024 4:08 ص

ما سر متوالية الأوبئة؟

ما سر متوالية الأوبئة؟

إذا كانت الحضارة الآدمية قد أظهرت ميلا قويا، واضح المعالم لإطلاق عناوين عامة على سبيل تحقيب تاريخها عبر عصري الحداثة وما بعد الحداثة الجاريين، فإن للناقد التاريخي أن يرتجع قليلا إلى مثل هذه العناوين “التحقيبية” قليلا لملاحظة الكيفية التي تمت بموجبها عملية “العنونة”: إذ إنها حدثت إما اعتمادا على التوظيف الكتلوي لمادة لم تكن معروفة أو موظفة على نحو واسع وشامل: من نوع “عصر الفولاذ” و”عصر البلاستيك”؛ أو على ظواهر مستجدة لم يسبق للبشرية أن عهدتها من نوع “عصر الصواريخ” و”عصر اكتشاف الفضاء” و”عصر حرب النجوم”، بل واعتمادا حتى على ظواهر اجتماعية عصفت بالعالم على نحو عابر للقارات، مثل “عصر الثورة الجنسية” (شكرا لسيجموند فرويد) و”عصر العولمة”، من بين سواها من أدوات ومبررات “عنونة” الحقب التي عرفت!
أما عصرنا الجاري فيمكن للمرء أن يطلق عليه عنوان “عصر الأوبئة الفيروسية المستعصية”، بدليل هيمنة الهلع والغموض والقلق على كتل سكانية مهولة عبر العالم بسبب كل واحدة من “موجات” الأوبئة الفيروسية المميتة التي تحاصر سكان الأرض من وقت لآخر، درجة استبدال الهلع من “عصر الذرة” و”القنابل الهيدروجينية” بالرعب من الموجات المتتالية أعلاه التي لا تلبث أن تهدأ واحدة منها، حتى تحل محلها واحدة أخرى، تكفي لنشر الخوف وللسيطرة على العقل الجماعي لأمم بأكملها، بل ولسكان قارات كاملة.
لذا، فإن هذا هو “عصر الطواعين” الحقيقي الذي راح يعذب الجنس الآدمي من آن لآخر دون رحمة، ابتداءً من تفشي وباء الإيدز HIV الذي راح يحصد الأعمار والأرواح لعدة سنوات عجاف، منتشرا كالنار في الهشيم!
ولكن ما أن تم تسكين الرعب الإنساني من فيروس الإيدز أعلاه، حتى تلته سلسلة من الأوبئة الفيروسية التي لا تقل “إرهابا” بالجنس البشري، درجة أن بعض العقول الذكية عبر العلم راحت تعلن شكوكها من أن هذه الموجات الوبائية الفيروسية المتوالية إنما هي “موجات مفتعلة” تطلق من وقت لآخر من “مختبرات سرية” متخصصة تديرها وكالات علمية واستخبارية حكومية لأهداف سياسية. وهكذا حاصرنا رعب “فيروس سارس”، ثم جاءنا رعب “حمى الطيور” وتلاه “فيروس جنون البقر” و”فيروس الطيور”، وهي فيروسات راحت ترعب الإنسان حتى خشية مباشرة مائدة غذائه اليومية، نظرا لخوفه من أنواع الفيروسات أعلاه، ودرجة تبلور عنوان “الفيروس الصناعي” الذي تتعاطاه الآنية الإعلامية هذه الأيام، بمعنى الفيروسات المفتعلة، المطورة داخل مختبرات، بوصفها من أشكال الأسلحة البيولوجية، كما يدعي البعض هذه الأيام، تأسيسا على افتراضية حصد “فيروس كورونا” لأرواح أعداد كبيرة من الصينيين، حتى راح بعضهم يوجه أصابع الاتهام لدول معادية للصين، بل وحتى للحكومة الصينية نفسها بدعوى إمكانية اعتماد هذه الطريقة للجم الانفجار السكاني هناك ولاقتلاع شأفة أعبائه الاقتصادية عوائق على طريق التقدم. زد على ذلك فكرة “بتر” أعضاء كبيرة من جسد البشرية المترهل، نظرا لتحولها إلى “عوائق سكانية” ماثلة أمام رفاه وسعادة النوع الآدمي الآن وفي المستقبل!