23 ديسمبر، 2024 1:47 ص

ما تزال جراح الضحايا تتكلم

ما تزال جراح الضحايا تتكلم

لقد قالها الشاعر الجواهري : ( أتعلمُ أمْ أنتَ لا تعلمُ …. بأنّ جراحَ الضحايا فمُ ) وهذا البيت الشعري يقودنا الى الحديث عن دماء الأبرياء الغزيرة التي أريقت من قبل ميليشيات التيار الصدري قبل بضع سنوات لا لذنب مرتكب وانّما لأسباب واهية يندى لها جبين الانسانية . والأمر الغريب العجيب أن رأس هرم الفوضى والاستبدلد المتمثل بالسيد مقتدى الصدر يحاول نسيان تلك السنوات وما رافقها من أحداث مأساوية عصفت بالكثير من المدن العراقية ، واظهار نفسه للملأ بأنه الرجل الفاضل المصلح الحريص على دماء العراقيين . والحقيقة أن محاولات هذا الرجل صاحب الأمزجة المتقلبة لا تستطيع أن تمسح الماضي القريب بهذه السذاجة والسهولة ، لأن جراح آلاف الأبرياء ما تزال تتكلمُ ولا يمكن لها أن تصمت .

ويبدو أنّ الحديث عن السلاح المنفلت الذي يتشدق به الآن مقتدى الصدر ما هو الاّ حديث باطل له أهداف وغايات سياسية جديدة تم كتابة السيناريو له من قبل جهات غير عراقية معروفة ليقوم شيخ المهرجين مقتدى باعتماده كمشروع اصلاحي جديد . ولو كان هذا الرجل صادقا في دعواه لبادر من باب حسن النية الى الاعتذار عن الكثير الكثير من الجرائم الوحشية المرتكبة على مدى سنوات عديدة من قبل ميليشاته المعروفة ( بجيش المهدي ) كما أنه يعلمُ جيداً أن سلاح عصاباته أول سلاح منفلت بعد سقوط النظام السابق ، وأن محاكمه الشرعية الباطلة دليل واضح على انتهاكه للقانون ولاحترام هيبة الدولة . ولا أعتقد أن السيد مقتدى الصدر فقد الذاكرة ونسي أعمال الخطف والذبح والتنكيل وتفجير البيوت على أصحابها ، ولكنه يبدو أنه يريد أن يلمع صورته وصورة أنصاره عن طريق طريفة جديدة من طرائفه المتعددة ، وكأن العراقيين في نظره قطيع من العميان يمكن الضحك عليهم بسهولة . المنطق يقول أنّ الذي يسعى مخلصاً الى القضاء على السلاح المنفلت من باب الحفاظ على هيبة الدولة وحرصاً منه على أرواح وكرامة العراقيين لا يستخدم الشارع العراقي كورقة من أوراقه الكثيرة من أجل اشباع غروره وتحقيق نشوة ذاته وفرض سطوته على الساحة السياسية والاجتماعية . كما أنّ الاصلاح الحقيقي لا يأتي من خلال الفوضى وحرق الأخضر باليابس ووضع الخطوط الحمراء لشركاء العملية السياسية . وأخيرا لابدّ أن يفهم السيد مقتدى الصدر أن الجراح الكثيرة التي نزفت دماء غزيرة ما تزال شاهدا على سلاحه المنفلت وميليشياته الاجرامية وما تزال تلك الدماء حاضرة في المشهد العراقي تتكلم وسوف تبقى تتكلم .