23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

ما زالت الحقائق تُقلب يا علي

ما زالت الحقائق تُقلب يا علي

أوَ كانَ عليٌ يُصلي
هكذا كانت ردة فعل أهل الشام عند سماعهم أن علياً “عليه السلام” قُتل وهو يُصلي. فأي تعتيم إعلامي هذا؟ وأي قلب للحقائق؟
هذا كان في قديم الزمان حيث لم تكن هناك مواصلات سريعة ولا اتصالات متطورة ولا وسائل إعلام مرئي أو مسموع ولا هواتف ولا انترنت ومواقع تواصل اجتماعي.
لكن مع توفر كل وسائل المواصلات والاتصالات والإعلام والمعرفة والتعرف على الحقيقة في الوقت الحاضر، فإننا نجد الأمر ما زال كما هو في الزمن الغابر.
فالحقيقة تُغيب وتُقلب الأمور على مر الأزمان،
وقد تنبأ بذلك الرسول الكريم “صلى الله عليه وآله” بقوله، (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم ‏تأمروا بالمعروف ولم ‏تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال: نعم، وشرّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟).
إنه المكر القديم الجديد في تغييب الحقيقة، حيث كان الشيطان أول من قلب الحقيقة فجاهر الباري عز وجل بقوله إن النار أفضل من الطين، وأنه خير من آدم،
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ).
وقال لآدم وحواء في عملية كذب وتدليس للحقيقة إن الله نهاكما عن هذه الشجرة كي لا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ).
فمنذ بدء الخليقة كان التشويه لسمعة وشخصيات الأنبياء والأولياء، وكان التدليس والكذب وقلب الحقائق، فقالوا عن الصادق الأمين أنه كذاب، وعن صالح الذي كان مرجوا فيهم أنه كذاب أشر، (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ)، (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ).
وهكذا يسير قطار المدلسين والكذابين إلى زماننا ليصل إلى محمد باقر الصدر ليكون عميلاً للأميركان، وليصغروه فيدعونه “حجة الإسلام” بدلاً من “آية الله العظمى” رغم أن أحداً لم يكن يضاهيه في علمه. وانتقل قطار المدلسين إلى محمد محمد صادق الصدر ليكون عميل الدولة، ولكونهم لم يجاروه في علمه ونهجه فأفضل طريقة هي الطعن في أصله وولادته لإسقاط عدالته ونفي أحد شروط المرجع.
وهكذا نشاهد ما يحدث الآن مع المرجع الأستاذ الصرخي الحسني من تسقيط على نفس الوتيرة بدون علم ونقاش لآثاره العلمية، ومن نفس الجهات التي تصدت للصدرين الأول والثاني من قبل لكن هذه المرة بصورة أشرس.
ويقول _المرجع_المعلم السيد الصرخي الحسني:
“في موارد الدعاوى الدينية والإصلاحية المجتمعية وعلى طول التاريخ تبرز بوضح أساليب تسقيط المقابل باسم الدين وتحت غطاءه، فيحللون الحرام ويحرمون الحلال، ومع عجزهم عن مواجهة خصمهم بدليل علمي منطقي أخلاقي فأنهم يمارسون ديكتاتورية فكرية سمتها تكميم الأفواه ومصادرة العقل والتفكير، وإذا اتفق أن تكون لجهة دينية سلطة وحكم باسم الدين فأن العداء يصبح مُركباً ومضاعفاً لأنه يكون مُنظماً ومُخططاً ومُداراً من قبل السلطة نفسها إذ تشعر بأن الحق يُهدد عرشها ووجودها وهذا الأسلوب من التسقيط اُتبع معي منذ سنين”.
فمتى تتعظ الأمة وإلى متى يظل الإنسان يُلدغ ويُلدغ ويُلدغ من نفس الجهات؟ وإلى متى يبقى البعض في واد غير وادي الأعلم، رغم إن الشرع والعقل يوجب البحث عن الأعلم كونه ربان السفينة وقائدها إلى بر الأمان.