23 ديسمبر، 2024 3:31 م

ما سر الحرب الباردة ما بين العبادي والمالكي وتراجع الأخير عن تظاهرات 30 أيلول والتبرؤ منها

ما سر الحرب الباردة ما بين العبادي والمالكي وتراجع الأخير عن تظاهرات 30 أيلول والتبرؤ منها

نشبت حرب باردة بين المالكي والعبادي وكانت بدايتها معروفة بسبب المنصب حيث يعتبر المالكي أنه قائد الضرورة وقد تم خيانته حينما تم تخلي غالبية قيادات حزب الدعوة الاصلاء وليس (اللفو) لأن هؤلاء رأوا تفرده بالسلطة وتمسكه بها مهما كانت النتائج والكوارث وحسنا ما فعلوا ولكن هذا الأمر لم يكن الوحيد الذي أشغل الحرب الباردة بين المالكي والعبادي بل هناك شيء أهم منها فضياع السلطة ليس بأهم لقائه وراء القضبان ومحاكمته وقضاء بقية عمره في السجن !

نعم إن المالكي كان المسبب الرئيسي لمجزرة سبايكر وقد قام بإخفاء الجريمة بمساعدة بعض القادة العسكريين الذين وقعوا منذ زمن بعيد على صك عبوديتهم للمالكي حيث شاهدنا كيف أن المالكي والقادة لم يذكروا المجزرة على الرغم من مرور أكثر من شهرين عليها وبعدها ذكرت بحقيقتها وبعض تفاصليها وخير دليل تحدث المالكي بكلمته الأسبوعية بعد ستة أيام من المجزرة وبعد ستة أيام من نشر مقاطع فيديوية تبين كيف يقع الآلاف من الجنود في أسر الدواعش وأذنابهم من عشائر صلاح الدين بمؤامرة وتقصير واضح من القائد العام للقوات المسلحة والفيديويات واللقطات منشورة على اليوتيوب بنفس يوم المجزرة 12 / 6 / 2014 … تحدث المالكي بكلمته الأسبوعية يوم الأربعاء الموافق 18 / 6 / 2014 وذكر عدد من الشهداء سقطوا وهم من طلبة الكلية العسكرية والقوة الجوية حيث قال:

(( وأيُّ عشائر وثوار يقبلون بقتل مائة وخمسة وسبعين (175) من طلاب الكلية العسكرية القوة الجوية ))

لم يذكر المجزرة إلا بشكل عابر وسريع على الرغم من عظم المصيبة والكارثة بالإضافة إلى قيامه بتقليل العدد من الآلاف إلى مائة وخمسة وسبعين (175) علما أن القادة العسكريين في شهادتهم في البرلمان أوضحوا أنه لا يوجد أي شهيد من طلبة الكلية العسكرية ولا من طلبة القوة الجوية وذلك بحسب قول اللواء عبد الكريم عزيز (آمر كلية القوة الجوية). في جلسة البرلمان (11) الخاصة بمجزرة سبايكر يوم 3 أيلول 2014 وأيضا نفى الناطق الرسمي للقائد العام للقوات المسلحة اللواء قاسم عطا وجود طلبة القوة الجوية من بين شهداء المجزرة وكان ذلك يوم الثلاثاء الموافق 12 / 8 / 2014 من خلال برنامج تلفزيوني على قناة آفاق حيث قال: ((أن ” هنالك حقائق يجب ان تكون واضحة للرأي العام أولها عدم وجود طالب واحد من بين ضحايا سبايكر”، مبينا أن ” الطلاب تم نقلهم في نهاية شهر نيسان إلى قاعدة الإمام علي ( عليه السلام ) في ذي قار “.

وأوضح أن ” قاعدة سبايكر أصبحت قبل أحداث الموصل مقرا لقيادة الفرقة 18 المسؤولة عن حماية أنابيب النفط من منطقة المشاهدة إلى ميناء جيهان التركي”. … الخ ))

وكان كلام المالكي الذي هو قائد القوات المسلحة لا يتطابق مع تصريحات القيادات العسكرية ولا متطابقة مع ناطقه الرسمي وغير متطابقة مع الواقع (شلون قائد عام!)

وفي كلمته الأسبوعية يوم الأربعاء 27 / 8 / 2014 قال: (الجريمة ارتكبت في قاعدة الشهيد الطيار ماجد التميمي والتي كانت تسمى قاعدة سبايكر، والذي ذهب ضحيتها المئات من الطلاب ومن العسكريين الذين كانوا موجودين في هذه القاعدة) وجاءت هذه الكلمة بعد تصريح ناطقه الرسمي اللواء قاسم عطا بخمسة عشر يوما والذي كان يوم 12 / 8 / 2014 والذي نفى فيه وجود طلبة من بين الشهداء ! (شلون قائد عام) مع ملاحظة أن المالكي عبر عن عدد الضحايا بالمئات وقبل ذلك كان تصريحه أنهم (175) في حين أن الحقيقة آلاف !

على كل هذا مجرد مقدمة لأن موضوع مجزرة سبايكر كتبت فيها عدة حلقات وهي مستمرة إذا استمر البحث …

ما السبب الحقيقي الذي يقف خلف تحشيد المالكي لأتباعه للخروج في مظاهرات لإسقاط العبادي مستغلين بعض الانتكاسات الأمنية كالصقلاوية والسجر ونسى المالكي وأتباعه الانتكاسات الأمنية والمجازر في ظل حكومته كالأيام الدامية الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء … وعلى رأسها مجزرة سبايكر وبادوش …

جاء تحشيد المالكي لأتباعه على خلفية ما اعتبروه خيانة العبادي للمالكي حينما تخلى هو وغالبية الدعاة الأصليين بعد ما رأوا تمسك المالكي بالولاية الثالثة وإن تطلب الأمر سفك كثير من الدماء وإن كان على حساب مصلحة العراق أرضا وشعبا وقد استغل المالكي وجود الكثير من الذين جاءوا فيما بعد وانضموا لحزب الدعوة أو بالأحرى انضموا إلى المالكي بسبب منصبه وتسيده مما تم تشكيل تكتل داخل الدعوة مؤيدا للمالكي وغالبية هذا التشكيل هم من الدعاة (اللفو) وليسوا من الدعاة الأصليين فتحرك الدعاة الأصليين لتغيير المالكي وذلك بالاتفاق مع بقية أطراف التحالف الوطني وقد نجحوا بذلك …

فجاء التحشيد ضد العبادي بعد هذه الحركة التي قام بها والتي على إثرها أُجبر المالكي فيما بعد فقام على مضض بسحب ترشيحه والشكوى التي قدمها للمحكمة الاتحادية وأظهر دعمه لترشيح العبادي لرئاسة الوزراء لأن المالكي أحس أنه إذا بقى معارضا سيخرج فارغ اليدين وسيكون عرضة للملاحقات القانونية التي ستكون جراء فتح ملفات مهمة تدينه بالفساد وملفات ربما تدينه بسقوط محافظة نينوى وصلاح الدين وما نتج عنه وتدينه ببعض الجرائم والمجازر التي كان متسببا بها كمجزرة سبايكر …

واستمر التحشيد ضد العبادي وتم وصفه بالخائن وازداد التحشيد من خلال الصفحات الفيس بوك واسعة الانتشار التابعة لأتباع المالكي واقترب وقت التظاهرات التي كان موعدها يوم 30 / 9 / 2014 فلم يتحمل العبادي كثيرا وفقد صبره وخشي من هذا التحرك كثيرا فبدأ بإرسال رسائل قوية للمالكي وكانت هذه المرحلة حرب باردة ومرحلة حرب الرسائل المشفرة فبدأ العبادي خطواته :

1- بتاريخ 3 / 9 / 2014 أكد العبادي في بيان له أنه سيبذل كل ما في وسعه لملاحقة مرتكبي مجزرة سبايكر والكشف عن المقصرين فيها ومعاقبتهم. عنوان الخبر(العبادي يتوعد بالقصاص من مجرمي قاعدة سبايكر)

2- بتاريخ 23 / 9 / 2014 بيان صادر عن وزارة الدفاع العراقية جاء فيه: الدكتور حيدر العبادي يأمر بإحالة الفريق أول الركن عبود كنبر معاون رئيس أركان الجيش للعمليات والفريق الركن علي غيدان مجيد المنسب إلى دائرة المحاربين على التقاعد. موقع وزارة الدفاع

وهؤلاء هم الذين تسببوا بسقوط محافظة نينوى وتوجد معلومات أن استملوا أوامر بالانسحاب سأسلط الضوء على هذه المسألة في الأيام القادمة.

3- بتاريخ 23 / 9 / 2014 صدر بيان عن وزارة الدفاع جاء فيه : الدكتور حيدر العبادي يأمر بإلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة . موقع وزارة الدفاع

هذا المكتب من أكبر بؤر الفساد في الدولة العراقية وفي المؤسسة العسكرية فالمناصب تباع وتشترى خاصة بعد أن ضرب المالكي الدستور العراقي عرض الحائط حينما أخذ يعين قادة عسكريين من دون عرض أسمائهم على البرلمان للموافقة عليهم وهذا يعد مخالفة دستورية واضحة جاء في الدستور العراقي المادة (61): يختص مجلس النواب بما يأتي: خامساً :ـ الموافقة على تعيين كلٍ من: ج ـ رئيس اركان الجيش، ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات، بناءاً على اقتراحٍ من مجلس الوزراء.

وجاء في الدستور المادة (80): يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الآتية: خامساً :ـ التوصية الى مجلس النواب، بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة، ورئيس اركان الجيش ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، ورؤوساء الاجهزة الامنية.

4- بتاريخ 25 / 9 / 2014 صدر بيان عن وزارة الدفاع جاء فيه: أمر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بإحالة الفريق الركن علي الفريجي إلى الإمرة وتعيين الفريق الركن عبد الوهاب زبون بدلاً عنه كقائد لعمليات صلاح الدين . موقع وزارة الدفاع

5- بتاريخ 27 / 9 / 2014 حصلت مشادة كلامية بين العبادي والمالكي على خلفية دعم الأخير للمظاهرات التي من المقرر خروجها يوم 30 / 9 / 2014 حيث أن المالكي وأتباعه هم من يقفون خلفها وهم من يقومون بالتحشيد لها وشن حملات إعلامية مكثفة ضد العبادي ومن بين الشخصيات التي قامت بالتحشيد ضد العبادي النائبة حنان الفتلاوي من خلال صفحتها على الفيس بوك وقد ذكرت المصادر الخاصة أن الأديب والحلي تدخلا لتخفيف الأزمة الحادة بين المالكي والعبادي.

وعلى أثر هذه المشادة وتدخل الأديب والحلي لتخفيف الأزمة خرجت البيانات من حزب الدعوة ودولة القانون في نفس اليوم وبعده تفيد بأنه ليس للمالكي أية علاقة بالمظاهرات ويدعون إلى عدم المشاركة فيها وتم تعميم ذلك على جميع مقراتهم ونشطائهم. المصدر مراجعة أخبار السومرية ووكالة خبر وغيرهما يوم 27و28.

6- 29 / 9 / 2014 قال العبادي نقلا عن مواقع ووكالات خبرية أنه قال: (لا فوضى بعد اليوم، وسنقضي على كل من يحاول المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي ومسار العملية الديمقراطية) وجاء هذا التوجيه بعد يوم من تصريح المالكي الذي أدلى به في مؤتمر صحفي عقده في منتجع بابل السياحي الذي دعا فيه أنصاره إلى عدم الخروج بتظاهرات وإعطاء حكومة العبادي فرصة للقيام بعملها.

وقال المالكي: لا أرى بالضرورة الخروج بمظاهرات يوم الثلاثاء المقبل، نظرا لحراجة الوضع الأمني والتحديات التي يمر بها البلاد وانشغال العالم جميعا في صد الإرهاب.

ودعا المتظاهرين إلى “إعطاء الحكومة فرصة للقيام بعملها وعدم التأثير بها خاصة في ظل الوضع الأمني الذي يعيشه البلاد”. أخبار السومرية يوم 28 أيلول

وهذا التصريح لأوضح دليل على تبنيه التظاهرات وانه قام بتأجيلها وبعث من خلال تأجيلها برسالة إلى حيدر العبادي أن التظاهرات جاهزة إذا ما أقدم على كشف ملفات الفساد أبان حكومته أو كشف المتسببين بمجزرة سبايكر الذي هو أولهم ..!!

لهذا نجد أن بعض القادة العسكريين الذين تسببوا بسقوط نينوى وصلاح الدين وبمجازر عدة كمجزرة سبايكر يتواجدون الآن خارج العراق ويتنعمون بالأموال التي جنوها من الفساد المالي فأين علي الفريجي وأين كَنبر وأين غيدان … علما أن الأخير تم مهاجمته من بعض العراقيين الغاضبين أثناء تواجده في احد المطاعم الفاخرة “زاد الخير” وسط العاصمة الأردنية عمان . الغد برس يوم 5 / 10.

وفي ختام هذا المقال أقول لجميع العراقيين الشرفاء لا تنسوا مجزرة سبايكر وبقية المجازر ولا تخفت أصواتكم أبقوها تصدح عاليا حتى إنزال القصاص العادل بالمجرمين والمتسببين بهذه المجازر …