18 ديسمبر، 2024 10:21 م

ما الذي يحدث :التنافس الديمقراطي ام الانشقاقات والصراعات؟

ما الذي يحدث :التنافس الديمقراطي ام الانشقاقات والصراعات؟

تتميز المرحلة الحالية التي يشهدها المسرح السياسي العراقي بالترقب وعمليات التفاوض العلنية والمخفية التي تتم في الغرف الخلفية لمؤسسات الدولة السياسية لعقد وانفاذ الحوارات والاتفاقات والصفقات ,حيث تقوم الطبقة السياسية المكونة من رؤساء الكتل والاحزاب الكبيرة بعقد الاتفاقات على الرئاسات البرلمانية والجمهورية والحكومة القادمة من رئيس و وزراء ويبدو أن سير العملية السياسية والتشظيات التي شهدتها الكتل المكوناتية او الطائفية والتي أدت الى عدم قدرة الاحزاب والكتل السياسية على ابقاء تحالفاتها المكوناتية بسبب التنافس الشديد داخل التحالفات بين مكوناتها الحزبية على المناصب مما أدى الى عدم اتفاق احزاب وقيادات السنة على ترشيح مرشح واحد الى رئاسة البرلمان واضطرارها الى الذهاب الى جلسة البرلمان لأجراء عملية اختيار لرئيس البرلمان من خلال الاقتراع على عدد من المرشحين وحدوث الاتهامات ببيع المنصب وغيره من لغط واشاعات .
كما ان الكورد لم يستطيعوا لحد الان الوصول الى اتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الجمهورية وخصوصا أن الحزبين الرئيسيين يطالبان بالمنصب بينما كان هناك اتفاق عند تشكيل الحكومات السابقة بأن منصب رئيس الجمهورية من حصة حزب الاتحاد الوطني ومنصب رئيس الاقليم من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني مما قد يؤدي الى الذهاب الى قبة البرلمان لطرح مرشحيهم على التصويت . والذهاب الى التصويت سيؤدي الى اكثر من جولة لكون منصب الرئيس بحاجة الى نسبة من الصعب الوصول اليها من دون صفقة وفي مثل هذا الوضع قد لا يمكن تحقيقه من الجولة الاولى لكون الاصوات ستتشتت في الجولة الاولى ولا يمكن جمع النسبة المطلوبة لأي مرشح ويبدو أن هذا ما سيحدث. على جانب المكون الشيعي اضطرت الكتلتان الكبيرتان (كتلة سائرون وكتلة الفتح) الى التنسيق المباشر بينهما بعد التنافس الشديد السابق بينهما للاتفاق على المرشحين وكيفية دعمهم وخصوصا رئيس الوزراء القادم.
السؤال هو هل ان سبب هذا التشظي داخل الكتل المكوناتية هو التنافس على المناصب مما ادى الى عدم قدرتها على الاتفاق ام أن سببه هو تطور العملية السياسية في العراق الى مرحلة الخروج من التخندقات المكوناتية وأن ذلك جزء من التطور الطبيعي لأي عملية سياسية ديمقراطية بغض النظرعن المساويء التي حدثت خلال ال15 سنة السابقة بسبب التخندقات والصراعات.
العملية الديمقراطية وتعدد القوى وعدم وجود قوة كبيرة متفردة تستطيع السيطرة على الشارع هو في صالح اي عملية سياسية لان ذلك سيؤدي الى تطور صيغ الحوار والمباحثات بين الاقوياء لأن الجميع يعرف أن التهديدات والاتهامات لن تفيدهم شيئا طالما أنه لا يستطيع السيطرة على الشارع كله مهما بذل من جهد , وسيضطر للذهاب الى استخدام لغة التفاهم والحوار الناعم للوصول الى اتفاقات يعطي فيها للقوى الاخرى بعض التنازلات مقابل حصوله على تنازلات اخرى من قبلهم .وقد شهدت الساحة السياسية قبل اكثر من اسبوع انتشار لغة التهديد والوعيد بين الاحزاب والكتل السياسية ويبدو انهم ادركوا عدم فائدة هذه اللغة وعدم امكانية وصولهم من خلال ذلك الى نتائج مفيدة. الايام القادمة ستشهد وضوحا في الرؤيا كلما تقدمت عملية تشكيل الحكومة القادمة.