23 ديسمبر، 2024 9:19 ص

ما بين (السياسة).. و(البغاء) ..و(أماكن الطهارة) !!

ما بين (السياسة).. و(البغاء) ..و(أماكن الطهارة) !!

السياسي .. هو من إرتضي خوض المياه الآسنة بكل قاذوراتها ، وهو حين إستقل زورقه ليلج ميدانها ، هو يدرك أن بإمكانه أن يجد له طريقا بين أوساط الطبقة السياسية التي يروم الإنضمام اليها!!
والسياسي يدرك كذلك، أن السياسة (مهنة) تقترب أحيانا من (الطهارة) ، وهو حتى وإن شم روائحها الكريهة، لن يكون بمقدوره ان يخرج من فلكها ، الا بعد ان يحصل على (مكاسب) تحقق له بعض ما يحلم به من طموحات مشروعة أو غير مشروعة!!
والسياسي يدرك أكثر من أي شريحة أخرى، أن (المغفلين) و(الجهلة) و(الجياع) و(أنصاف المثقفين) و(الرعاع) والمرضى النفسيين هم ساحته الرحبة ، التي يتشكل منها رصيده الجماهيري، وعليهم يعلق الآمال في ان يشكل منهم حزبا ، يختلق له أفكارا ، حتى ولو لم يصدقها عاقل، فالمهم لديه ان يكون هو الأمين العام لهذا الحزب او رئيسه الأعلى، وبهم يهش وينش ويصعد برؤوسهم في المسرح الانتخابي!!
المشكلة أن كثيرا من المغفلين والرعاع يهرولون وراء السياسي علهم يحصلون منه على (فتات خبز) أو (دولار أخضر) ينتقل بهم الى مرحلة (الآدمية) ، وهم يريدون الانتقال من مرحلة المغفلين الى مرحلة درء مخاطر الحياة التي تنهال بسهامها على رؤوسهم ، دون أن يعرفوا سبب بلواهم في هذه الحياة!!
والسياسي .. هو من يملك قدرا من المال يؤهله لأن يكون له دور ، حتى وان كان صغيرا في سلم الإرتقاء السياسي ، لحين ترتيب الفرصة الملائمة للصعود الى ما يحلم به من مراتب!!
والسياسي الذي مايزال يتشبث بـ (المباديء) و (القيم) و (مثل الحياة) هو كمن يستقل مركبة فضائية، ويريد أن يطير في الهواء ، وهو يدرك ان تلك المركبة بلا محرك، ولا أجنحة طيران!!
والسياسي الذي يريد ان يكون مستقلا ويسعى لخدمة مصالح جمهوره وبلده يواجه موجات مرعبة من المد والجزر وسط البحار، وهو لايدرك الى أين تسير به السفينة في تلك الرحلة المليئة بالمخاطر، والتي وضع فيها حياته في كف عفريت!!
والكثير من السياسيين يدركون أن (العمالة) وتنفيذ أجندة الآخرين هو من يوفر لهم فرصة الظهور ويكون لهم (شأن) بين حيتان السياسة ، كونها لم تعد (تهمة) إن لم تعد بالنسبة لآخرين (شرفا) أن يسلك مهاوي الخيانة والعمالة للآخر، مادام السياسي راح يدرك أن الانغماس في مهاوي صراعات السياسة يترتب عليه ان يجد له (أغطية للبقاء) وبدونها لن يجد له مكانا بين صالوناتها!!
وحين يسأل أحدهم : من هو الأكثر شرفا ونزاهة : السياسي ألاناني والفاسد الغاطس في وحول الرذيلة أم (العاهرة)، او من تمارس البغاء ؟ ، ويأتيه الجواب من أحد الفلاسفة، بأن (العاهرة) أو من تمارس البغاء، هي أكثر شرفا من السياسي ، كونها لم تتسبب في أذى الآخرين ، ولم ترغم أحدا للوقوع بين أحضانها، والسياسي المرتزق هو من وجد فيها ضالته لتحقيق أحلامه في الحياة، وهي لم تمارس الارهاب من أي نوع، أما السياسي فأن مستقبله مرهون بأن يوزع عمليات الارهاب في الشوارع، لكي يبقي الجمهور في حالة قلق على حياتهم، ولن يجدوا سوى السياسيين من يعلن استنكارهم لتلك الاعمال الارهابية، التي ورط كثير من ساسة البلد نفسه في أتونها، ليحقق مبتغاه في البقاء لفترة أطول!!
بين السياسة و (البغاء) علاقة وطيدة، وقد يكون (البغاء) مستورا وتجري عملياته في الخفاء مع من يهوين الإنزلاق في مهاوي البغاء ، لكن السياسي يعلن أهدافه على الملأ، وهو يسرق أمام أعين الجمهور ورموز السلطة، لكنه يشعر انه يمتلك (حصانة) وهو قد أمن العقاب ، بعد إن أجاد( البعض) فنون (التلاعب بالمقدرات) والتضليل والمراوغة ، وهناك من يرى انه اذا لم يشارك الفاسدين الغنيمة ، ونهب الأموال، فانه سوف لن يجد له مكانا في مركب السياسة!!
والسياسي الماهر هو من يمتلك وسائل دعاية وفضائيات ، ومن خلالها يظهر على الفضائيات ويصرح لها وتجري معه المقابلات والحوارات المثيرة، وهو يجد في الجيوش الالكترونية التي يجندها لحسابه فرصة أن يكون له مستقبلا مشرقا في عالم السلطة، وهي من راحت تغزو عقول الجمهور، وتوفر للسياسي فرصة الانتشار ، ويجد نفسه عندها في مكان آمن وبلا منغصات!!
والسياسي يرى نفسه مرغما في أغلب الاحيان على ركوب موجة الانغماس في مهاوي الفساد والرذيلة ، وبخاصة اذا ما حققت له احلامه في امتلاك مئات الملايين من الدولارات،وربما وصلت ثروته الى المليار، إن أحسن معاشرة من يهوين البغاء ، ويتخذ من علاقاته مع الاوساط الفاسدة، مرحلة للصعود الى قمم السياسة، وهم مع من يمارسن البغاء في علاقة متطورة ، تصل ربما الى مرحلة المشاركة في اتخاذ القرارات المهمة، في كثير من الأحيان..وتعج صالونات الدعارة بالكثير ممن وجدوا فيها ملاذهم الآمن في أن يكون لهم شأن في عالم السياسة.. !!
هذه بإختصار أبرز المشتركات وحالات التوافق بين السياسة والبغاء ، فكلاهما يمارسان مهمة تقترب من الآخر، وهما يرون أن مستقبلهما يتوقف على مدى قدرة أي منهما في إستغلال الآخر، وابقاء (المغفلين) و(الجياع) و(الجهلة) يلهثون وراءهم علهم يحصلون على (عظمة) تشبع نهمهم ، وهم سيبقون مادة السياسي الذين يحقق من خلالهم ما يصبو اليه من أحلام وتطلعات!!