18 ديسمبر، 2024 8:45 م

ما بين هيوم وفلسفتنا وطبائع الاستبداد!!

ما بين هيوم وفلسفتنا وطبائع الاستبداد!!

في ابتكار مبدع للحوار على. منصات التواصل الاجتماعي وكروبات المحادثة.. نجح اتحاد الخبراء الاستراتيجيين في إدارة ندوة عن الايمان والالحاد … مثل هذه الرحلة الفكرية على ساعتين وأكثر فتحت عندي مثارات التساؤلات عن امس زاهر زاخر بالموروث الفكري .. ويوم اجدب لم نجد في عقود أربعة غير دخان المدافع بدلا من جدليات العقل والمنطق …فانتهى حال عراقنا إلى نموذج فج لمفاسد المحاصصة .. فغيب العقل الجمعي وبرزت ممارسات قشور ما ترك لنا الاولين ..الاقدمين منهم في فكر اسلامي ربما نتفق انه بدأ في حوار الامام ابا تراب مع الخوارج … ومر في بيت الحكمة لمناقشة خلق القران الكريم … ودور ائمة اهل البيت الاطهار في تلك الاضافات المطلوبة كل حسب زمانه ومكانه .. حتى سقوط الخلافة الإسلامية في بغداد وبروز دورة تاريخية جديدة انهت حروب الاقطاع الأوروبي وظهور الدولة القومية … ومن ثم تنظيم بشري يغلق سجالات التفسير الكنائسي لمضمون الايمان بالعزة الإلهية لتبدا جدليات جديدة على مسارين الأول المنفعة الشخصية في فكر اجتماعي انتجته البرجوازية الأوروبية الكلاسيكية مقابل تطور شمولي في البيان الشيوعي .
المهم عندي في هذه المقاربة .. كيف فكك ديفيد هيوم واقع الانسان العادي في عجلة الحياة الأوروبية اواسط عصر النهضة لكي يفهم جميع الأطراف أن صندوق الحكم قائما على تبادل المنفعة الشخصية والمنفعة العامة بخطوط اتصال عملية وليس مجرد خيال الغيب الذي كانت الكنيسة تصدره عن جنة موعودة فيما يسود الجوع ليدق عظام الانسان في ما يتمتع الاقطاع ورجال الدين بالثروة في حياة الدنيا .
هكذا تفكيك لمفهوم الايمان بالله الواحد الأحد .. تطلب ابتكارا ماديا لاقناع البرجوازية أن الانسان الأوروبي بامكانه تجاوز الولاء للغيب المصدر من الكنيسة التعامل مع رغبات تنطلق من غرائزه للغزو من اجل المصلحة العامة المفتوحة في ملذات النجاح وليس كما كانت الحروب الصليبية للدفاع عن مبدأ ديني تذهب ارباحه الدنيوية للملوك من الذين ينالون بركة البابا.
إذا كان هيوم احد معالم العودة بالانسان لمناقشة الذات ..لم تكن كتب السيد محمد باقر الصدر لاسيما كتابة فلسفتنا .. عودة بالانسان المسلم لمناقشة الذات الإسلامية في معنى الايمان بالله الواحد الأحد .. بل محاورة فلسفية تجادل بالدليل الناهض ما بين الفكر الشيوعي والتفسر الشيعي للاسلام … وربما ذات المعنى في كتاب اقتصادنا … واجد قصورا عندي في الاطلاع على كل خطب الجمعة للصدر الثاني .. الذي أجده أقرب إلى تفكيك مضمون الايمان عند المفكرين الشيعة … لكن لم الحظ .. اكرر ربما قصورا عندي .. أن أي مفكر شيعي حوزوي أقترب من طبائع الاستبداد في تفكيك العلاقة بين الانسان وذاته أولا وداخل صندوق عائلته ثم مع مجتمعه لتكوين نظرية حكم رشيد تساوي بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة …بل حتى نموذجي البيعة وولاية الفقيه تبقى مجرد رديف لأول ظهور للدولة الدينية التي يحكم فيها الملك باسم الرب!!
عراقيا .. ربما من خارج صندوق الأفكار الدينية ..ظهر الدكتور علي الوردي لتحليل ازدواجيات الشخصية العراقية لكنه لم يؤسس لعقد اجتماعي يساوي بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة …وكل من ساهم من المفكرين العرب في عقد العقل الجمعي لعل عابد الجابري ابرزهم .. لم يعملوا على مشروع فكري دينوي لإدارة الحكم الرشيد … واكتفى الاغلبية اما بالتعامل مع المقاربة مع الفكر الاجنبي أو التمسك بتحديث طروحات الفكر الإسلامي .
من كل ما تقدم .. اعتقد نحتاج الى تركيز الأفكار غير النمطية المطروحة للنقاش لتفكيك علاقة الإنسان بذاته .. ما بين الشعور بالانتماء والاحساس بالحاجة .. هذه الجدلية الاخلاقية التي عالجها الاسلام مباشرة في أكثر من موضع .. مقابل وصفة ارث الايمان بالله .. أيضا نحتاج الى تحديث تنشئة مسلم مؤمن بالاخلاق وحق الاختلاف .. وكلا الامرين محل اعتراض منهجي واضح منذ سقيفة بني ساعدة .. مما جعل ازدواجيات الشخصية ما بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة مثار اتهام واتهام مقابل جعل الكثير من تفسيرات الشريعة الإسلامية تعتمد على تمثيل مشروع الحكم قبل مشروع الانسان .. وما يحصل في عالمنا الإسلامي اليوم ومنها العراق يتطابق فيه الوصف مع الموصوف.
أتمنى العودة بالانسان لمناقشة اخلاقيات الدين في المعاملات و ليس في العبادات . .. والابتعاد عن الغيبيات فالكاذب لا ينتظر العقاب من الله بل يعاقب من مجتمعه لتكوين اخلاقيات الدين الصحيحة كما نزلت في القران الكريم…
هذا غيض من فيض الأفكار التي اثارتها مناقشات الايمان والالحاد … ان اصبت في البعض فلي اجربن وان أخطأت لي اجر المحاولة ولله في خلقه شؤون.