إذا أردنا فهم طبيعة الأزمة الإقتصادية الراهنة؛ يتعين معرفة تراكمات السياسات المتوالية للأنظمة العراقية، ومضاعفاتها التي يحركها السوق النفطية، وتمظهرها بالإدارة الريعية، التي تعتمد النفط كمصدر للثروات، وتحويله الى رواتب ومشاريع جلها لخدمة السلطة؟!
مازالت الأزمات الإقتصادية، وتناقضات البلد الغني والشعب فقير، وتداعياتها السلبية على المواطن؛ تدور حول توصيفات مبهمة تهدد مستقبل النظام الإقتصادي.
تطال الدول المنتجة للنفط تحديات ذات تأثير متفاوت، حسب قدرتها وطبيعة نظامها الإقتصادي، الذي يفتقده العراق، نتيجة الإستحقاقات التي تخلف فيها كثيراُ، ما يدعو الى إعتبار الأزمة لحظة يقظة ظرفية في غاية الحراجة.
النفط كمفهوم قانوني وإجرائي، من المفترض أن يكون ملك الشعب، وما الحكومة سوى مجموعة موظفين يستأجرهم المواطن، للعمل بإجور متفاوتة حسب واجباتهم وقدراتهم، وكأنما المواطن هو المالك، وما يستقطع من ثروته ضريبة الخدمات، والدولة كأمين صندوق تأخذ أجرها وخدماتها من 70-80% والباقي يعود للمواطن نفسه.
خلل الإدارة السياسية إنعكس سلبيا على الإدارة الإقتصادية، وجعل من المواطن أجير ينتظر العطف الحكومي من سلطة تنظرة بالتدني، وتعتبر نفسها نخبة مختارة أعلى من الدولة ولا يمكن تغييرها، وقد أُرخ لذلك منذ تأسيس الدولة العراقية التي قسمت الشعب الى فئات، ثم جاء النظام الجمهوري الى تسلط الدكتاتورية التي ترى شعبها عبيد.
الديموقراطية هي الآخرى لم تكن منصفة، وقد تدفقت الإنفاقات المفرطة على السلطة، وتراجع مستوى دخل المواطن، ووسعت الهوة الطبقية، وصار من ينعم بالثراء طرفين لا غيرهما: أما أن يكون الإنسان في السلطة، أو الفساد في القطاع العام والخاص؟!
المشكلة ليسن بقصور الثروة وطرق إستخارجها، بل غياب الرؤية وهيمنة السلطة على الثروات، والدافع بإتجاه الإحتكار الحكومي للموارد التي يشكل النفط 80%، وما زاد الطين بلة، سياسة السنوات من 2003م الى يومنا هذا، التي إعتمدت السوق المفتوح، الذي سبب إرتفاع تكالف المنتج المحلي، وأدى الى ضمور وإضمحلال الصناعة والزراعة؟! والعدائية بين القطاع الحكومي والخاص.
مالكية الشعب للنفط والغاز، نظرية تنطلق من حق دستوري، إذْ ليس من المعقول أن يملك العراق كل هذه الثروات ويحتاج الى 3 ملايين وحدة سكنية و30% تحت خط الفقر وعاطلين بنفس النسبة، ويعتمد النفط مصدر وحيد للثروة؟!
النفط سلاح في المعركة ونفط العرب للعرب، شعارات لم يجني منها العراقيون سوى إستجداء التوظيف من السلطة، وإعتبار الخدمة مكرمة ومنة من المسؤول؟!
مالكية الشعب للنفط والغاز نظرية إقتصادية لأول مرة يطرحها وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي، ويتحقق من خلالها التوازن المجتمعي وإعادة السلطة والثروة للمواطن، وبذلك يكون المسؤول الحكومي هو الأجير عند المواطن، ولا يختلف بيتك أن كنت وزير أو مواطن تعمل في القطاع الخاص، مع وجود الضمان الصحي والإجتماعي، وراتب تقاعدي لكل مواطن؛ إذا بلغ السن القانوني.