حسنا فعل رئيس الوزراء حيدر العبادي عندما عارض منح اعضاء مجلس النواب امتيازات اضافية واعتبرها مخالفة للاصلاحات التي اقرت والتي الغت امتيازات سابقة .. ومهما كانت هذه الامتيازات التي يواصل مجلس النواب مناقشتها تحت قبة البرلمان فهي تلاعب بمشاعر العراقيين الذين يعانون من شظف العيش ليس بسبب ما يتقاضاه المواطن العراقي في العهد الذي يسمى الديمقراطي الجديد من رواتب .. فهي والحق يقال لاتقارن بما كان يتقاضونه خلال الفترة التي سبقت عام 2003 وخاصة خلال فترة الحصار الاقتصادي لكن بسبب تحميل العائلة العراقية معاناة اضافية ومنها ارتفاع اجور الكهرباء ودفع مبالغ اضافية الى اصحاب المولدات الاهلية وارتفاع اجور النقل واجور الخدمات الطبية الى والى والى .. هذه التكاليف الاضافية التي ترهق العائلة العراقية ما كانت موجودة قبل عام 2003 فرغم الرواتب المنخفضة التي كان يتقاضاها الموظف الحكومي او الكسبة من اصحاب المهن الحرة فقد كانت العائلة العراقية تستلم مجانا مفردات المواد الغذائية كاملة دون زيادة او نقصان عن طريق البطاقة التموينية التي باتت اليوم في خبر كان .. اضافة الى تمتعها بالخدمات الطبية والادوية مجانا ناهيك عما يتمتع بها افرادها من مزايا التعليم المجاني الذي كان يحظى باهتمام ورعاية الحكومة ..
صحيح ان النظام السابق كان يعتبر هذه الامتيازات منّة من خلال ترديده المقوله المشهورة التي كثيرا ما كان يرددها صدام حسين بان الشعب العراقي كان اغلبه حفاة وانه استطاع ان ينقلهم من حال الى حال لكن واقع الحال يؤكد ان العائلة العراقية كانت تتمتع بشيء من الخدمات مجانا للتخفيف عن كاهلها .. صحيح ان الحياة التي كانت تعيشها العائلة لاتلبي طموحاتها فهي محصورة في حيز مكاني لايمكن تجاوزه وانها كانت تعيش حالة الاحتراب المستمرة مع دول الجوار لكنها كانت تمتع باستقرار امني داخلي وفق نظام صارم .. لم يكن عضو مجلس النواب في تلك الحقبة من تاريخ العراق يتمتع بامتيازات كتلك الامتيازات التي يتمتع بها عضو المجلس الحالي .. صحيح ان عضو المجلس كان اداة يردد سمفونيته وفق ” نوته ” وضع مفرداتها النظام السابق لايحق له الخروج عن مفرداتها لكنه كان مؤتمن على المال العام يأخذ تخصيصاته المالية وفق سياق الحاجة التي لاترهق كاهل الدولة ماديا ..
اما اليوم فان عضو المجلس يتمتع بامتيازات فاقت حد الاعجاز لا بل انها دخلت موسوعة ” غينس ” حيث يشير مراقبون في الشأن العراقي ان ارتفاع عدد اعضاء مجلس النواب من 275 الى 325 سيزيد من المبالغ التي ستنفقها الدولة على المخصصات والرواتب اذ انها ستكلف الدولة بعد 12 سنة اكثر من ملياري دولار سنويا.. ويزداد المبلغ كلما تقدم الزمن.. في حين ان الخطة الخمسية تفكر في فرض ضرائب غير مباشرة لزيادة واردات موازنة الدولة ومنها على المبيعات..وتعد رواتب اعضاء مجلس النواب ضمن رواتب النواب الاعلى في العالم حيث يتقاضى عضو مجلس النواب الاميركي اقل من 165 الف دولار سنويا ” اي نحو 190مليون دينار عراقي” كما يتقاضى عضو مجلس العموم البريطاني نحو 170 الف دولار” اي نحو 200 مليون دينار عراقي” في حين يتقاضي عضو مجلس النواب العراقي راتبا مقداره اربعة ملايين دينار و مليوني دينار مخصصات منصب و 100% مخصصات شهادة لحملة الدكتوراه و 75% لحملة الماجستير و 45% للبكاريوس و 35% للدبلوم و 25% للاعدادية اضافة الى الرواتب المخصصة للحمايات الخاصة وهي مبالغ كبيرة لاتتناغم مع سياسة التقشف التي يجب تبنيها في ميزانية عام 2016 لمنع انهيار الاقتصاد العراقي بل انها تشجع ايضا على رفع وعدم اصلاح تخفيض رواتب طبقة النخبة من سياسيين اخرين واداريين ومهنيين في كافة القطاعات ومايثير حزننا ان البعض من النواب ممن ما زالت بذرة الخير مغروسة في نفوسهم لايطرحون ويناقشون مايجري من جناية بحق العراقيين اويؤشرون وجود خطأ المفروض تجاوزه وان هذه المبالغ الاضافية
هي من حق عوائل تعيش دون خط الفقر .. فالنزاهة يا اخوتي اعضاء مجلس النواب .. ليست في اطلاق التصريحات والتلميحات والخطب الرنانة الطنانة بل في اكتساب محبة الناس واكتساب محبة الناس هي الغاية وليكن قدوتكم من سبقوكم في المسؤولية ومن كانوا اعلى وجاهة ومركزا منكم ولتاخذوا من سير هؤلاء القادة عبرة لكم ويقال والعهدة على الراوي ان رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي علي جودت الايوبي الذي تقلد المنصب ثلاث مرات وعند عودته من استنبول الى بيروت بعد تمثيله العراق بوفد رسمي لم يكمل سفره بالعودة الى بغداد عن طريق بيروت كما هو مقرر في جدول زيارته الرسمية بل قرر الذهاب الى دمشق لكي يلتقي بالرئيس السوري انذاك شكري القوتلي لهذا طلب من السفارة العراقية في بيروت تأجير سيارة اجرة لنقله الى دمشق ومن هناك عاد الى بغداد وبعد فترة قصيرة من عودته من دمشق وصله اشعار من وزارة المالية بقطع عشرة دنانير من راتبه الشهري وهي بدل ايجار السيارة التي اقلته من بيروت الى دمشق باعتبار انه كان موفدا فقط الى استنبول وبيروت ولم يكن في جدول الايفاد الرسمي مايشير الى رحلته لدمشق وبالفعل دفع المبلغ بلا اي نقاش وكان الراتب الشهري لرئيس الوزراء في ذلك الوقت 130 دينار فقط فما احوجنا اليوم الى 325 علي جودت الايوبي