لقد كتبتُ في المقال السابق عن وباء (كورونا) وما بعده، لكن في وقتها لم تكن الصورة مجلية تماماً كي نميز ما تشير إليه الأحاديث الإسلامية، وبعد مدة تقريباً ثلاث أشهر من كتابة المقال الأول بعنوان (ما بعد كورونا_1) نوعاً ما قد انجلت الصورة على مسرح الإحداث، واهم حديث كان في ذلك المقال هو الذي اخرج عن الإمام الباقر عليه السلام حيث قال :
(لا يقوم القائم إلا على خوف شديد و زلازل و فتنة و بلاء يصيب الناس ، و طاعون قبل ذلك ، ” ثم سيف قاطع بين العرب “، و اختلاف بين الناس ، و تشتت في دينهم ، و تغير في حالهم ، حتى يتمنى المتمني الموت صباحا و مساء من عِظَم ما يرى من تكالب الناس و أكلهم بعضهم بعضاً)
قضية (سيف قاطع بين العرب) التي أشرتُ عليها في المقال وفسرتها كالأتي (يقصد بالسيف احتمال سيف فكري يقطعهم إلى نصفين أو أكثر، أو سيف معنوي احتمال، لكن ما فهمنهُ أن العرب سوف يتخاصمون بعد الوباء)
حسب ما أعتقد أنا كنت دقيق في تفسير الحديث (سيف قاطع بين العرب) (احتمال سيف فكري يقطعهم إلى نصفين أو أكثر) وهو ما حصل فعلاً وهي قضية (التطبيع مع إسرائيل) تحت شعار ” نشر السلام في الشرق الأوسط” وأول مبادر و مؤسس هذا “السيف” عفواً “السلام” هي (الإمارات العربية المتحدة)، وعقب قضية التطبيع التي أعلن عنها في الآونة الأخير حدثت خلافات إعلامية بين العرب و “قطعتهم” إلى نصفين أو أكثر كما توقعت، النصف الأول مع التطبيع ونشر السلام في الشرق الأوسط،
أما النصف الأخر ضد التطبيع مع إسرائيل ويعد هذا الأمر هو الطعن بقضية (فلسطين) وخيانة للإسلام والعروبة،
أما كلمة أكثر (أي نصف ثالث) الذي رجحتهُ في ما سبق، هم جماعة من الناس أخذوا الصمت وكانوا “حلساً من احلاس بيوتهم”.
لماذا هذا التهويل لهذه القضية (التطبيع مع إسرائيل)، ولماذا لا نقول قضية (مرفأ بيروت) التي قامت بها “إسرائيل” في وضوح النهار هي المقصودة في الرواية، ويأتي الجواب، (لا) “مرفأ بيروت” لم يكن المقصود في الرواية، والدليل الرواية كانت واضحة جداً وجاء فيها (سيف قاطع بين العرب) أي يضع العرب إلى نصفين وهو ما رجحنا سابقاً وهو قضية “التطبيع”، لان الرواية لم تذكر سيف “قاضٍ” للعرب ونحو ذلك من القتل، بل ذلك لهُ كلام خاص، وسوف أكتبُ أن شاء الله بعنوان (مرفأ بيروت.. نهاية إسرائيل) .
جاء في رواية للشيخ المفيد عن سدير الصيرفي مطولة إلى أن قال (كنت عند أبي عبدا لله جعفر بن محمد (عليه السلام) وعنده جماعة من أهل الكوفة فاقبل عليهم وقال لهم: حجوا قبل إن لا تحجوا حجوا، قبل إن يمنع البر جانبه، حجوا قبل هدم مسجد بالعراقين بين نخل وانهار، حجوا قبل إن تقطع سدرة بالزوراء نبتت على عسل عروق النخل التي اجتنت منها مريم (عليها السلام) رطباً جنياً، فعند ذلك تمنعون الحج وتنقص الثمار وتجدب البلاد وتبتلون بغلاء الأسعار وجور السلطان ويظهر فيكم الظلم والعدوان مع البلاء والوباء والجوع وتظلكم الفتن من جميع الأفاق فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خرسان وويل لأهل الري من الترك وويل لأهل العراق من أهل الري و ويل لهم ثم ويل لهم من « الثط » ، قال سدير : فقلت يا مولاي من الثط ؟ ، قال : قوم آذانهم كآذان الفأر صغرا لباسهم الحديد كلامهم ككلام الشياطين صغار الحدق مرد جرد استعيذوا بالله من شرهم أولئك يفتح الله على أيديهم الدين ويكونون سبباً لأمرنا .)
المصدر : الامالي ، للشيخ المفيد ، المجلس السابع ، ص ٦٤
(حجوا قبل إن لا تحجوا حجوا، قبل إن يمنع البر جانبه) :
في موسم الحج لهذا العام تم غلق جميع المنافذ المؤدية الى بيت الله الحرام والسعودية بصورة عامة، وليس المنافذ البرية فحسب كما تذكر الرواية بل براً و جواً .. وهذهِ الحادثة مصداق لقولهِ (عليه السلام) .
(تمنعون الحج وتنقص الثمار وتجدب البلاد وتبتلون بغلاء الأسعار):
مُنعنا الحج لهذا العام ونقص الثمار وجُدبت البلاد وابتلينا بغلاء الأسعار، جميع ما ذكر في الرواية قد حدث .
“جور السلطان”: حدث معنا جور السلطان بعد استقالة (عادل عبد المهدي) كُلف السيّد (محمد توفيق علاوي) بتشكيل الحكومة ولكنهُ لم ينجح، وكذلك كُلف السيّد (عدنان الزرفي) بتشكيل الحكومة وكذلك لم يُكتب لهُ النجاح، وبعد عنا ومشقة كُلف السيّد (مصطفى ألكاظمي) بتشكيل الحكومة وكُتب لهُ النجاح، ومن المحتمل لم تكون هذهِ الواقعة هي المقصودة في الرواية، من المحتمل تقع مُشابهة لها في المستقبل لاسيما القريب أو البعيد … والله العالم .
(ويظهر فيكم الظلم والعدوان مع البلاء والوباء والجوع وتظلكم الفتن من جميع الأفاق) : ها هو اليوم الشعب العراقي مظلوم ظلم لم يذكر لهُ مثيل في كُتب التاريخ لا القديم ولا الحديث، وأيضاً أن البلاء والوباء ها نحنُ فيه الآن، بغضِ عن الجوع القاتل للعراقيين، وظلكم الفتن من جميع الأفق، كُل يومٍ يكون هُنالك حدثٍ غريب الأطوار يأخذ حيزاً من الأعلام قرابة أسبوعٍ أو أكثر ومباشرتاً تأتي فتنة أخرى، والله العالم .
(فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خرسان وويل لأهل الري من الترك وويل لأهل العراق من أهل الري) : هذهِ الرواية تتكلم عن واقع إحداثنا ألان، (وويل لأهل العراق من أهل الري)، أن أهل الري وهم بأخر أنفاسهم في العراق وقد صرحوا فيما سبق أنهم لا يخرجون من العراق إلا وهو (رماد)، أما الترك وفي رواية عن أهل البيت يقولون (أن الترك ينزلون شبه الجزيرة العربية) وها هي اليوم (تركيا) تقصف بالعراقيين ليلاً ونهاراً وليبيا، ولا نستطيع التحدث أكثر من ذلكَ لأنه مخالفٍ (للتقية) .
أما بقية الحديث وهو صرحتُ عنهُ قبل الوباء (كورونا) في مقالاً (لا رجال دين في الإسلام بل العلماء) .
وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام. وفي كمال الدين:2/655، عن أبي بصير، ومحمد بن مسلم قالا:( سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلث الناس، فقيل له: إذا ذهب ثلث الناس فما يبقى؟ فقال عليه السلام: أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي. ) المصدر . غيبة الطوسي/206، والعدد القوية/66، وعنه إثبات الهداة:3/510، , والبحار:52/113.وفي قرب الإسناد/170،
اسأل الله سبحانهُ وتعالى أن نكون من (الثلث الباقي) الذكر ذكرهُ أمير المؤمنين (ع) .