23 ديسمبر، 2024 5:04 ص

ما بين الاغلبية السياسية والتوافقية والتقسيم ، الكونفدرالية الحل الانجع

ما بين الاغلبية السياسية والتوافقية والتقسيم ، الكونفدرالية الحل الانجع

في السنوات الاربع الاخيرة اعترفت الكتل السياسية الحاكمة في العراق عدة مرات باخفاقها في ادارة الدولة منذ سقوط الصنم في عام 2003 وفقا لنظام التوافق السياسي.
كتلة دولة القانون التي كانت على رأس هرم السلطة على مدى السنوات الماضية والتي تتحمل مسؤولية اكبر من تلك الاخفاقات ، دعت مرارا وماتزال على لسان قادتها الى تشكيل حكومة اغلبية سياسية داخل البرلمان كسبيل للخلاص من نظام المحاصصة الذي كان تحصيل حاصل لنظام التوافق السياسي ، على ان تعمل القوى الاخرى خارج اطار الاغلبية كمعارضة برلمانية لمراقبة اداء الحكومة وتقويمها.
الا ان الدعوة هذه لم تلق دعما من جميع الكتل العاملة تحت مظلة التحالف الوطني واغلب الكتل الكوردستانية والعربية السنية المتمثلة بتحالف القوى ، لسببين اساسيين ، الاول ان جميع الكتل السياسية ولاسيما الكتلتين الكوردستانية والعربية السنية اللتين لديهما تجربة مريرة مع دولة القانون في كيفية ادارة الدولة وفشلها في استيعاب القوى السياسية الاخرى حتى الشيعية ، فضلا على اللتين تمثلان المكونين الكوردي والعربي السني ، والسبب الثاني هو ان فكرة نظام الاغلبية السياسية لا تنسجم مع الواقع العراقي الشائك والنسيج القومي والديني والمذهبي المتداخل والمعقد ، وعدم وجود مؤسسات رصينة لبناء الدولة وتطويرها.
الاغلبية السياسية كمبدأ لادارة الدولة نظام جيد ولكن هذا النظام يحتاج الى مناخ سياسي هادئ بعيد عن التشنجات ويمكن ان يكون مفيدا للدول التي تتمتع بالاستقرار السياسي والامني فضلا على اقتصاد مزدهر وعدالة اجتماعية تضمن حقوق الجميع على وفق مبدأ حقوق المواطنة الحقيقية.
فشل تجربة التوافق السياسي في المرحلة من 2003 الى وقتنا الحاضر تسببت في نشوب حرب طائفية طاحنة بين المكونات العراقية فضلا على توفير بيئة لنمو الجماعات الارهابية المسلحة واخرها تنظيم داعش الارهابي الذي تسبب بقتل الالاف من الابرياء ونزوح اكثر من مليوني عراقي فضلا على تدمير عشرات المدن الكبيرة والصغيرة ومئات القرى وتخريب البنى التحتية فيها.
كما تسببت تجربة التوافق السياسي في اكثر من عقد في خلق جو من عدم الثقة بين القوى السياسية نفسها ومكونات المجتمع العراقي وانتشار الفساد وضياع اكثر من الف مليارد دولار من ثروة العراق بحسب تقارير خبراء اقتصاديين دوليين وانتشار البطالة والفقر بين ابناء العراق الذي تجاوز 25% من مجموع سكان البلاد.
نظرا لفشل تجربة التوافق السياسي وعدم جدوى فكرة الاغلبية السياسية للاسباب الانفة الذكر ورفض تقسيم العراق من بعض القوى السياسية العراقية والاقليمية اذن ما هو الحل؟
اتصور ان معظم القوى السياسية العراقية وجماهيرها متفقة على انه من المستحيل اعادة العراق الى وضعه الطبيعي السابق الذي لم يخل ايضا من التناحر والتقاتل فضلا على انعدام الثقة بين القوى السياسية المتعددة واستحالة التعايش المشترك بين
المكونات التي خاضت حرباً اهلية طاحنة فيما بينها على الهويات المذهبية والقومية ما أودى بحياة الالاف من الابرياء ، كل هذا جعل من المستحيل ان تجتمع تلك المكونات تحت يافطة دولة واحدة والتعايش معا.
العقل والمنطق يحكمان على القوى السياسية وعلى مكونات المجتمع العراقي لايجاد بديل للنظامين التوافق والاغلبية السياسية والتقسيم والبحث عن مخرج يضمن حقوق الجميع من دون اراقة الدماء الا وهو تعديل الدستور باضافة فقرة النظام الكونفدرالي كبديل للنظام الفدرالي الاتحادي وتشكيل كونفدراليات للمكونات الرئيسة العرب الشيعة والسنة والكورد مع ضمان حقوق الاقليات التي تريد العيش ضمن الكونفدرالية التي يختارونها و وضع نهاية للتقاتل والتناحر والمشاكل التي عانت منها المكونات الثلاثة منذ اكثر من ثمانين عاما مضت التي تسببت بسيل انهار من الدم وهدر الثروات والقدرات الاقتصادية للبلد التي يمكن ان يعيش مواطنوها افضل بكثير من البلدان الغنية التي تتمتع شعوبها بالرفاه والاستقرار.