19 ديسمبر، 2024 8:48 ص

ما بين علاوي 2010 والمالكي 2014، أوجه التشابه والاختلاف

ما بين علاوي 2010 والمالكي 2014، أوجه التشابه والاختلاف

يثير البعض في اطار ما يجابه العراق اليوم، أوجه المقارنة بين ما حصل مع  د. أياد علاوي والكتلة الأكبر في انتخابات 2010 وبين ما يحدث مع السيد المالكي اليوم. وبالنسبة لي شخصيا أعتقد بأن الجواب، نعم من حيث المبدأ هناك أوجه من الشبه وذلك ما أكدناه في مقالات سابقة ليس تأييدا للأشخاص بل انطلاقا من رؤية شاملة للمصلحة العامة وحرصا على عدم الحاق الضرر بالنهج السياسي والمسار الديمقراطي في العراق الجديد. لكن وكما يقول المثل ” الشيطان يكمن في التفاصيل”.. وأقول رأيي هذا انطلاقا من ادراكي لتفاصيل المرحلتين والدفاع عنهما معا رغم اختلاف الحالتين، وبما يعكس لمن ينشد الحقيقة بأن ما يطرح ليس رأيا مصلحيا أو موقفا نمطيا من هذا الشخص وذاك أو هذه الكتلة السياسية بعينها أو تلك، كلا بالتأكيد، فقد كانت الخشية مما هو عليه الوضع العراقي اليوم هي الدافع الأساسي لتأكيد ضرورة ابداء ما يستلزم من مرونة حيال الموقف من  د. علاوي فيما سبق، وذات الدافع يحفزني اليوم للإصطفاف وبقوة مع السيد المالكي، وفي نفس الوقت يثير لدي ولدى القراء تساؤلات عديدة يمتلك حق توجيهها للدكتور علاوي من كان على ما كنت أنا عليه من تأييد لموقف ائتلاف العراقية آنذاك، منها على سبيل المثال لا الحصر.

 إذا كان وما زال، لدى د.علاّوي اعتقادا راسخا بأنه كان (صاحب استحقاق دستوري).. فلا نريد احراجه بالقول : ألم يتبادر الى ذهنه حين تنازل عما يفترضه استحقاقاُ دستوريا.. تضحيات الآلاف من العراقيين في طريق زحفهم الى صناديق الاقتراع لإقرار هذا الدستور بالإستفتاء..أم انه أصلا لم يكن مؤمنا بأنه من اصحاب الاستحقاق؟ لا نسأل ذلك فالجواب بات لدى الجميع واضحاً.

 أنما نسأله التالي .. لماذا يُجانب الصواب في عدم تأييد الاستحقاق الدستوري للسيد المالكي اليوم؟ .. فهل المسألة شخصية أم مسألة مبدأ وطني وقضية دستورية، طالما ان الطرف المتسبب في حرمان ما كان يعتقده علاوي (استحقاقا) هو نفسه من يقف خلف ما يجري للمالكي اليوم ؟

والأنكى، أن موقف د.علاوي لم ينتهي عند حدود مُجانبة الصواب، بل الذهاب أبعد من ذلك بكثير في إصطفافه اليوم مع ذات الأطراف التي أقتربت منه كثيرا آنذاك وعندما حان الجد كانت أول القابضين على تلابيب البساط لسحبه من تحت قدميه!..وهم أطراف (التحالف الوطني العراقي)
 
إذن وما زال الحديث عمّا يراه د. علاّوي (إستحقاقاً) مفقوداَ في 2010.. خارجيا ، ان د. علاّوي نفسه قد صرّح مرارا وتكرارا بأن “ايران كانت وراء استبعادي من ممارسة الاستحقاق الدستوري”..، إذن.. اذا كان هنالك من استحقاق، وبالمقابل ارادة مانعة لممارسته، أليس أطراف التحالف الوطني الأخرى (التيار الصدري، المجلس الأعلى) هم بالدرجة الأساس، من أسهما بالأمس في تنفيذ هذه الإرادة ودفع الأمور نحو الإحتكام الى القضاء الدستوري بعد أن وجدا الفرصة مواتية لكسب المناصب والإمتيازات الى جانب تنفيذ ارادة خارجية لا يمتلكان الجرأة لرفضها، أو مناقشتها؟ .. فهل يصُح للدكتور علاوي تأييد هذا التحالف الذيلي اليوم.

 الأمر ليس بالمختلف اليوم، فمثلما دفعت بهؤلاء مصالحهم وارتباطاتهم الخارجية الى تبني خيار التأويلات واختراق الثغرات الدستورية في مقابل نتائج الانتخابات 2010، تدفع بهم وبغيرهم اليوم الى عرقلة المسار الديمقراطي وتزوير الارادة الشعبية والالتفاف على استحقاق السيد المالكي وائتلاف دولة القانون.

ولا ندري حقا ماهو المطلوب من السيد نوري المالكي أن يفعله لكي يكون مقبولا من هذه الأطراف؟..

هل هو الرضوخ للابتزازات السياسية والقانونية كإطلاق سراح عتاة المجرمين وتكريم قيادات الميليشيات المقتدائية عبر اخراجهم من السجون العراقية وإصدار عفو خاص عن المجرم الهارب أبو درع المتواجد في ايران تكريما لدوره في الحرب الطائفية؟..

 أم يريدون منه التفريط بثروات العراق عبر منح حزب قبلي تسهيلات خاصة تحت غطاء قانوني يسهم في توسيع دائرة نفوذه في اقليم كردستان العراق على حساب بقية الأحزاب والحركات السياسية، وهو ما سيفعله (العبادي) الذي قرر أن يكون الاقليم أولى محطاته، لتعزيز صورة البارزاني كصانع للملوك على مستوى العراق أجمع، وبما يجعل منه (نصف إله) في الاقليم؟

 أم تسليم البنك المركزي الى د. الجلبي وخصخصة القطاع النفطي ومن ثم تحويل ملكية عدد من آبار النفط الى عائلة عمار الحكيم من خلال بيعها بالآجل وبالتقسيط المُريح؟

 أم ترك القاعدة تصول وتجول في ساحات الاعتصام والمنابر التي أستغلت بشكل بشع لترويج الطائفية وتعبئة الشباب للإنضمام الى المنظمات الارهابية والاهزوجة القائلة من على المنصات (احنا تنظيم اسمنا القاعدة) لا يمكن أن ينساها التاريخ؟

لقد كنت كغيري مّمن يرى في د. علاوي طرفا سياسيا أفضل الى حد ما من الأطراف السياسية الراعية للميلشيات، في امكانية اغنائه التجربة الديمقراطية بالمشاركة الايجابية الفاعلة، ومن هذا المنطلق كنت من المعترضين على اقصائه بتلك الطريقة فيما سبق، اعتقادا مني بأنه ممن يؤمنون مبدئيا بما يطرحون ولكن في موقفه اليوم يثبت للجميع بأنه صدى لمواقف بعض الدول الخليجية لا أكثر وسيأخذ ذات الموقف السياسي من الدكتور (أبي خمسة آلاف صوت العبادي) .

كنت من المؤيدين آنذاك للدكتور أياد علاوي في 2010 رغم ان الاجراء المضاد كان أيضا دستوريا، لكن ومن وجهة نظري بأن نتيجة المفاضلة الدستورية ما بين الخيارين كانت في الواقع ترجح كفة ائتلاف العراقية على التحالف الوطني، انطلاقا من أن الأمل كان ولا زال يحدونا في الابتعاد عن التحالفات الطائفية والاسهام ما أمكن في تعزيز الحس العراقي الوطني مع ذلك فقد كنت متفهما لدوافع القرار القضائي في حينه والضرورة التي خلقتها ظروف المرحلة آنذاك.

 .. واذا كان ما سبق اقرارا لخيار دستوري لم يكن الأفضل للنظام السياسي الديمقراطي في العراق ولكن المواقف المفاجئة للمجلس الأعلى والتيار الصدري والاندفاع وفقا للتوجيهات أسهمت في إعطاء الحالة زخماً طائفيا لا تملك إزاؤه أية مؤسسة قضائية الا أن تتخذ القرار وفقا لما يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار وصيانة أرواح الناس والمصلحة الوطنية عبر تجنب احتمالية الحرب الأهلية، وقد كان قرار المحكمة الدستورية صائبا جدا وحكيما قياسا بتفاصيل الموقف والتداعيات الطائفية المحتملة، فكان القرار استثنائيا في ترجيح المفضول على الأفضل لضمان ديمومة النظام السياسي وعدم الذهاب بالعراق الى طريق مسدود بإعطاء الفرصة للأطراف الخارجية بالتأجيج المذهبي والذرائع الطائفية ومن ثم الذهاب بالبلاد الى الحرب الأهلية.

أما ما يجري اليوم، لا يمكن اعتباره استغلالا لثغرة دستورية ولا مفاضلة بين خيارين قانونيين بل انتهاك علني وفاضح للدستور وتدخل خارجي لم يشهده نظام ديمقراطي من قبل، يضع القضاء الدستوري في موقف المفاضلة ما بين مصلحة العراق والنفوذ السياسي للاطراف الخارجية الذي يحتم على القضاء ممارسة دوره في الحد من هذه التدخلات خاصة مع انتفاء الضرورة التي دفعت به مسبقا الى تبني الخيار الذي تستلزمه الضرورة.

وهو ما ينبغي على الكتل الوطنية أيضا فعله وخصوصا ممن وقع ضحية التدخلات الخارجية من قبل، وعلى وجه الخصوص رئيس ائتلاف العراقية السابق د. علاوي، على أقل تقدير التأكيد للجماهير العراقية بأنه من أصحاب المبادئ الوطنية وما رفض من اقصاء (مقنن) مورس بحق إئتلافه نتيجة التأثير الخارجي يرفضه اليوم حتى وان كان من يتعرض للغبن هو خصم سياسي فالمسألة بالاضافة الى كونها انتهاء دستوري فاضح لايمكن تصنيفه في عداد المفاضلة، فهي أيضا ليست وجهة نظر شخصية بقدر تعلقها بالمبادئ الوطنية والالتزام بالدستور ورفض التدخلات الخارجية التي من شأنها اعلاء كفة طرف على آخر وبما يتعارض مع الارادة العراقية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات