22 نوفمبر، 2024 11:32 م
Search
Close this search box.

ماهية الإلتزام ومجالات الدعوة

ماهية الإلتزام ومجالات الدعوة

من أولويات ومقدمات الدعوة الى الله تعالى , أن تكون هناك منظومة قيمية وأخلاقية يلتزم بها الداعية ويتمسك بمبادئها المستمدة من شرع الله تعالى ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الوعي العميق لمتطلبات التحرك الاسلامي في اي مجال من مجالات التغيير والتجديد في واقعنا الإسلامي , فالوعي يعتبر المطلب الأساس وبوابة الإلتزام , والإلتزم كما تعرَّفُه معاجم اللغة العربية
بأنه ( . لزم الشيء يلزمه لزماً ولزوماً ، ورجل يلزم الشيء فلا يفارقه. واللّزام : الملازمة للشيء والدوام عليه)

ومن هذا التعريف اللغوي يتبين أن الإلتزام هو مشاركة الداعية للناس في همومهم الإجتماعية والسياسية والاقتصادية وكل ما يتعلق بحياتهم وواقعهم المُعاش , والمشاركة في مواقفهم والوقوف معهم حدَّ الإيثار على النفس , (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ويعتمد الالتزام في الدرجة الاولى على الموقف الواعي والمدرك الذي تقتضيه المصلحة الإسلامية والإنسانية , ويكون موقفا واضحا وصريحا وصادقا ويحافظ الداعية فيه على إلتزامه المعهود ويتحمل كامل التبعات التي تترتب عليه, ويكون مصداقا لما جاء في الآية الكريمة ,

(وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحقّ بها وأهلها ) ومن هنا يتبين الهدف الكامن وراء الإلتزام في كشف واقعنا والتعامل معه بمحاولاتٍ جادةٍ لتطوير العمل الدعوي بما يتناسب ومرحلة التغيير التي نسعى اليها كي تتطابق مع دعوة الخير , تلك الدعوة التي بدأها وأسس منطلقاتها نبينا نبي الرحمة محمد (ص ) كما جاء في الحديث الشريف (خير الناس من نفع الناس ) فالإلتزام دعوة خير وكلمة حق تسري بين الناس وتتفاعل معهم على نحو القول والعمل وعلى قاعدة المشاركة العملية لا التنظرية كي نحقق الخير كل الخير للوصول الى الغاية الكبرى والهدف الأسمى مرضاة الله تعالى ورسوله .

حافة القلق وظروفنا الراهنة :

وكما يعلم الجميع بأن هناك أوجه متعددة للإلتزم ومن ضمنها عملية النقد والمراجعة وهذه العملية النقدية ليست سلبية الهدف وليس المقصود منها كما يظنُّ ويعتقد البعض أنْ وراءها الفضح والتفكيك , وهذا ما لا يخطر بذهنية وفكر الدعاة مطلقاً , وإنما هي عملية تهدف إلى الفهم

المتعمق للحالات والظروف والملابسات التي احاقت بالعمل الدعوي ومراجعتها حسب الصيغ المتعارف عليها وحسب متطلبات المرحلة الراهنة وأساليب العمل المتبعة , وإستعادة وتبيان خصوصية المرحلة وتحمـّل أعباء الدعوة الى الله تعالى , والتي ترتكز أساساً على ممارسة المعروف والإحسان والضوابط الأخلاقية والتغيير والإصلاح الإجتماعي الذي تعيشه الجماعة وقواعدها بكل حيثياته ما وه المختلفة شكالوأ الفساد نواعأ لصدي لكوالت, لإصول المجتمعية ا إطار مراعاة من , و ضوعطاءاته تفي المجتمعا فٍينطوي عليه مفهوم المنكر وما يحمله من عبثية وما يخلقه من فوضى وتخلّ(ص مالرسول الأكرالإسلامية وغيرها وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم والروايات الواردة عن بل , عفي حياة الفرد والجماعة والمجتم من القضايا المهمة هبارتبإع طهار ,والائمة الأ وآله)فرد سواء على صعيد ال , في إطار الواجب الذي ينطوي على التلويح بالتحذير والتهديد تْ وضع ( ولتكن منكم وتركه أو إتخاذ موقف مسكوت عنهأالتخلي عنه , ولا يمكن والمجتمع أوالجماعة أذا في ه أيضاً من الجدير ذكرهف ,) عن المنكرإمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون ات ووفق المناخ قد وضع آلية واضحة لهذه الممارسة ( ص وآله)الأكرم محمد أنَّ النبي الصدد ف كاشالجهاز البمثابة تعتبر للفرد والجماعة, إضافة إلى كون هذه الآليةالإجتماعية المتاحة هالمعطلة والمتعثرة وبين الناشطة منالجماعة ا بين الذي تقاس به درجة العمل ميزانالو

ومن تلك الآليات الحديث النبوي الشريف : (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان)

ويُعتبر هذا الحديث الشريف من آليات العمل الاسلامي الدعوي بإعتباره منهج عمل متكامل يفتح الآفاق بإتجاه عملية النقد والمراجعة التي تبتغيها المصلحة الاسلامية العليا و ضمن ثقافة الملاحظة والتدقيق والمراجعة والتصحيح, ولا بد من القول في هذا المجال, ينبغي أن تتضافر كل الجهود وبهمَّة عالية , وبعزيمة قوية لا تلين وعملٍ دؤوب ومؤمل , لتجديد أساليب العمل الدعوي , والتجدُّد المطلوب بما يلائم ماهية الإلتزام , وآفاق السيرة النبوية الشريفة وسيرة أئمة أهل البيت( ع ) , ولاسيما في ظروفنا الإجتماعية والسياسية الراهنة , والحافلة بالقلق والمليئة بالمشكلات , فمن هذه المنطلقات الأساسية والمبدئية سيكون التدافع من أجل النهوض بأعباء الدعوة لله تعالى وتجديد المراجعة والنقد من أجل الارتقاء بكفاءة ومستوى العمل السياسي والإجتماعي والفكري في أوساط الإمة (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) , وما كان هذا الإختيار الواعي لطريق ذات الشوكة إلا إختياراً وتوفيقا (وتودونَ أنّ غيرَ ذاتِ الشوكة تكون لكم ) تمَّ من خلال تبنـِّي مجموعة القيم الإسلامية والأفعال والسلوكيات الحسنة والممارسات الإنسانية التي تهدف الى تقديم ثمرة ذلك الجهد والعمل الدعوي الذي يرمي إلى إثراء الحياة الإنسانية وترسيخ أسس العدالة و الكرامة والحقِّ والدين الحنيف ,
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

أحدث المقالات