كلما انتهيت من قراءة كتاب ما كلما شعرت بعزلة فكرية وفلسفية تغمر كياني كمثقف فالكتاب يعصر هويته داخل فوضى يومياتي وبالتالي افقد الكثير من سطوره على شكل سرب من الحروف والكلمات المهاجرة الى ذاكرتي الى النسيان …..
2
تصيبني حالة غريبة الاطوار كلما بدأت بقراءة كتاب ما فاللحظات الاولى مثيرة وما يتبعها اكثر اثارة لكن ما ان تنحصر صفحات الكتاب بين يدي معلنة نهايتها اشعر ان القلق والتوتر يطاردان عقلي المكتظ بالاسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب …..
لذا دائما ابحث عن اجوبة لاسئلة كثيرة تراودني لذا اتجه نحو صفحات الكتاب اي كتاب المهم هنا انه كتاب لفت نظري واعجبني …..
المشكلة ليست هنا بل هي بعد ان انتهي من قراءة الكتاب اجد نفسي عاريا فكريا وفلسفيا في النهاية ارى امامي …..
كومة هائلة من الاسئلة بلا اجوبة
3
كلما انهيت قراءة كتاب انتابتني حالة من الفوبيا ممزوجة ببعض نوبات البارانويا ترافقها حالة من النسيان اشعر ان افكاري متبعثرة وقد تلاشت كلها دفعة واحدة …..
انسى كل شيء واي شيء وتتخبط الحروف والكلمات عرض صفحات الكتاب الذي قرأته …..
لا اعرف ان كنت علمانيا او ماركسيا او شاعرا وكاتبا او منفردا بعزف سيمفونية مبتورة الالحان والانغام …..
لذا لا اعرف ما هي هويتي …..
اعتقد ان مصيري اما الانتحار يوما ما او الجنون في كلتا الحالتين سأنسى كل شيء قرأته في الكتب وهذا ما يهمني ان امحو كياني ذاكرتي ثقافتي بضمير الفوضى الفكرية والفلسفية التي اعيشها في يومياتي
4
كنت اعتقد ان الكتابة والقراءة مجتمعين هما الحل الامثل لنسيان الحب ….. حبك
لكن اتضح لي ان هذا الوقح الذي اسمه الحب ماضي في قتل فصول يومياتي بدم بارد …..
ان قرأت كتابا ان كتبت قصيدة ان اشعلت سيجارة ان مارست الجنس مع غيرك لمجرد ان اوجه اهانة لانوثتك لنعومتك لكبريائك …..
في كل هذه الحالات حبك باقي ربما هذا هو سبب الفوضى الفكرية والفلسفية التي اعيشها في ذاكرتي …..
لذا ما الفائدة من تكديس الكتب فوق ادراج مكتبتي وقرأتها بشكل منظم ومتسلسل بداية بهذا الكتاب والذي يجاوره وصولا الى نهاية الدرج المكتبي …..
لا يبقى شيء سوى الفراغ ويبقى حبك ساكنا فيه …..
5
المعروف عنا نحن المثقفين الذين نهوى القراءة والمطالعة بجنون اننا كلما قرأنا كتابا معنى هذا اننا نجحنا بتلميع ثقافتنا وجلي اللاوعي واللادراك عنه والنتيجة ان تحظى عقولنا بالاعتدال فكريا وفلسفيا …..
الحالة عندي تختلف فأنا مثقف استثنائي اي نعم مجنون متهور مغرور متمرد وكتاباتي خير شاهد على صفاتي لكنني في النهاية مختلف عن باقي معشر قبيلة المثقفين وعلى رأسهم طغاة الابداع الشعراء والكتاب …..
كلما انتهيت من قراءة كتاب كلما اصبحت اكثر تطرفا في فوضى يومياتي …..
تطرفا في العلمانية في الجنس في الموسيقى في الاناقة
في الحب والعشق والهوى …..
6
اينما وجدت بعض الوقت احمل كتابا وابدأ بقراءته في غرفتي الخاصة جالسا على الاريكة او على السجادة في وضعية القرفصاء او اجلس في احدى زوايا حديقة منزلي تحت اشعة الشمس او قبل النوم على فراش الزوجية او في التواليت عندما اعاني من عسر هضم …..
في كل هذه الحالات وغيرها القضية لا تتعدى سوى شيء واحد الا وهو الادمان على القراءة والمطالعة مثل الادمان على النت والسجائر والنبيذ والجنس والحب والمواقع الاباحية …..
القضية بأختصار هي هدر للوقت لكن بمفهوم حضاري
القضية بأختصار هي ارهاق للعقل وبالتالي نشوء فجوة شاسعة اسمها الوعي والادراك
القضية بأختصار هروب من الماضي والحاضر والمستقبل
القضية بأختصار ان المثقف لا يمكن ان ينسى هويته كعاشق حتى وان كان صديقه الكتاب
القضية بأختصار انني اكتب واقرأ كي انسى حبك
في النهاية …..
نسيت ما اكتب
نسيت ما اقرأ
ولم انسى حبك