يبدو أن الجانب الكردستاني أيقن مؤخرا أن عليه حل المشاكل العالقة، والقضايا المجمدة على الرفوف، بين المركز والإقليم، ولن أتفاءل كثيرا وأقول أن هذه صحوة ضمير، وستجلب لنا راحة البال مع أخوتنا الأكراد “فعسى ان نحب شيئا وهو شر لنا”، لاسيما وأن حكومة الإقليم لها باع طويل خلال السنوات الإثنتي عشرة الماضية، في عرقلة سير عجلات كثيرة، اولها عجلة العملية السياسية إلا مايصب في مصلحتها، وما مصلحتها -كما تراها-إلا في فكرة الانفصال.
بالأمس أعلنت حكومة الإقليم عن نية رئيسها نيجيرفان بالتوجه الى بغداد خلال الأسبوع الجاري، حاملا معه خمسة ملفات هي؛ الموازنة العامة للاقليم، موازنة قوات البيشمركة، ملف المادة 140 من الدستور، المطارات والمنافذ الحدودية وآلية تصدير النفط والعوائد المالية.
من المؤكد أن مايسر كل عراقي -شريف حصرا- سواء أعربيا كان أم كرديا! هو العيش بسلام ووئام مع أبناء بلده وعلى أرضه، ولافرق عنده إن كان من هذه القومية أو تلك، أو من هذه الديانة أو الطائفة أو تلك التي يُطلق عليها (الآخر)، والـ (آخر) هذا سيكون محور حديثي في مقال (آخر) من مقامي هذا، وأعود الى (رباط سالفتنا) هو كاكه نيجيرفان وملفاته، وأود التذكير هنا أن ملف الموازنة العامة للإقليم شأن داخلي يخص الإقليم، وهو مامنصوص عليه في قوانينهم. أما موازنة قوات البيشمركة فهو الامر الذي يلعب فيه الجانب الكردي على حبلين، او فلنقل أكثر من حبل، إذ هو مطلب لايخلو من الطمع كما يقول مثلنا بلهجتنا الدارجة؛ (انطيناه الكراع تناوش الذراع). فقوات البيشمركة أنشئت لحماية المحافظات الثلاث؛ أربيل، السليمانية ودهوك، ولم يكن منصوصا في اتفاق او معاهدة سابقة على وجوب مشاركة البيشمركة في حماية مدن الوسط والجنوب، كما أن هذه القوات تضم منتسبين أكرادا فقط، وتم تعيينهم في مؤسسات الإقليم الأمنية وفق ضوابط حددها برلمانهم، وخضعت لتدريبات داخل الإقليم وخارج العراق، باتفاقات مع دول لم تكن حكومة المركز طرفا فيها، كما أن إداريات البيشمركة من عتاد ومؤونة وملابس وتجهيزات وأرزاق وباقي مفردات الجيش، لم تكن يوما من ضمن مهمات وزارة الدفاع العراقية او رئاسة أركان الجيش فيها، فكيف يكون من واجب حكومة المركز صرف رواتب منتسبي قوات لم تتدخل في ألف باء تأسيسها يوما؟
أما موضوع المادة 140 من الدستور، فأمره ليس بهذه البساطة ياكاكه نيجيرفان، فهي -المادة 140 – تتكون من فقرتين لاغير كما نص عليها الدستور. وتنص الفقرة الثانية فيها على: “المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة”. ومعلوم أن كثيرا من الإجراءات كان الجانب الكردي فيها يشكل حجر عثرة في إتمامها، منها التعداد العام للسكان، إذ يصر الجانب الكردي على اعتماد تعداد جديد وفق النسب السكانية الحالية في محافظة كركوك، بعد التلاعب والتدخل في (تكريدها) وتغيير ديموغرافيتها، بما يخدم غايته وهدفه في تحقيق حلمه في الانفصال. والحديث يطول عن باقي الملفات التي سيحملها معه نيجيرفان الى بغداد (العاصمة الأم) للإقليم وباقي محافظات العراق.