مبدأ الثواب والعقاب، أحد المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها عقائد الديانات السماوية، سيما الدين الإسلامي المحمدي، الذي رسخت بنود دستوره في الكتاب السماوي الوحيد، الذي لم تطاله أيادي التحريف؛ الا وهو القرآن الكريم. ثمة مبدأ آخر؛ الإيمان بالغيب، يعد مبدأ محورياً، يشكل عصب إيمان الفرد والمجتمع المسلم على حد سواء.
يتحدث لنا القرآن الكريم عن الأمم السالفة، وما لحقها من نزول أصناف العذاب الإلهي، نتيجة تجرأها على الكفر بالغيب، وتجاهلها لمبدأ الثواب والعقاب. فالخالق عز وجل بارئ لخلقه ولدينه، وهو يمهل ولا يهمل، وله في خلقه شؤون وسنن جارية، لا تبديل فيها ولا تحويل. فمن سننه تعالى إرسال الرسل الى خلقه مبشرين ومنذرين، مع ما تحمله تلك الرسل من معاجز وكرامات ونعم إلهية لأقوامها، بيد أنها في الوقت ذاته تنذر بالعقاب الشديد، في حال مخالفة تلك السنن وجحود تلك النعم.
فيما يخص الوضع العراقي؛ عُرفت المرجعية الدينية في النجف الأشرف، بحلمها وحكمتها ورعايتها الأبوية لكافة أطياف الشعب العراقي، فقد أجادت في تجسيد دور النيابة عن القيادة الإلهية، بدرجة عالية نسبة الى قيادةٍ غير معصومة. فالمرجعية الرشيدة بنيابتها عن المعصوم وفق النصوص الشريفة الثابتة؛ بها تقام السنن وتمتد مساحات تطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
رغم أن الجميع متفق على أن مرجعية النجف الأشرف، أدت دورها بصورة تامة خلال العقد الأخير؛ إلا أنها فوجئت بجحود من أبناء الشعب العراقي، حينما وجهتهم نحو التغيير في الانتخابات البرلمانية الماضية!
إن سلمنا بالمنهج البراغماتي الذي يتذرع به الكثير من العراقيين، فإن دعوة المرجعية الى التغيير لم تكن بعيدة عن ذلك المنهج، بل أن السنن والتشريعات الإلهية ذاتها قائمة على الأسباب والمسببات، فقد كانت دعوة المرجعية قائمة على أسس مدروسة جيداً، كما هو ديدنها في إصدارها للبيانات التي تخص الوضع السياسي العراقي.
ما حدث اليوم من تدهور أمني في البلاد، إنما هو عقاب مستحق، نتاج المخالفة الصريحة من غالبية الشعب، لإرادة المرجعية الرشيدة، في إحداث التغيير في العملية السياسية، فالعقاب الإلهي في واقع الأمر؛ لا يعدو كونه نتاجاً للفشل الذي إجترحته أيادي من خالفوا تلك السنن والتشريعات.
هل ياترى سيستمر الشعب في مخالفته لأهل الحكمة والدراية، ويلعن حظه العاثر في كل مرة يقع عليه عقاب ما أجترحته يداه؟!