23 ديسمبر، 2024 7:06 م

كم رئيس عراقي تم تنكيس أعلام الدول الأقليمية و الدولية لرحيله؟ وكم برقية استفسار من رؤوساء للأطمئنان على صحة نظيرهم الطالباني يحفظها أرشيف التعامل الدبلوماسي الرسمي؟ وهل شهد التاريخ الحديث ” ضياع ” رئيس جمهورية مثلما يحدث في العراق؟ ولماذا تعود المسؤول العراقي التبسمر بالكرسي حتى لو كان برجل واحدة؟ اسئلة أخرى كثيرة عن ارقام النهب و الفضائح وغياب التعامل الرسمي المحترم؟ فكل فريق يمسك بأوراق فضائح ضد الأخر، حتى يشعر المرء بمعول لهدم سفينة العراق لا مجرد احداث ثقب فيها، والمشكلة أن الجميع لم يقدم شيئا الى العراق وأهله سوى اثارة النعرات و التنابز بكل الألقاب.
أين هم جميعا من رمز الكرامة مانديلا الذي غاب وهو يمسك بخيوط شمس الوطنية والتسامح و العفو عند المقدرة، فهو لم ينظر الى ” المترفين الأنكليز من خيرات جنوب أفريقيا من زاوية الأنتقام والذبح على الهوية مثلما يجري في العراق، بل تعامل معهم كمواطنين بلا حقوق سيادية ولا عقد لون او طائفية، انها أخلاق الأسلام التي تغيب عن عقول الكثير جدا من السياسيين في العراق.
هل نحن بحاجة الى مانديلا عراقي أم مكتوب على العراق السير في نفق مظلم لأن المسؤولين فيه لا يعرفون غير التناحر و التزوير واختلاق المشاكل من ” تحت طقاطيق الأرض” مثلما يقول المصريون، رغم أن شعب العراق فيه من أخلاق مانديلا ما هو كثير جدا، وفيه من صبر العقلاء ما تنوء الجبال بحمله، لكن ايضا هناك فريق المتملقين في كل زمان ومكان من الزيتوني الى العمامة دون المرور بالثوب الأنيق، من الخوف الى المجاهرة بالكبائر ، من الرفيق الى السيد ومن العاقل الى المعتوه ماليا!!

ونحن هنا لا ننتقص من العانوين و المقامات لكننا نؤشر خللا خطيرا هو الألتفاف على كل ما هو عراقي و التفنن في صناعة الأصنام، و تغيير الوجوه و القناعات بين ليلة و ضحاها، ما يضع المواطن في موقف المصدوم دائما، رغم أن الأخير يتحمل وزرا في تلقي طروحات السياسيين و تناقضاتهم بطيب خاطر، ضمن التسويق لمشروع خطير ” من هو البديل”، وكأننا نجهل أن أكثرية المسؤولين وصلوا مواقعهم بالصدفة و التزكيات الشخصية و التوافقات السياسية، ما فوت الفرصة على دور الكفاءات و جعل من الحاجة الى 100 مانديلا أسبقية مطلقة لكسر حاجز الخوف في النفوس بطي صفحة الماضي و الأنتصار الى عرقية جميع الطيبين، هذه الخيمة التي يتفيأ بظلها الخير و ينهزم أمام عنوانها أعداء المحبة و السلام.

كل شيء ممكن في العراق الا انتظار الفرج من بين سواعد مسؤولين تخور في وجه الغرباء و تقوى في ايذاء الوطن و تخويف أهله، مثلما سيكون من العبث بمكان تخلي الجميع عن مشاريعهم الطائفية الضيقة جدا، فهناك من ينفخ في غار الفتنة ليل نهار و من يقبض الثمن حسب شدة اللهب وعدد الضحايا، و الا كيف يفسر المسؤولون ” عن عروشهم فقط” عودة الجثث مجهولة الهوية و القتل الجماعي و الخرق الأمني المتواصل، الذي يقدم للعالم صورة وكأن دولة العراق أصبحت في حدود المنطقة الخضراء فقط.

مصيبة تلك التي يتم فيها اعادة تفصيل الوطن على مقاسات الأشخاص باستنساخ ممل لتجارب الفشل و الطغيان السياسي، الذي ” ناضل ” قادة ما يسمونه ” العراق الجديد” من أجل ” تخليص شعبنا المظلوم منه” ،بينما بات هذا الشعب يحن الى بعض المحاسن في الأمن و السيادة وحرمة المال العام و هيبة الأخوة العراقية، وهي أساسيات يخاف السياسيون من اعادة تقليب صفحاتها، لأنهم يعجزون عن تحقيق الأقل منها بسبب انشغالهم بكل ما هو في مصلحة غير العراق، ما يفسر رفضهم طي صفحة الماضي و النظر الى عراقية الشخص من باب الولاء لا تصفية الحسابات!!

رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]