19 ديسمبر، 2024 12:01 ص

ما بعد زيارة السوداني لواشنطن.. ماقبل الردود الأمريكية على إيران؟؟

ما بعد زيارة السوداني لواشنطن.. ماقبل الردود الأمريكية على إيران؟؟

في مقال اليوم على الصفحة الأخيرة من صحيفة الدستور البغدادية الغراء. ناقشت البعد الاستراتيجي الأمريكي في التعاطي مع زيارة السيد السوداني لواشنطن.. طرحت في نهاية المقال تساؤلات عما سيكون عراقيا في الالتزام باستراتيجية (الحاجز الجغرافي)..
ما صدر من تعليقات واراء أمريكية للرد على تغيير قواعد الاشتباك بين إيران وإسرائيل.. الماضية وفق الرئيس بايدن نحو الرد الأمريكي الصارم.. وما نشرته وسائل اعلام أمريكية متخصصة بالاقتصاد مثل موقع بلومبرغ الإخباري ناهيك عن قناة CNN عن مشروع قانون يناقش في الكونغرس لفرض عقوبات اقتصادية اشمل على النفط والغاز الإيراني.. وربما يشمل الموانيء التي تستقبل هذا النفط والدول التي تتعامل معه.
هناك سؤالين مهمين جدا.. السؤال الأول.. دور اللوبي الإسرائيلي في زخم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لفرض قانون أقرب إلى القرار ٦٨٧ الذي فرضه مجلس الأمن الدولي تحت عنوان (حالة العراق والكويت) والذي ما زالت آثاره واضحة عراقيا حتى بعد ثلاث عقود مضت..
السؤال الثاني.. هل هناك فرضيات واقعية لانفراد واشنطن في سلطة دولية قادرة على إلزام الدول والشركات الكبرى بمثل هذا القانون اذا ما صدر؟؟
على هامش كلا السؤالين.. ثمة سؤال خاص عما يمكن أن يكون عراقيا؟؟
في الاجابة على كل ذلك.. يبدو من الممكن القول :
اولا :هناك إمكانية واقعية بإصدار قانون أمريكي جديد ضد إيران.. يترجم ذات منظور شخصية شايلوك في تاجر البندقية.. لكن إيران لديها أكثر من محامي يبدأ في نموذج طهران عن الاقتصاد المقاوم.. ناهيك عن شركاء في العراق وسوريا واليمن ولبنان .. فضلا عن الصين وروسيا الاتحادية.. فالتحديات متقابلة بين اليات الالتزام والرفض.. الا في حالة واحدة.. تتمثل في المنع من الإيداع في صندوق النقد الدولي لتعاملات الضمانات الائتمانية الدولية في ثلاثة مواقع مهمة.. بنوك وول ستريت في نيويورك.. شارع البنوك في لندن.. منطقة التجارة العالمية في فرانكفورت الألمانية… عند تحالف هذه المناطق ضد الاقتصاد الإيراني.. كما سبق لها ان تحالفت ضد الاقتصاد العراقي.. لن تستطيع الشركات الصينية او الروسية التعامل مع النفط والغاز الإيراني بالسهولة المطلوبة.
ثانيا : بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستبدأ حالة إعادة تنظيم المعارضة الإيرانية تحت ذات العنوان الذي تعاملت به واشنطن مع المعارضة العراقية.. وايضا يمكن أن يضاف إلى الجانب الاقتصادي.. عقوبات دبلوماسية مثل تلك التي حددت حركة الوفد الإيراني في الأمم المتحدة.. وايضا ربما تخفض الدول الأوروبية.. والاقليمية المحيطة  بالجغرافية الإيرانية التمثيل الدبلوماسي مع طهران.. وهذا يعني بروز منصات اعلامية جديدة لإدارة البرامج الأمريكية بعنوان (تحرير إيران)!؟
كذلك هناك الكثير من الأمور التي يمكن توقعها من أحداث داخل إيران بعنوان (الربيع الإيراني) المصاحب لعمليات عنف  يمكن أن تؤول الى ظهور تباين شعبي إيراني.
ثالثا : الموقف الإيراني يجمع بين الافق الصبور لحائك السجاد في الردود.. ودبلوماسية تقفز بالزانة على الثوابت المتعارف عليها في الخطاب السياسي الشعبي.
المرجح هناك انتظار لما سيكون.. وايضا تحرك متعدد الأطراف بثقافة التنازل المشروط.. واول من سيكون على طاولة المفاوضات باي اتجاه كان.. مطلب إعادة حدود النفوذ الإقليمي الإيراني في الشرق الأوسط… وضبط الصناعة الحربية لاسيما الصواريخ والملف النووي.هذا يعني قبول لجان تفتيش ربما تكون من الاتحاد الاوروبي.
 وايضا ربما ستعود ذات النبرة في ان لا تكون لإيران اي مواقف بالضد من موافقة منظمة التحرير الفلسطينية في ضوء اتفاقيات اوسلو.
رابعا : عراقيا.. هناك رغبة أمريكية في الحصول على صداقة (الحزب الوفي) لسياسات واشنطن.. هكذا يوصف حزب السيد مسعود برزاني بكونه the best frined .. فمن سيكون الحزب الوفي من بقية الأطراف في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لعراق الغد؟؟
الأكيد.. ان واشنطن تتعامل مع كل الأطراف العراقية بمنهج المصالح.. وليس بمواقف الصداقة والغداء… بروز شخصية السيد السوداني خلال زيارته لواشنطن.. تطرح فرضيات  عن القيادات  التي ظهرت خلال العملية السياسية بكونهم الخط الوسط الأفضل.. ومنهم السوداني ومحمد علاوي وزير المالية السابق.. وعدنان الزرفي محافظ النجف الأسبق .. ووزير الداخلية السابق عثمان الغانمي.. وزير الإسكان والصناعة محمد صاحب الدراجي.. وإمكانية حصول اتفاق أولى مع المرجعية الدينية في النجف الاشرف ان الانتخابات المقبلة تغادرها بعض الشخصيات نحو التقاعد السياسي.. وصعود شخصيات مثل هذه الاسماء على سبيل المثال لا الحصر.. ستكون هناك فرضيات أمريكية مختلفة للتعامل مع نموذج عراقي جديد يرسم آفاق العلاقات المستقبلية كموازن اقليمي في استراتيجية الحاجز الجغرافي مع كامل الإدراك  لنوع العلاقات المتميزة بين مخرجات هذه الانتخابات في حكومة مقبلة مع إيران .. وبين مخرجات ما يمكن أن يكون في تطبيقات قانون او حزمة قوانين أمريكية كعقوبات على إيران في ذات الوقت.
ما بين هذا وذاك.. يمكن تكرار القول ان الكثير من الجوانب العاطفية قد تصاحب المواقف السياسية مناصرة إيران ضد العقوبات الأمريكية.. وقد تؤثر على القرارات الحكومية العراقية.. وهذا يتطلب ان يتعامل المتصدرين للعملية السياسية بعقلية الدبلوماسية الإيرانية ذاتها.. بما يحافظ على علاقات الصداقة مع إيران بالذات.. ولا يوقع العراق او اي بنوك او شخصيات فيه تحت عواقب العقوبات الأمريكية.
هذا أفضل سيناريو يمكن توقعه عراقيا.. أما إذا مالت كفة القرار السياسي نحو العواطف ومتغيراتها بدلا من ثوابت القانون الدولي الذي أجاب به السيد السوداني على قول الرئيس الأمريكي ان بلاده تدعم أمن إسرائيل.. فتلك قضية أخرى.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!