18 ديسمبر، 2024 5:58 م

ما حُجّة عبد المهدي الآن؟

ما حُجّة عبد المهدي الآن؟

في وقته تماماً جاء كشف هيئة النزاهة عن قضيّتي فساد كبيرتين في وزارة التربية وأمانة بغداد.
الأهمية تكمن خصوصاً في أنّ وزارة التربية وأمانة بغداد هما الآن قضيتا رأي عام، فثمة استنكار شعبي وسياسي واسع لمحاولة فرض وزيرة تربية محسوبة على حزب معيّن أو كتلة سياسية معيّنة، وكذا الحال بالنسبة لأمين بغداد. لكنّ الاستنكار والمعارضة لا يقتصران على حزبية المرشحين وإنما ً يشملان خلفية كل منهما المهنية، فلا أحد من المرشَّحين الاثنين مشهود له بالكفاءة والخبرة والنزاهة بما يجعله مفضلاً على الآخرين، ومنتسبو وزارة التربية وأهالي الطلبة يريدون وزيرة أو وزيراً بهذه المواصفات، حتى لو كان حزبياً.. والمجتمع البغدادي له المطالب ذاتها بخصوص أمين بغداد الجديد.
ما كشفت عنه هيئة النزاهة أمس، القضية الأولى تتعلق بوجود مغالاة باحتساب الكلفة التخمينيَّة لـطباعة (148) عنوان كتاب مدرسي. هذه المغالاة التي تمّت بمخالفة التعليمات والتحايل عليها كلّفت خزينة الدولة،أو بالأحرى الشعب العراقي نحو 15 مليار دينار. هذه الواقعة التي ترجع الى العام 2014، ليست حادثة منقطعة فمثلها حوادث من هذا النوع وغيره بالعشرات، ففي واقعة أخرى تعود الى العام الماضي تكشف هيئة النزاهة عن مخالفاتٍ أخرى في عقد سنويِّ لتأليف وطبع وتجهيز 24 عنوان كتابٍ من منهاج اللغة الإنكليزيَّة، للعام الدراسي الحالي بمبلغٍ زاد على 27 مليار دينارٍ، (حوالي 23.5 مليون دولارٍ). ولطالما تحدّث الإعلام في السنوات الماضية عن فساد واضح في وزارة التربية، وبالذات في قطاع طباعة الكتب المدرسية وبناء المدارس وتجهيزها بالمعدات، لكنّ وزراء التربية الذين كانوا دائما من الحزب الإسلامي كان لهم مَنْ يحميهم، من حزبهم ومن أحزاب إسلامية أخرى متنفّذة فاسدة (شيعية) متحالفة مع هذا الحزب ومتضامنة معه حتى في فساده الذي يشبه فسادها. وبالطبع فإن الملايين المهدورة انتهت في الواقع الى جيوب الوزراء ومساعدين لهم داخل الوزارة وخارجها، ولن يكون من الصعب التوصل إليهم إذا ما جرت تحقيقات جديدة ونزيهة لا يشارك فيها فاسدون.
القضية الأخرى التي كشفت عنها النزاهة أمس أنَّ محكمة الجنايات المُختصَّة بقضايا النزاهة في بغداد، أصدرت حكماً غيابياً بالسجن لمُدَّة سبع سنواتٍ، بحقِّ كلٍّ من أمين بغداد والمدير العامِّ لدائرة المُتنزَّهات في الامانة السابقين؛ لتسبُّبِهِما بإحداث ضررٍعمديٍّ بأكثر من 12 مليون دولارٍ أمريكيٍّ بأموال ومصالح الجهة التي كانا يعملان فيها (أمانة بغداد). الهيئة لم تعلن اسم الأمين السابق والمدير العام المحكومين بالفساد.
الأمين السابق وشريكه ووزراء التربية السابقون والمدراء العامون الذين تواطأوا في قضايا فساد المناهج المدرسية، سيخرجون منها “مثل الشعرة من العجين” بأن يُشمَلوا بقانون العفو العام الذي توافق عليه فاسدو الأحزاب الشيعية وإرهابيو الأحزاب السنية، فيدفعون بعضاً ممّا سرقوه لذرّ الرماد في العيون.
الآن، ما الذي سيفعله رئيس الوزراء عادل عبد المهدي؟
القضيتان توفّران له حجّة قوية للاعتراض على المرشَحين لوزارة التربية ولأمانة بغاد.. إذا لم يفعلها فلن نصدّق أنه صادقٌ في نيّة مكافحة الفساد، وأن “المجلس الأعلى لمكافحة الفساد” ليس سوى حركة جديدة للضحك على الذقون مثل سابقاتها المالكيّة والعباديّة.