19 ديسمبر، 2024 12:07 ص

ما السرّ وراء غياب صوت مهندس السياسة النفطية العراقية الدكتور حسين الشهرستاني ؟

ما السرّ وراء غياب صوت مهندس السياسة النفطية العراقية الدكتور حسين الشهرستاني ؟

كنّا جميعا نتوّقع بعد الإعلان عن الاتفاق المبدئي بين وزير النفط الاتحادي السيد عادل عبد المهدي وحكومة إقليم كردستان , أن يكون أول المتصدّين لهذا الاتفاق الذي وصفته النائبة الدكتورة حنان الفتلاوي بالنكبة الوطنية , هو الدكتور حسين الشهرستاني مهندس السياسة النفطية العراقية , لكنّ الغريب والملفت للنظر أنّ الدكتور حسين الشهرستاني الذي تصدّى بقوة لسياسات حكومة إقليم كردستان النفطية الخارجة على الدستور العراقي والقوانين العراقية النافذة خلال السنوات المنصرمة , قد لزم الصمت عن هذا الاتفاق الكارثة ولم يسمع له صوت أبدا , وكأنّ الأمر لا يعنيه , بل وتعدّى هذا الصمت الغريب ليشمل أعضاء كتلته في مجلس النوّاب العراقي , حيث لم نسمع لهم أي صوت داخل قبة مجلس النوّاب حين استضاف المجلس السيد عادل عبد المهدي للحديث عن أبعاد هذا الاتفاق , بل انزووا جميعا ولم ينبسوا ببنت شفة .
ويعلم الدكتور الشهرستاني جيدا أنّ هذا الاتفاق الذي تمّ بين السيد عبد المهدي وحكومة إقليم كردستان , يمّثل انقلابا كاملا على السياسة النفطية التي رسم خطوطها العريضة الدكتور الشهرستاني نفسه والقائمة على أساس الدستور العراقي والقوانين العراقية النافذة , والجميع يعلم جوهر هذه السياسة التي كانت قائمة على أساس أنّ النفط والغاز في كل الاقاليم والمحافظات المنتجة هو ملكا للشعب العراقي ولا يجوز التصرّف به خارج إشراف وموافقة الحكومة الاتحادية التي تمّثل كل الشعب العراقي , وعلى هذا الأساس نشأ الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حول دستورية عقود النفط التي أبرمتها حكومة الإقليم مع شركات النفط العالمية بعيدا عن علم وموافقة وزارة النفط الاتحادية .
ومن المؤكد أنّ الدكتور الشهرستاني يعرف أكثر من غيره خطورة هذا الاتفاق وما ينطوي عليه من مخاطر قانونية , فهذا الاتفاق قد وفرّ لحكومة الإقليم التصرّف بنفط الشعب العراقي وتصديره إلى دول العالم بعيدا عن الشركة الوطنية العراقية لتصدير النفط ( سومو ) وبشكل شرعي وقانوني , وهذا ما دعى حكومة الإقليم وبعد يوم واحد وقبل أن يجف الحبر الذي كتب به هذا الاتفاق المذّل , إلى إصدار قرار من مجلس وزراء الإقليم بتأسيس شركة كردية لتصدير النفط على غرار شركة سومو تتوّلى مهمة تصدير النفط من حقول كردستان وكركوك التي سيطرت عليها بعد احتلالها لكركوك بعد أحداث الموصل إلى دول العالم , حيث أعلنت حكومة الإقليم أنّها لن تخضع مطلقا لشركة سومو , وهذا دليل ساطع على حقيقة نوايا حكومة الإقليم من وراء هذا الاتفاق , وبدورنا نطالب الدكتور حسين الشهرستاني أن يخرج من صمته ويعلن للشعب العراقي عن حقيقة هذا الاتفاق وما ينطوي عليه من تنازل مذّل وضياع لحقوق الشعب العراقي في الوسط والجنوب , فمن غير المعقول ولا من المقبول أن يلزم الدكتور الشهرستاني وكتلته هذا الصمت ويتركوا الدكتورة حنان الفتلاوي لوحدها تدافع عن السياسة النفطية التي رسمها بنفسه , فهذا الاتفاق باطل ومخالف للدستور العراقي والقوانين النافذة , والسكوت عنه هو سكوت على الباطل يا جناب مهندس السياسة النفطية العراقية .