22 ديسمبر، 2024 11:44 م

ما بين المقاومة الفيتنامية ” سابقا ” والمقاومة الغزاوية

ما بين المقاومة الفيتنامية ” سابقا ” والمقاومة الغزاوية

<< واحدةٌ من بين عشرات الآلاف من الصور التي شدّتني من صور الحرب الفيتنامية , هي صورةٌ سبق أن نشرتها مجلة ” تايم ” الأمريكية لإمرأةٍ فيتنامية – لم تكن تعرف انها تحت التصوير- , هذه المرأة كانت نصف منحنية وطفلها الصغير مُعلّق على ظهرها بقطعة قماش ملفوفة , من كتفها تتدلّى رشّاشة روسية , بينما تمسك بيدها المنجل وهي تحرث الأرض “الصورة التقطها جندي امريكي من مسافةٍ بعيدة عبر عدسة Zoom>>.

   اختيرت المقاومة الفيتنامية هنا ” دون سواها ” لأنها الأحدث زمنياً من ناحية شراسة وحجم المقاومة ولتمكّنها من هزيمة القوات الأمريكية وارغامها على الهروب قبل الإنسحاب . !

احدى العناصر التي ساعدت على انتصار المقاومة الفيتنامية هي الإمدادات واللوجستيات العسكرية بالأسلحة والذخائر والمستلزمات الحربية الأخرى من كلا روسيا والصين ( وكان لفيتنام 60 طائرة مقاتلة تستخدمها في اوقاتٍ نادرة وهي مخفية في امكنة بعيدة عن ساحات القتال ) .. استفاد المقاومون الفيتناميون من طبوغرافيا وتضاريس الأرض المتنوعة بين كثافة الغابات والجبال والسهول وسواها , علماً أنّ ” حرب الغابات ” هي من اصعب انواع الحروب لمن يهاجهما , بجانب كلّ ذلك الذي نختزله الى الحد الأدنى , هو الروح القتالية والمعنويات الفائقة للشعب الفيتنامي ومديات التضحية لديهم , وكانت شرائح جمّة من الشعب الفيتنامي يشاركون في عمليات مقاتلة الأمريكيين رغم عشرات آلاف اطنان القنابل التي تسقطها طائرات B – 52 على رؤوسهم وبيوتاتهم .. وإذ يبلغ عديد القوات الفيتنامية اثناء الحرب 412 الف فرد , وعدد القوات البحرية 40 الف فرد , القوات الجوية 30 الف فرد , بينما يبلغ تعداد القوات شبه العسكرية 40 الف فرد ..وحيث أنّ مساحة فيتنام الشمالية آنذاك تساوي 157 الف كم مربع ونيف , بينما مساحة قطاع غزة تبلغ 365 كم مربع فقط , ومساحة مينة غزّة 45 كم مربع فقط .! , فمن المعيب والمخجل مقارنة مستوى المقاومة بين فيتنام وقطاع غزّة , فالأخيرة بمساحتها المحدودة الضيّقة , ودون امتلاكها لأسلحة الدفاع الجوي ودونما طائرات ولا قوة بحرية , والأهم من كلّ ذلك أن لا جهة  ولا دولة عربية تدعم الغزّاويين بالأسلحة والذخيرة وأنّ الماء والدواء والغذاء صار يصل الى بعضهم بالقطّارة , وإنّ الكثير من المساعدات العربية يصادر بعضها الجيش الأسرائيلي حالما اجتيازها معبر رفح الحدودي بين مصر واسرائيل .!

المقاومة الفلسطينية في القطاع وخلال ثلاثة شهورٍ من الحرب الدموية , استطاعت فتح وإحداث شروخات بين القيادات والأحزاب الإسرائيلية , وشروخاتٍ اخرى بين الجمهور الإسرائيلي وحكومته , واضحى نتنياهو في موضع اهتزازٍ سياسي لدى العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية , بينما كان محالاً على الفيتناميين إحداث مثل ذلك على الحكومات الأمريكية المتعاقبة إبّان حقبة تلك الحرب التي انتهت في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

  لاجدال بين إثنينِ ولا حتّى مع إمرءٍ مع نفسه .! بأنّ المقاومة الفسطينية هي الأشد والأعنف في العالم وفي تأريخ الحروب , ولا نشاء التطرّق الى جبهة البحر الأحمر التي نقلت صراع الفلسطينيين وحلفائهم الى الصعيد الدولي الذي تتفاقم اوضاعه ولم تنتهِ وقادت الى اعلان الأمريكان على تشكيل تحالف دولي بحري من 20 دولة , ويصعب تصوّر نتائج هذا التصعيد المرتقب وما قد يقابله من ردودٍ افعالٍ مقابلة .! , المهم أنّ حركة حماس الصغيرة ورفيقاتها وشقيقاتها , هم مَن استطاعوا التلاعب بركائز المسرح الدولي واضوائه .!