ما يجري في السعودية يهددها بالانهيار والزوال ، فمنذ وصول الملك سليمان بن عبد العزيز سدة الحكم في كانون الثاني من العام ٢٠١٥ ، والسعودية تتصدر العناوين في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والصحف العربية ونشرات الاخبار في الاذاعات ، وذلك بفعل ممارسات ومسلكليات الابن المدلل ” المنفتح ” الذي كسر كل مواريث الحكم وكل الاعراف التي بنيت عليها مملكة ال سعود من مشيخات النفط ، حيث انقلب على ابن عمه وزير الداخلية في حينه محمد بن سليمان ولياً للعهد ، ولم يكتف بذلك بل أصر على تصفية ما تبقى من يهدد حكمه، في ما اصبح يعرف بليلة ” السكاكين الطويلة ” ، التي اعلن من خلالها انتصاره على أولاد العمومة وعلى بؤر ” الفساد ” ، حيث تم القبض على الامراء والوزراء بتهمة ” الفساد ” الضاربة اطنابه في مملكة الرمال المتحركة منذ تأسيسها ، حيث نهبوا ثروات الشعب العربي في نجد والحجاز ، وقاموا بتوزيعها على جميع الأمراء والحاشية الملكية المقربة .
ولكن الاعتقاد السائد أن السبب الاساسي والرئيس وراء هذه الاعتقالات وتجميد ارصدتهم في البنوك والمصارف، هو السيطرة على اموالهم وملياراتهم لتمويل حرب السعودية الضارية والخاسرة ضد اليمن ، المسماة ” عاصفة الحزم ” ، التي تسببت بكارثة انسانية للشعب اليمني ، وخلفت الكثير من الضحايا والجرحى والمصابين عدا الكوليرا والمجاعة ، بعد أن أصبحت خزينة السعودية في عجز مالي كبير نتيجة استنزافها في حرب اليمن ودعمها للجماعات التكفيرية المسلحة في سوريا، ودفع الخاوة لامريكا .
ولم يتوقف الامير السعودي عند هذا الحد ، فقد اعدم الشيخ الشيعي السعودي نمر النمر ، وصعد لغته التهديدية لايران وحزب الله ووضعه على قائمة الارهاب لدى مجلس التعاون الخليجي وفي مجلس ما يسمى ب ” الجامعة العربية ” ، وهدد ايضاً بشن الحرب ضدهما ، وقام باجبار سعد الحريري على الاستقالة من منصبه كرئيس للحكومة اللبنانية ، وتحميل حزب الله ما سيعانيه لبنان اثر الاستقالة ، وكذلك اتهامه حزب الله بمسؤوليته عن اطلاق الصاروخ البالستي من اليمن الذي وصل تخوم الرياض ، وكل ذلك بالتزامن مع عمليات التطبيع وتوثيق العلاقات مع الكيان الاسرائيلي ، التي لم تعد خافية على احد .
ولكي يظهر ” انفتاحه ” و” ليبراليته ” سمح الأمير السعودي للنساء في المملكة بقيادة السيارات .
ما يقوم به ولي العهد السعودي القبلي محمد بن سليمان هو نوع من الحماقة والمراهقة السياسية ، وقد اخفق بشكل كبير وواسع في ايجاد أي جهة أو أي صوت اقليمي أو طرف دولي وغربي يتجاوب أو ينحاز لموقفه المتسرع ومزاجه الطائش بخصوص التهديد لايران وحزب الله ، وكان لافتاً الموقف المصري المسؤول العقلاني ، عندما عبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قلقه ازاء تصرفات السعودية وتهديداتها قائلاً : ” المنطقة لا تتحمل مزيداً من الحروب ” ، ولاجل لجم الموقف السعودي المغامر والمقامر والمراهق ارسل السيسي وزير خارجيته سامح شكري لزيارة دول الخليج والاردن الذي اتخذ موقفاً مماثلاً للموقف المصري .
ومن نافلة القول ، ان السعودية تشهد شخصية لم تعهدها من قبل لا هي ولا المنطقة ، شخصية مختلفة ، وانسان طاغية مستبد ومضطهد بزي حداثي وثوب ليبرالي منفتح ، ومهووس الى حد الجنون بالسلطة ، واخضاع كل من يعارضه رأيه وموقفه السياسي ، وتجريده من موقعه وسلطته ، وستشهد الأيام القادمة الكثير من الاحداث ، التي ستترك آثارها وتداعياتها وافرازاتها على مستقبل المملكة العربية السعودية .